نهايــــــة مفاوضــــــــات الثلاثة أيــــــام!
بالرغم من تطورات المشهد الخارجي والداخلي
بالنسبة للحركة الشعبية الذي اصبح عامل ضغط على الجلوس في التفاوض حول المنطقتين… التي
تفاقمت اوضاعها الداخلية…. الا ان تعليق جلسات التفاوض بينها وبين الحكومة من قبل آلية
الوساطة الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة ثابو أمبيكى..ينبئ بإشارات غير منطقية في مستقبل
ملف المنطقتين… ولعل ابرز التطورات التي تشكل عامل ضغط على وضعية الحركة الشعبية (قطاع
الشمال) المرتبطة بالأوضاع في دولة جنوب السودان جراء تداعيات الحرب الداخلية العنيفة
بين أنصار الحكومة والمعارضة هناك… وما تبعها من تأثيرات بإعلان المجاعة بعدد من الولايات
مما أدى لإغلاق دائرة الحصار على مناطق سيطرتها بجبال النوبة…..بالاضافة الى التقارب
في العلاقات بين الخرطوم وواشنطن وامكانية التعامل مع ملف السودان باستراتيجية جديدة
توصف بالايجابية…الا ان تباعد المواقف بين وفدي الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال
ادى الى اعلان الوساطة لتعليق محادثات التفاوض …وقررت آلية الوساطة الأفريقية بقيادة
ثابو أمبيكي تعليق الجولة الى وقت يحدد في وقت لاحق….وركزت الجولة (المنتهية) التي
عقدت لثلاثة أيام فقط على بحث وقف العدائيات بعيدا عن القضايا الخلافية الأخرى…وتمسك
وفد الحكومة بأن يكون وقف العدائيات ممهدا الى وقف دائم لإطلاق النار يسهل إيصال المساعدات
الإنسانية للمتضررين من الحرب في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان…لكن في المقابل
شدد وفد الحركة الشعبية على أن يقتصر الاتفاق على الترتيبات الأمنية، مؤكدين عدم الاستعداد
لبدء مفاوضات سياسية كما تمسك مفاوضو الحلو بأهمية نقل المساعدات من خارج الحدود….
وقال الناطق الرسمى باسم وفد الحكومة السفير حسن حامد فى تصريحات صحفية إن الوفدين
عقدا جلسة مباحثات مشتركة بحضور الوساطة الأفريقية، امتدت حتى الساعات الأولى من صباح
امس الاحد، انتهت إلى تعليق المفاوضات، واعتماد بيان مشترك بتوقيع رئيسى الوفدين مساعد
الرئيس إبراهيم محمود عن الحكومة وعبد العزيز الحلو عن الحركة الشعبية..
مرجعية الوثيقة الوطنية..
اعتبر القيادي بالمؤتمر الوطني واحد ابناء
جنوب كردفان سلمان سليمان الصافي ان الحلو يعيش في حقل الغام وان الخروج منه يتطلب
تبني مواقف ايجابية نحو السلام في ملف التفاوض.. مشيراً الى معاناة المنطقة من تخلف…
وقطع بان مسألة تقرير المصير غير واردة ومضيعة للوقت ..بالاضافة الى رفض الحكم الذاتي
باعتبار ان المنطقتين مقيدتين ببروتكول واضح في نيفاشا وهو قسمة للحكم بين الوطني والحركة
الشعبية ،ويجب ان تتم مشورة شعبية وليس تقرير مصير ولاحكما ذاتيا انما على الدور الذي
قامت به نيفاشا … مؤكداً ان نيفاشا لم تعد مرجعية بعد الحوار الوطني وان الوثيقة الوطنية
هي التي تحدد لجنوب كردفان التمييز الايجابي وماهو حجمه ومداه ..وزاد نريد تمييزا في
مجال التعليم والثروة والخدمة العامة..وطالب سلمان المفاوض في الطرف الحكومي عدم فتح
مجالات جديدة والارتكاز على الوثيقة الوطنية وخارطة الطريق.. داعياً الحلو لانتهاج
خط التصالح والسلام..
