جنوب السودان .. وحدة تنظيم أم دولة؟
نظمت الحكومة المصرية لقاءات مشاورات بين قيادات الحركة الشعبية
الحاكمة والمنقسمة في دولة جنوب السودان في الفترة من (13- 16) نوفمبر، لتوحيد الحركة،
وصدر عن هذه اللقاءات إعلان القاهرة لتوحيد الفصائل، ونقلت وسائل إعلام مصرية جهود
المخابرات المصرية في رعاية لقاءات الأطراف المعنية بوحدة الحركة، وتم توقيع الإعلان
داخل مباني المخابرات المصرية.
الاهتمام المصري بجنوب السودان حالة (أزلية) لاعتبارات عديدة مرتبطة
بالمياه وعلاقة مصر بالسودان القديم، ولمصر دور (أزلي) مع الحركة الشعبية منذ أن كانت
متمردة على الدولة المركزية وحرب السنوات الـ(22)، التي أفضت إلى الانفصال ونشوء دولة
جنوب السودان المضطربة بفعل الحرب الأهلية الجنوبية التي أشعلتها أجنحة الحركة الشعبية
وقيادات جيشها الشعبي، وأوصلت الجنوب إلى حد الدولة المنهارة التي تصدر أزماتها لدول
الإقليم .
تعقيدات الوضع في جنوب السودان وحالة الحرب متاريس تقف أمام إنفاذ
إعلان القاهرة رغم أنه وضع لبنات توحيد الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان، فحرب
الأربع سنوات في جنوب السودان وتعدد الفواعل العسكرية في الجنوب، تتطلب مجهودا إقليميا
ودوليا، وإرادة جنوبية في المقام الأول، وهذه الإرادة غائبة بفعل اتساع دائرة الحرب
والمعارضة المسلحة .
حركة مشار كفصيل للمعارضة المسلحة أعلنت عن رفضه لإعلان القاهرة
لتوحيد الحركة التي كان يشغل فيها منصب الرجل الثاني قبل الإطاحة به، وتتمسك حركة مشار
باتفاق (الإيقاد) الذي ينص على تسميته نائباً للرئيس سلفاكير، وتطالب بإطلاق سراح قائدها
الموجود في جنوب أفريقيا، ويعد فصيل مشار الأكثر تأثيرا في المعارضات الجنوبية المنشقة
عن الحركة والجيش الشعبي .
التقاطعات الدولية والإقليمية في ما يخص الأوضاع في جنوب السودان،
حيث تنشط الإيقاد كمنظمة إقليمية في حل مأزق الجنوب عبر اتفاقية الإيقاد التي أحبطها
واقع الحرب الأهلية، إضافة للدور الذي يبذله المجتمع الدولي، أما الجوار الإقليمي فهو
ليس بعيدا عن الأزمة في جنوب السودان، فالحرب في الجنوب لديها إسقاطات تهدد الأمن القومي
لدول الجوار، والسودان نموذجا، حيث تستغل حكومة الجنوب المعارضة السودانية المسلحة
كجيش احتياطي في حربها الأهلية، وتوفر لهم ملاذات للإيواء والتدريب.
إعلان القاهرة ربما يوحد فصائل سياسية معارضة لحكومة سلفاكير كالتي
يقودها باقان أموم ولام أكول، لكن من الصعوبة بمكان أن تحتمل دولة جنوب السودان براهنها
السياسي وتقلبات الرئيس سلفاكير فصائل عسكرية تستمد قوتها من البعد القبلي والإثني،
فالوضع في الجنوب تجاوز وحدة الحركة الشعبية كتنظيم سياسي، حيث مزق قتال فصائل الحركة
وحدة جنوب السودان وتفكيك مكوناته المجتمعية، فالأولى أن تبحث الحركة في الجنوب توحيد
الدولة والمجتمع بدلاً من دولة الحركة التي تصدر الأزمات الداخلية والخارجية.
وليد العوض
تعليقات
إرسال تعليق