خذ الحكمة حتى ولو من فم عرمان



ليس من المستغرب أن يساند عرمان الإمام الصادق المهدي ويؤيد عودته إلى السودان بل الغريب أن يفعل غير ذلك.
نعم ، فقد رد عرمان على منتقدي المهدي من قوى نداء السودان بمن فيهم قادة الحركات المسلحة والحزب الشيوعي السوداني والذين هاجموا المهدي جراء اتخاذه قرار العودة إلى السودان عوضاً عن خيار إسقاط النظام عن طريق الانتفاضة الشعبية أو العنف المسلح.
لا شك البتة أن عرمان خبر السياسة ودروبها بعد أن عركته وعركها منذ شبابه الباكر واقتنع بما اقتنع به الإمام الذي علم أن وجوده خارج الوطن لا يفيده بقدرما يلحق به وبحزبه ضرراً بالغاً .
ماذا أفاد المهدي من بقائه خارج البلاد غير حرمانه من التفاعل مع جماهير حزبه وإخلائه الساحة للأحزاب الأخرى بما فيها تلك التي انشقت عنه واحتفظت باسم (حزب الأمة) تحت لافتات مختلفة لتتمدد وتقنع عضويته بالانضمام إليها وأهم من ذلك حرمانه من التأثير على تفاعلات المشهد السياسي وتحريكه بما يخدم أجندته الحزبية؟
ذلك ما أدركه المهدي سيما وقد اقتنع أن الوطني لم يبد حرصاً على رجوعه إلى حضن الوطن بل كان يماطل ويراوغ بحجج واهية لا تقف على ساقين وهذا ما شهدته بنفسي من خلال محاولات الوساطة التي قمت بها واقتنعت أن المؤتمر الوطني لم يكن متحمساً البتة لعودة المهدي مفضلاً ابتعاده حتى يخلو الجو للوطني ليواصل هيمنته على الساحة السياسية.
أما عرمان فإن ما أقنعه بالعودة أكبر
مما أقنع المهدي فالرجل فقد كل شيء سيما بعد طرده المذل من قيادة قطاع الشمال من قبل عبدالعزيز الحلو الذي انقلب عليه وعلى رفيقه مالك عقار واستولى على قطاع الشمال وحاول عرمان خلال السنتين الماضيتين أن يقاوم ويحرك رفاقه الموالين له في ذلك
القطاع لكنه فشل فشلاً ذريعاً .
علاوة على ذلك فقد انصرفت عنه الدول الغربية التي كانت تدعمه وجاء اتفاق سلام الجنوب الذي نجحت الخرطوم في إبرامه ليزيد طينه بله ويفقده مسانديه من العسكريبن والسياسيين في دولة جنوب السودان وهكذا أصبح الرجل كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى.
لذلك لا غرو أن (ينبطح) عرمان وينحني للعاصفة ويدلي بتصريحه المثير الذي أيد به عودة المهدي إلى السودان ورفض من خلاله التشكيك في موقفه بل (ومواقف القوى المنخرطة في اتصالات من أجل التسوية الشاملة والسلام العادل مع الحكومة) على حد قوله ، ثم تأكيده :(أن كل حرب يجب أن تكون نهاياتها سلام ، وحروب السودان الحالية أفضل طريقة لحلها تتم عبر التسوية السياسية الشاملة والسلام العادل)!!!!!
لا أحتاج إلى توجيه سؤال خبيث للرجل الذي ظل يمثل خميرة العكننة الأكبر في المشهد السياسي السوداني : لماذا الآن يا رجل ولماذا لم تهتد إلى هذه الحكمة إلا الآن بعد مسيرة الموت والدماء والدموع والخراب والدمار والتشريد والأذى الذي الخقته بوطنك وشعبك طوال العقود الماضية؟!
مما زاد من قناعة المهدي وعرمان بالعودة من خلال ما سماه عرمان بالتسوية السياسية الشاملة اللقاءات التي أجراها معهم وفد حزب المؤتمر السوداني في لندن ومعلوم أن ذلك الحزب حقق قفزة نوعية كبيرة في تفكيره السياسي بقراره الذي تجاوز به حلفاءه بمراحل فقد اتخذ قراراً بالمشاركة في الانتخابات القادمة ولذلك فقد سعى لإرجاع حلفائه الأقربين إلى السودان بغرض إبرام صفقة سياسية ربما لخوض الانتخابات بقائمة واحدة.
على كل حال لن أتردد في الترحيب بعودة عرمان وكل الحركات المسلحة حتى نقدم على سلام مستدام يسبق الانتخابات القادمة التي نطمع في أن تنقلنا إلى حكم ديمقراطي راشد نستدبر به الحرب ونحقق به التراضي الوطني الشامل ..أما بعد عودته فلكل حادث حديث.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قرقاش يستقبل وزيرة الخارجية السودانية

مشاركة متميزة للوفد الرياضي بكأس الأمم الإفريقية

حزب الوطن:القوات المسلحة والدعم السريع الضامنان للفترةالانتقالية