مبادرات احادية…
وبحسب بيان مشترك للوفدين والوساطة الأفريقية
فإن الطرفين جددا التزامهما بالتوصل الى سلام دائم والمحافظة على المبادرات الاحادية
بوقف إطلاق النار ووقف العدائيات لمصلحة مواطني المنطقتين…وأضاف البيان الصادر عن الوساطة
قرر الطرفان البحث عن طرق لمعالجة القضايا العالقة للوصول إلى مفاوضات ناجحة…ويؤكد
الطرفان فى البيان المشترك التزامهما بالتوصل إلى التسوية السياسية وأنهما سوف يستمران
فى هذه الإرادة الصادقة، واستدامة كل من وقف إطلاق النار الأحادى المعلن من قبل حكومة
السودان.. وإعلان وقف العدائيات من قبل الحركة الشعبية قطاع الشمال… ونوه الطرفان بحسب
البيان الي أن تلك الإجراءات قد ترتب عليها منافع للسكان فى المنطقتين….وأشار البيان
إلى أن الأطراف ستنظر خلال الفترة المقبلة فى كل السبل اللازمة لمعالجة القضايا المتبقية
والتمكن من اختتام المفاوضات بصورة ناجحة…وأعرب الطرفان عن شكرهما للوساطة الأفريقية
والشركاء الدوليين الذين دعموا مسيرة هذه الجولة من المفاوضات.
تمترس في المواقف..لماذا؟
ذهب بعض المراقبين الى أن التمترس خلف المواقف
هو العنوان الأنسب لنهاية لقاء الحكومة وقطاع الشمال المنعقد في الاول من فبراير الجاري
بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا الى عدم رغبة قطاع الشمال في الوصول الى سلام لخلافات
سابقة… وربما غياب دوافع اقليمية ودولية خلف عملية السلام والقدرة فى التأثير على الحركة
الشعبية ، واشار البعض الى دائرة المزايدات السياسية التى دخلت فيها اطراف الحركة الشعبية
سيادة الدولة…
الامر الاكثر وضوحاً في خلافات طرفي النزاع
قضايا الاولوية حسب كل طرف…الحكومة تدعو الى وقف العدائيات بينما الحركة الشعبية تتمسك
بتقديم ملف المساعدات الانسانية… حيث رفضت الحكومة الاغاثة المباشرة من خارج السودان
لمناطق الحركة لمايمثله ذلك من انتهاك للسيادة والقوانين الوطنية…وعدد مفوض العون الانساني
اسباب رفضهم للاغاثة من الخارج في (8) نقاط منها: عدم وجود مبرر لقبول الاغاثة من الخارج
في حين تتدفق المساعدات الداخلية والخارجية من المؤسسات الوطنية والدولية والاجنبية
وفقاً للنظم السارية لكل المناطق المحتاجة والامم المتحدة تصل لاكثر من 900 موقع لتوزيع
الغذاء.. ولان في تقديمها من الخارج انتقاصا من سيادة البلاد وتمكينا للحركة والاعتراف
بها كند للحكومة وهذا لن يشجع على تناسق اجهزة الحكومة في اي اتفاق قادم وسيعمل على
خلق شراكة متشاكسة وغير مستقرة مما يمهد لتطوير مفهوم انفصالي… كما ان ذلك يتعارض مع
المبادئ التوجيهية للجمعية العامة للامم المتحدة التي تنظم دخول المساعدات الانسانية
للدول والتي تنص على احترام السيادة والقوانين الوطنية وتنص على ان الدولة المتضررة
هي التي تطلب الدعم وتحدد اولوياته وتقوم بتنسيق جهود الحكومة… والتجربة السابقة في
شريان الحياة تقول ان اي مساعدات من الخارج ستكون بوابة لادخال اشياء اخرى لاعلاقة
