حركات للبيع
ظلت حركات التمرد في دارفور منذ
نشاتها تقتات على التناقضات بالمنطقة ، فوجدت رعاية ودعما لوجستيا وماديا وعسكريا
من نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي مستغلة احلامه وجنونه ، ثم استغلت غضب
انجمينا من الخرطوم فاحتضنتها تشاد ، وبعد انفصال جنوب السودان ، استعان بها
الرئيس سلفاكير ميارديت لتوطيد اركان حكمه .
وهبت على المنطقة كثير من
المتغيرات التي احدثت تحولات جاء خصما على متمردي دارفور ، فذهب نظام القذافي ،
وقبله توطدت العلاقات بين انجمينا والخرطوم ، واخيرا انهكت الحرب جنوب السودان ثم
صارت الدولة الوليدة قريبا من الدولة الام ، مما ضيق الخناق على المتمردين الذين
تلقوا ضربات موجعة من الجيش وقوات الدعم السريع كانت قاصمة الظهر لهم في دارفور .
ومنذ الربع الاول من العام الماضي
لم تشهد دارفور مواجهات بين الحكومة والمتمردين ، وكانت اخر معركة في قوز دنقو
نهاية ابريل 2015م ، وفي يناير الماضي بمناطق في جبل مرة تعتبر معقل حركة
عبدالواحد محمد نور .
مرة اخري تتهيا لمتمردي دارفور
تناقضات جديدة في ليبيا ايضا حيث بقايا نظام القذافي ، وقوات اللواء خليفة حفتر
التي تسعي الي السيطرة علي الاوضاع ، لكنها ينقصها الرجال ، فوفرت المال والدعم
العسكري لقادة حركات دارفور الذين نقلوا قواتهم الي جنوب ليبيا للقتال الي جانب
حفتر ضد الثوار ، وتحولت الحركات الي مرتزقة من اجل المال لان مسرح هذه الحركات هي
دارفور وليس ليبيا .
واستغلت حركات دارفور حالة الفوضي
والسيولة في ليبيا ، فصارت تنهب المنقبين عن الذهب والنفط وتعمل في تجارة البشر ،
كل ذلك من اجل المال ، فهي لا تقاتل هناك من اجل قضية بعدما تركت ارضها وساحة
معاركها خلفها ، وباتت بعيدة عن المواطنين الذين تزعم انها حملت السلاح من اجلهم .
التاريخ لا يرحم وذاكرة الشعب ليست
مثل الاسماك ، وسيسجل ان حركات زعمت انتهاج النضال المسلح من اجل قضية عادلة ،
صارت بندقيتها تشتري بالمال لتحقيق مارب صاحبة ، وضللت الشباب باسم النضال وزجت
بهم في انشطة منافية للاخلاق .
والوجه الاخر للامر مقلق كذلك ، فالمعلومات
المتوفرة لدي بعض محموعات الثوار في ليبيا ، تفيد ان اللواء خليفة حفتر يطرح نفسه
حليفا مع الدول الغربية التي تخطط لقصف تنظيم داعش ، بحيث تكون مهمته قتال
المتطرفين علي الارض بغطاء جوي غربي ، مستخدما متمردي دارفور في العملية ، لتجنب
عدم فعالية ضرب التنظيم من الجو فقط كما يحدث في سوريا .
وفي حال افلح حفتر في مخططه ، فان
ليبيا ستعيد الروح لحركات دارفور التي ستجد دعما عسكريا وماديا كبيرا يتيح لها
اعادة بناء نفسها وجذب المزيد من المقاتلين الحالمين بالدينار ، وربما دفعها ذلك
الي التفكير في مغامرات جديدة في دارفور بالاصالة او الوكالة لتنفيذ اجندة يقفون
وراءها .
النور احمد النور
تعليقات
إرسال تعليق