مقترح المساعدات الإنسانية ..الشعبية تتجاهل معاناة الأبرياء
لازالت الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو ترفض المقترح الأمريكي
لتوصيل المساعدات الإنسانية الى المنطقتين في خطوة اعتبرت تعنتاً يهدف الى عرقلة اي
جهود تتخذها الحكومة والوساطة الأفريقية بغرض الوصول الى اتفاقيات حول وقف العدائيات
وتوصيل المساعدات الإنسانية الى المتضررين في المنطقتين.
وجددت الحركة الشعبية رفضها للمقترح الأمريكي ابان اجتماعها الأخير
مع الوفد الأمريكي الذي تم بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا ، في ظل موافقة كل من آلية
الوساطة الإفريقية والحكومة السودانية على المقترح. وشدد وفد قطاع الشمال على ضرورة الرجوع الى قيادة الحركة دون الموافقة على التوقيع
على المقترح الامريكي.
تاريخ المساعدات الإنسانية في السودان لم يخلو من الإنتهاكات والخروقات
وهناك كثير من الملفات والوثائق التي تشير للدور المشبوه الذي لعبته المنظمات التي
دخلت بحجة تقديم الإغاثة لكنها كانت لها أدوارها المشبوهة في توزيع الأسلحة كما حدث
في جنوب السودان ودارفور كما أنها قامت بتهجير المواطنين قسراً عن طريق الإغراء والضغوط
والخداع بالسفر إلى اوروبا وإسرائيل للمتاجرة بهم.
وتشير المعلومات الى وجود ارتباط وثيق بين الحركة الشعبية قطاع
الشمال وبعض المنظمات غير الحكومية التى ظلت تتكفل بنقل المساعدات واحتياجات قادة التمرد
وتوصيلها للمعسكرات بمعزل عن المواطنين الذين الموجودن في مناطق سيطرة الحركة ، الأمر
الذي يدفع قيادة قطاع الشمال الى رفض المقترح الأمريكي زهداً في السلام ومحاولة للضغط
على الحكومة في محاولة حدوث شرخ في العلاقة بينها وواشنطن باعتبار ان المساعدات الانسانية
تعتبر احد شواغل الولايات المتحدة، بجانب انها تحاول ارسال الى الولايات المتحدة مفادها
ان الحكومة عاجزة تحقيق السلام في المنطقتين .
ويهدف المقترح الأمريكي لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى كسر الجمود
الذي يحول دون التوقيع على اتفاق لوقف العدائيات وتوزيع المساعدات الإنسانية بين أطراف
النزاع في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، خاصة بعد تمسك الحركة بنقل 20 % من المساعدات
مباشرة إلى مناطقها في النيل الأزرق عبر مدينة أصوصا الإثيوبية الأمر الذي ترفضه الحكومة
جملة وتفصيلاً.
ومثلت المساعدات الإنسانية جنداً رئيسياً في جميع الجولات التفاوضية
بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال وشكلت عائقاً امام الوصول الي سلام بين الطرفين
اذ درجت الحركة على طرح مقترحاتها بتوصيل المساعدات الإنسانية عبر الحدود الدولية ،
في ذات الوقت الذي تتمسك الحكومة بدخول المساعدات من الداخل لجهة أن إدخالها من خارج
السودان دون المرور بالقنوات الرسمية يخالف القوانين الوطنية ، الامر الذي تتفق فيه
الوساطة الافريقية مع الحكومة.
ودائماً مايحاول المتمردون استغلال مسألة المساعدات الإنسانية لجلب
السلاح والمال عبر الطائرات الحاملة للإغاثة بالتعاون مع بعض الجهات الأجنبية، خاصة
وأن الحركة الشعبية قطاع الشمال ظلت تتمسك بضرورة إدخال المساعدات الإنسانية بعيداً
عن الحكومة الأمر الذي يعتبر منافياً مع مبدأ المحافظة على السيادة الوطنية ودائماً
ماتؤكد الحكومة عدم ممانعتها من أن تأتي المساعدات الإنسانية من أي من دول العالم بيد
أنها تشدد على ضرورة أن تخضع الطائرات التي تحمل الإغاثة الي سلطة الطيران المدني بغرض
إتخاذ إجراءات التفتيش والرقابة.
وكان دونالد بوث المبعوث الأمريكي السابق للسودان وجنوب السودان قد إقترح أن تأتي المساعدات
الإنسانية عن طريق طائرات امريكية لكن الحكومة السودانية أعلنتها صراحة بضرورة أن تخضع
الطائرات الي إجراءات الطيران المدني وأن يتم تفتشيها. وكانت الحركة الشعبية قطاع الشمال
قد إقترحت إدخال المساعدات الإنسانية بنسبة 20% عن طريق اصوصا على أن تحمل المساعدات
الطبية، لكنها تراجعت إلى 10 % وهي عبارة عن أدوية لكن الحكومة كانت قد إشترطت أن تخضع
للإجراءات المعروفة للدولة ، وأبرزها التفتيش ذهاباً وإياباً ، وأقترحت الحركة الشعبية
تفتيش الطائرات في اصوصا الأثيوبية قبل الإقلاع بيد أن الحكومة رفضت المقترح جملةً وتفصيلاً لأن الأمر يعتبر تفريطاً
في السيادة الوطنية كما أنه يمكن المتمردين في التحكم في مسار وتوزيع الإغاثة.
واعتبر بوث إن رفض الحركة الشعبية المقترح الأمريكي بتقديم مساعدات
إنسانية إهدارا لفرصة كبيرة لإحداث تقدم في مفاوضات السلام ومساعدة المواطنوين الذين
يزعمون أنهم يقدمون لهم يد العون. وقال بوث وجدت أن بعض زعماء المعارضة السودانية خاصة
المسلحة منها على أتم الاستعداد لتجاهل مصالح ومنافع المواطن العادي من أجل مطامحهم
السياسية الطويلة.“
لاشك أن تمسك الحركة الشعبية شمال بادخال المساعدات الإنسانية من
الخارج هدفه إلغاء سيادة الحكومة على أراضيها الأمر يحتم على الحكومة اخذ الحذر وعدم
توقع اي اتفاق يمنح المتمردين البدء الفوري في توزيع المساعدات الانسانية. كما يتوجب
عليها رفض مبدأ دخول طائرات من الخارج دون علمها وان تحرص على مرور أي طائرة عبر الإجراءات
الرسمية للدولة.
ويتبين من خلال متابعة ملف المساعدات الإنسانية أن للحركة الشعبية
قطاع الشمال مآرب مشبوهة من تمسكها بإدخال المساعدات من خارج السودان تتعلق باستخدامها
غطاء لإدخال السلاح أوتهريب للذهب ، ومن المتوقع أن يكون للحركة اغرضاً أخرى في تمرير المساعدات مباشرة من خارج السودان وربما
هدفت من عمليات توصيل المساعدات من تلك المناطق تهريب الثروات أو تسهيل تنقلات قياداتها
كما حدث خلال الخروقات التي قامت بها في جنوب كردفان خلال الفترة الماضية ونشاطها في
تهريب ثروات البلاد.
رانيا الامين
تعليقات
إرسال تعليق