بين رفع العقوبات والصلف الامريكي !
وتواصل أمريكا صلفها وغرورها وابتزازها للسودان، ويصدر المكتب الصحافي لوزارة الخارجية الأمريكية بياناً ممعناً في الاستفزاز والاحتقار قبل أيام قليلة من الموعد المحدد لاتخاذ قرار حول العقوبات.
بالله عليكم تأملوا العبارات التالية في تصريح الإدارة الأمريكية واحكموا عليها بأنفسكم : (إن رفع العقوبات في 12 يوليو الجاري أو بقاءها لا يغيّر شيئاً إذ على حكومة السودان الالتزام بضبط سلوكها)!
قبل أن أدين سلوكنا المخزي في التعامل مع أمريكا مما سأتعرض إليه غداً بإذن الله دعوني أقول إن أمريكا التي نصبت نفسها رقيباً وسيداً على السودان بل رباً أعلى لا يُسأل عما يفعل ، تأمره من خلال هذا التصريح بأن يلتزم بحسن السير وضبط السلوك في كل الأحوال سواء أبقت على العقوبات أم رفعتها! بربكم أي غطرسة وأي تطاول ذلك الذي بلغته تلك الدولة الظالمة التي أكاد أقسم بالله أن عاداً وثمود وفرعون وكل طواغيت الأرض منذ فجر التاريخ ما بلغوا معشار ما بلغته من كبر وطغيان وغرور أثق أنه سيلحق بها ما ألحقه جبار السماوات والأرض بتلك الحضارات الغابرة التي تمردت على سلطانه سبحانه جزاء وفاقاً ..سنة الله في أرضه ولن تجد لسنته تبديلاً ولا تحويلاً.
إذن فأن أمريكا ، شيطان العصر وأكبر منتهك في التاريخ للقيم الإنسانية ، هي التي تحدد للسودان قواعد السلوك السوي وتخرج حتى على شروطها التي تمنح بها (رضوانها وغفرانها) لتقول إن تلك الشروط ليست مرتبطة برفع أو إبقاء العقوبات بما يعني أن السودان ملزم بضبط سلوكه وفقاً لمعاييرها هي بغض النظر عمّا تمارسه ضده أو تفرضه عليه من قرارات ظالمة.
ولكن لماذا ندهش من تلك اللغة وذلك السلوك الأمريكي غير الأخلاقي وقد مارسته مع السودان ، الذي ظل يلدغ من ذات الجحر مرة تلو المرة ، منذ عقود من الزمان وكانت تعده في كل مرة بالمن والسلوى إن فعل ما تريد ثم تنكص على عقبيها وتتجاهل ما وعدت به حين يستجيب لمطالبها؟!
وعدت السودان برفع العقوبات وإخراجه من قائمة الإرهاب إن أبرم اتفاقية نيفاشا بكل عجرها وبجرها، ثم نكصت، ثم طالبت بإبرام اتفاق مع متمردي دارفور مع وعد برفع العقوبات، وما أن وقع السودان اتفاقية أبوجا بحضور ومباركة ممثلها حتى انقلبت عليه مرة أخرى بل سعرت الحرب وألهبت نيرانها ضد السودان.
ثم وقعت الحكومة السودانية وثيقة تمنح الجنوب (استقلاله) بل وسحبت جيشها من الجنوب من طرف واحد بينما لم تفعل حركة قرنق وهي تبقي جيشها الشعبي (مسمار جحا وشوكة حوت) دامية في خاصرة السودان لا تزال (تنتح) في جنوب كردفان والنيل الأزرق ، وكالعادة ، لم تكافئ أمريكا السودان على ما فعل بالرغم من تهافتها واستعدادها لذلك قبل تقديم السودان لتلك التنازلات المجانية إنما شددت عليه الحصار وبالرغم من ذلك تعظ أمريكا حكومة السودان بمكارم الاخلاق وتطلب منها (الالتزام بضبط السلوك)!
في كل تلك الخدع التي مورست عليه ظل السودان هو السودان المخدوع على الدوام الذي يدمن البيع بالمجان والذي لا يجيد في الدنيا غير إحراق الأوراق التي في يده.
رحم الله الفاروق عمر حين قال (لستُ بالخِبِّ ، و لا الخِبُّ يخدعُني) أي (لست بالمخادع ولا المخادع يخدعني) وعندما سئل المغيرة بن شعبة عن الفاروق عمر بن الخطاب قال : (كان له عقل يمنعه من أن يخدع - بضم الياء - وورع يمنعه من ان يخدع).
أمريكا التي ترسل طائراتها من وراء البحار لتمطر الدول الأخرى بالقنابل النووية كما فعلت في اليابان والتي قصفت أفغانستان والعراق وسوريا على بعد آلاف الأميال من ترابها الوطني والتي تدعم وتحرض إسرائيل على احتلال مقدساتنا تتحدث عن الاخلاق وحقوق الانسان وعن (لالتزام بضبط السلوك)!
أمريكا التي أبادت (27) مليون من الهنود الحمر لتحتل أرضهم والتي تنصب على رأسها التاجر شايلوك ، وأعني به رئيسها المجرد من الأخلاق (ترمب) ، ليعيد سيرة أسلافه الكاوبويات الذين أبادوا الهنود الحمر ثم أنتجوا آلاف الأفلام التي وثقوا بها فظائعهم ووحشيتهم التي يتباهون بها ويفاخرون عن كيف فتكوا بأهلها السابقين قبل أن يحتلوا أرضهم ..أمريكا تلك المجردة من القيم الأخلاقية والسلوكية تتحدث عن الالتزام بضبط السلوك!
صدمت ورب الكعبة ولا أقول كدت أتقيأ وأنا أشاهد فيديو يوثق لحملة ترمب الانتخابية يقول فيه عن سياسته حول العراق إنه (لا يوجد عراق) وإنه سيأخذ ثروة العراق وسيأخذ نفطه
I will take away their wealth , I will take the oil
وعندما سئل عن المبلغ الذي يطلبه كمكافأة عن قيام أمريكا بـ(تحرير) العراق قال إنه سيأخذ مقابل ذلك على الأقل ترليون ونصف الترليون دولار ! وتجاهل ذلك المتغطرس عديم الأخلاق ..تجاهل الأهداف الإستراتيجية التي خاضت أمريكا من أجلها الحرب في العراق كما تجاهل كل ما أحدثه الغزو الأمريكي لذلك البلد من موت وخراب ودمار وتشريد لأهله مما ينبغي أن يعوض عنه لا أن تصادر ثرواته وتنهب سيما بعد اعتراف إدارة بوش ممثلة بالوزير (كولن باول) بخدعة وكذبة أسلحة الدمار الشامل. لكن ماذا أقول غير إنها القيم (الإمبريالية) المتوحشة التي تعمل أمريكا الآن على فرضها على العالم وبالرغم من ذلك تتحدث الإدارة الأمريكية عن التزام السودان بضبط السلوك!
ذات الشيء حدث إبان الزيارة الأخيرة التي قام بها ترمب للرياض والتي نهب فيها أموال المملكة مما أعلن عنه قبل القيام بتلك الزيارة المشؤومة التي أكف عن الخوض فيها الآن.
لكن دعونا نسأل ..أليس من حق أمريكا أن تفعل بنا كل ذلك ؟أجاوب غداً بإذن الله تعالى.
الطيب مصطفي
تعليقات
إرسال تعليق