انقلاب الحلو: خيارات متعددة
«1»
فصل أطراف الانقسام في الحركة الشعبية الاسباب والمبررات ، فقد قال الحلو ان سبب اقالة مجموعة عقار وعرمان ، هو انعدام المؤسسية واهدار الفرص السياسية وغياب المانفستو والهياكل القومية ، ويضاف الى ذلك عدم الانصياع لقرارات مجلس التحرير في مارس الماضي مما أدى للاقتتال بين النازحين في منطقة النيل الازرق ، بينما وصفه مالك عقار بانه تآمر حفنة لاعداد طبخة معدة ومعروفة حتى في وسائل التواصل الاجتماعي وحتى الاشخاص الذين سيعينهم الحلو ، وايا كانت التوصيفات والوصم بالكلمات فان الحقائق الماثلة الان ، ان الانشقاق قد حدث بالفعل وان الشقة وصلت لدرجة يستصعب ترميمها بالمناورات ومحاولات الالتفاف ، حيث اقترح عقار ان يبتعد هو وياسر عرمان ومعهم الحلو وتشكيل قيادة مؤقته مع تعهد بان لا يترشح هو او ياسر في مؤتمر قادم ، ولكن الحلو رفض مجرد الحوار بعد قرارات مجلس التحرير وربما لاغلاق اي باب للمناورة وكسب الزمن ، وعليه فان كل معطيات الان تقول اكثر من اي وقت مضى ان انقساما قد حدث ، وثاني الاشارات ان الانقسام فيه الكثير من المزايدة السياسية والرهانات الخاسرة ، فهو بهذا الفهم يكون خصما على العملية السلمية ، ويؤدي الى اضعاف اي امل في سلام قريب ، ومهما كانت نوايا المجموعات الجديدة فان طريقها لتثبيت وترسيخ مكانتها يمر من خلال المزيد من التعنت الى حين تحسس التوجهات العامة ومعرفة قواعد التفاوض وعناصره والمثيرات فيه.
«2»
ان السلام الان يواجه تحديات كبيرة ، ان مما لاشك فيه ان مجموعة عقار وياسر لن تسلم مقاليد القيادة ، فهي تملك التواصل مع اطراف العملية التفاوضية ، بينما الحلو يملك القاعدة الشعبية ، وايا منهما لن يكون المعبر الاصيل عن الاجندة التفاوضية ، وسيكون هناك تعدد «واجهات» و«تعداد» ارادات ، وسيكون كل ذلك خصما على النازحين واللاجئين بشكل خاص ، وسينتظر المجتمع الدولي وقتا طويلا لمعرفة تأثير كل مجموعة وفاعليتها ، ولكن اسوأ سيناريو في كل الاحوال ان تتحول حالة المنافسة هذه الى ارض الواقع والميدان ، وتحدث مواجهات عسكرية تؤدي الى ازهاق الكثير من الارواح ، ان مناوشات محدودة في منطقة النيل الازرق ادت الى سقوط اكثر من 500 ضحية في هذه المعسكرات والاف الجرحى وحالة انفراط أمني وتفتت في النسيج الاجتماعي حيث يتحول الولاء من حركة الى اشخاص ومجموعات قبلية وتيارات متنازعة ، لقد حافظ ابناء جبال النوبة وفي كل مسيرتهم على وحدتهم ، والان فان هناك توترا عاليا وتقاطعات سياسية تنسف هذا التاريخ ، لاغراض سياسية وتعزيز كل مجموعة لنفسها .
«3»
واكثر التحديات تقف شاخصة امام مجموعة الحلو ، فقد اختبر عقار ومن معه الكثير ولديهم تجارب وعلاقات واسعة ، ومطلوب من الحلو القدرة على لم وتجميع شتات الحركة وربما يتطلب ذلك اكثر من النوايا الحسنة لان أغلب ابناء النيل الازرق الان خارج مظلة مجلس تحرير جبال النوبة ، والقيادة العسكرية وعلى رأسها جقود مكوار مازالت مجهولة التوجه والنوايا ، ومطلوب من الحلو بناء جسر علاقات واعتراف دولي واقليمي ، لان كل امور الحركة الخارجية ومكاتبها رهن اشارة عرمان ، سوى مكاتب محدودة في بريطانيا واستراليا ، والقوى المؤثرة في الولايات المتحدة الامريكية وفي العمق الافريقي مازالت مجهولة التوجه ، ويرتبط مع ذلك العلاقات الاقليمية مع الآلية الافريقية والترويكا ، ودول الجوار ، وذات الارتباط بالملف مثل جنوب السودان ويوغندا واثيوبيا ، واكثر الميزات لدى الحلو هو تحرره من الارتباط بالقوى السياسية العقدية ونخص هنا الحزب الشيوعي السوداني وحتى تحالفات نداء السودان وبالتالي هو معني بقضية المنطقة فحسب ، مما لا شك فيه ان المشهد تبدل بكلياته وبحاجة لورقة عمل ومنظور جديد ، ومنهج للتفاوض.
والله المستعان
د.ابراهيم الصديق علي
تعليقات
إرسال تعليق