الحكومة وقطاع الشمال .. جولة التفاؤل الحذر
جسدت الحالة السياسية السودانية ماذهب اليه علماء الفيزياء بان " الاقطاب المتشابهة تتنافر " لكن لاباس ان تحاول الاطراف على تضادها التصافح على قمم الهضبة الاثيبوبية ومحاولة الوقوف المتكرر عند محطة التفاوض حول المنطقتين من جديد جولة غير رسمية تعد الثانية بعد عقد (10) جولات رسمية لم تحرز تقدما يوقف ازيز الرصاص بمنطقتي النيل الازرق وجنوب كردفان .
انها المجحاولة غير المعدودة في قاموس حساب الحلول الرسمية للضايا المعقدة ، فالجانبان بالامس تلقيا دعوة رسمية من الوسيط الافريقي ثامبو امبيكي لمباحثات غير رسمية بعد النجاح الذي اطلقه الطرفان عقب الجولة الماضية والتي حملت ذات الصفة " غير رسمية " قال الطرفان يومها ان تقدما كبيرا حدث حتى ان توقع البعض بلغ حد مشاركة الحركة الشعبية قطاع الشمال في الحوار الوطني ما اضطر الحركة للتوضيح بشان الامل المعقود في ان يلتقي السودانيين تحت قبة الحوار الوطني .
الخرطوم بتفاؤلها الحذر من الجولة المقرر لها منتصف الشهر الحالي ، قالت ان وفدها للمنطقتين سيعقد اليوم اجماعا برئاسة المهندس ابراهيم محمود حامد مساعد رئيس الجمهورية رئيس الوفد اجتماعا بغرض التشاور حول دعوة الوساطة لجولة المفاوضات غير الرسمية المقبلة ، في ذات الوقت الذي اكدت فيه الحكومة اطلاقة الجولة منتصف الشهر الحالي باديس ابابا .
وقال احمد بلال الناطق الرسمي باسم الحكومة ان جلسة المفاوضات غير الرسمية المقبلة تعتبر امتدادا للجلسة السابقة ، وتوقع حسب ما نقله " المركز السوداني للخدمات الصحفية " امس ، ان تكون الجلسة حاسمة ، واشار الي ان الاجندة التفاوضية لم تتغير عن سابقتها مؤكدا جاهزية الحكومة للتفاوض وقال : الحوار مفتوح لمن اراد الدخول فيه .
فيما رجحت مصادر بالوفد الحكومي ان تبحث جولة المقاوضات بند الاتفاقيات الامنية والتي تقود لوقف العدائيات بجانب الوضع السياسي الخاص بالحوار ، مع تمسك وفدهم برفض الحل الرشامل وتوقع الوصول لتفاهمات حوله ، فضلا عن مناقشة ايصال المساعدات الانسانية وان مخرجات الجولة غير الرسمية ستعمل على تحديد نقاط للجولة الرسمية المقبلة .
الوفد الحكومي يتوقع حدوث تقدم كبير في الجولة غير الرسمية المقبلة من المباحثات مع الحركة الشعبية قطاع الشمال ، ويقول د. حسين حمدي الناطق الرسمي باسم الوفد الحكومي للمفاوضات ، ان الاختراق والتحول الذي حدث في مواقف الحركة يدفع للتوقع بحوث تقدم كبير في النقاط الايجابية التي توقفت عندها الجولة غير الرسمية الماضية ، ووصف حمدي مواقف الحركة في الجولة الاخيرة بالعقلانية ، وقال لـ ( الراي العام ) ان مواقف الحركة الشعبية اتسمت بشئ من العقلانية والواقعية سواء اكان في نظرتها الكلية للحوار الوطني او في نظرتها الخاصة لقضايا المنطقتين ، ونوه حمدي الي انه من نقاط الاتفاق في الجولة غير الرسمية الماضية ان نتنعقد جولة غير رسمية لاحقة تمهد للجولة الرسمية ، واكد ان التقدم المحرز سيقود تلقائيا الي الجولة الرسمية التي يمكن ان تقنن وتوثق وتؤطر فيها ما تم الاتفاق عليه .