لها بالعمل الانساني مما يؤدي الى تقوية الجهات المعادية واطالة امد الحرب، بالاضافة
الى ان هبوط الطائرات مباشرة في مناطق خارج سيطرة الحكومة يمكن الحركة من نقل قياداتها
العسكرية والسياسية من والى داخل السودان بحرية وتهريب ثروات اخرى..كما ان ذلك يتعارض
مع مسؤولية الدولة في انفاذ القوانين الخاصة بالمحافظة على الصحة العامة والالتزام
بالمواصفات وفقاً للقوانين الدولية والمحلية. ..ومن خلال تسليط الضوء على تصريحات أطراف
التفاوض نجد أن الخلافات إنحصرت في المساعدات الإنسانية وكيفية مراقبة وقف العدائيات،
مع تشدد موقف قطاع الشمال في تلك القضايا ذلك ماجاء في تصريحات مسؤوليها…
فرض عقوبة…
يرى مراقبون ان اللقاءات المباشرة دون الوصول
الى تفاهمات عبر الوسيط دائما ستفشل… حيث اكد المحلل السياسي د/ اسامة زين العابدين
ان لقاءات اديس لايحالفها النجاح لعدم تحديد او فرض نص وعقوبة على الاطراف، من قبل
آلية التفاوض… وحول نتائج اللقاء قال زين العابدين كلا الطرفين لايملكان الارادة السياسية
التي تجعلهما يميزان بين المالات والنتائج ، وتوقع زين العابدين ان يتدخل المجتمع الدولي
في المرحلة القادمة وبالتأكيد سيكون تدخلاً ضد الحكومة السودانية وهذا مايسعى له قطاع
الشمال…مؤكدا ان عدم التوصل لاتفاق في وقف العدائيات يمثل فشلا في مجريات ملف المنطقتين
فصل المنطقتين…
على خلفية تعليق المفاوضات.. دعا نائب والي
النيل الأزرق الأسبق أحمد كرمنو عضو المجلس الوطني لفصل ملف النيل الأزرق عن جنوب كردفان
في عملية التفاوض..وأرجع كرمنو فصل الملفين إلى اختلاف المنطقتين.
وقال إن القيادي في الحركة الشعبية ياسر عرمان
يسعى إلى استغلال القضايا للدخول عبرها إلى المنطقتين ولعب دور محوري في جنوب كردفان
والنيل الأزرق….مشيراً إلى أن تراجع التفاوض بين الوفدين خير دليل على فصل الملفات،
مؤكداً أنه مطلب شعبي لكل أبناء النيل الأزرق…وقال كرمنو إن وفد الحركة الشعبية المفاوض
الآن ينقصه كثير من الخبرات والتجارب، وأبدى عدم استغرابه من عدم رجوعهم عن التفاوض….وكشف
عن أن المجتمع الدولي لا يرغب ولا يرحب بالحركة الشعبية قطاع الشمال، وقال إن تراجع
الحركة عن كثير من الملفات المطروحة على طاولة المفاوضات يفتح الباب واسعاً أمام الحكومة
للتدخل في كثير من الملفات….وأشار كرمنو إلى أن الحكومة تتعامل مع الملف وفق سياسة
(النفس الطويل)…
تقاطعات…
تقاطعات كثيرة تجمع قضيتي جبال النوبة والنيل
الأزرق أبرزها إتخاذها محورا أساسيا لتطبيق سياسة المناطق المقفولة التي قادت فيما
بعد لتهميشها
لتشكل بمرور الوقت قنبلة مكتومة قابلة للإنفجار
في وجه الأحداث فما أن تخمد نيران قضية أثيرت هنا أو هناك إلا وتنشب أخرى توجه الأنظار
بإتجاهها لتأخذ حيزا من الإهتمام الوطني والإقليمي والدولي… وبالطبع فإن التطابق أسوار
تتطاول لتحيط بملفات متعددة مجهولة السيناريوهات…
نفيسة محمد الحسن
تعليقات
إرسال تعليق