الحركة الشعبية قطاع الشمال بدورها ، اعلنت تلقيها دعوة رسمية من الالية الافريقية الرفيعة لاستئناف جولة ثانية من المفاوضات غير الرسمية مع الحكومة ، وقالت انه يجري التشاور بين الاطراف حول الزمان والمكان الذي يرجح ان يكون خارج اديس ابابا ، واكد بيان للمتحدث باسم الحركة الشعبية مبارك اردول ، ترحيب الحركة باية دعوة للبحث عن السلام باعتباره خيارا استراتيجيا ، وابدى استعدادها للمشاركة ، مشيرا الي ان الحركة تجري مشاورات مع حلفائها في المجتمعين المدني والسياسي .
ويرى د. حسين كرشوم عضو وفد الحكومةالتفاوضي والخبير في الشان الانساني ، ان الجلسات غير الرسمية التي يمكن للاطراف الحديث فيها بوضوح دونما الزام ويكون فيها الحديث حرا وطليقا دون رقابة يستكشف خلالها الطرفان بعضهما البعض وكل طرف يستطيع قول ما لم يستطع قوله في الجلسات الرسمية ، وقال كرشوم لـ ( الراي العام ) امس ، ان هذه الممارسة جعلت الاطراف تقترب من بعضها ودفعتهما لتحديد الاطر بشكل دقيق لتكمل الجولة الرسمية وضع التفاهمات في قالب رسمي بعد ان استطاع كل طرف ان يقرا الطرف الاخر دون مناورات وسقوفات مستعارة ما يجعل الجميع الدخول في الجلسات الرسمية على ارضية مشتركة متفاهم عليها .
وتوقع كرشوم ان تمضي المفاوضات بوتيرة سريعة جدا دون نتوءات واستدل على نجاح الجولات غير الرسمية مع قطاع الشمال بطلب حركة العدل والمساواة لعقد جلسات غير رسمية مع الحكومة ، وقال انه دليل على ان السودانيين حينما يجلسون مع بعضهم البعض دون قالب رسمي يستطيعون الوصول الي تفاهمات سريعة .
واكد كرشوم ان الجولة الماضية حققت الفصل التام بين قطاع الشمال ومنظومة حركات دارفور ، بان كل حركة تنشد التسوية بعيدا عن الاخرى الامر الذي اذاب الجبهة الثورية ونداء السودان وكل التكتلات التي تستقوي بها الحركات .
واشار كرشوم الي ان بعض النقاط التي تدفع الوصول الي تسوية هي ان الجماعات التي كانت تدعم الحركات دعما معنويا بتوفير وسائل الاعلام والمنابر الدولية او دعمها بالسلاح والعتاد الحربي بعد تطاول الزمن دون نتائج مثمرة بدات تراجع مواقفها من الحركات الامر الذي ادى لتجفيف في الدعم ، بجانب دول الجوار الافريقي التي قال كرشوم انها اتجهت لخلق علاقات مع السودان وخاصة دول الجنوب الذي بدت اكثر جدية وطلبت من الحركات الرحيل من حدودها وطالبت بقوات مشتركة مع لاسودان بجانب التسوية المتسارعة بين الجنوب والحركات المتمردة التي من اشتراطاتها ان تذهب الحركات خارج دولة الجنوب وقال كرشوم ان بعض الحركات عادت الي دارفور وبعضها اثر التسوية مع الحكومة وبعضها طلب المشاركة في الحوار الوطني ومنها ما ذهب الي ليبيا لكن برغم المسوغات لوقف الحرب ما زالت اركان البلاد مشتعلة ، في وقت يراهن الكثيرون في ان تفلح الجولات غير الرسمية بين الحكومة والحركات المسلحة فيما فشلت فيه الجولات الرسمية وتؤسس لاتفاق رسمي يطفئ النيران المشتعلة ويوقف تقدم نيران اخرى .
يحي كشه
تعليقات
إرسال تعليق