الخرطوم وجوبا … ترسيم الحدود «المموجة»




نهاية الاسبوع الماضي التأم بالخرطوم اجتماع اللجنة المشركة لترسيم الحدود بين دولتي السودان وجنوب السودان، لإعداد تقرير شامل حول توصيف الحدود تمهيدا لترسيمها على أرض الواقع من خلال لجان متخصصة، ولكن هذا الاجتماع بالرغم من أهميته، لم يجد مسألة تذكر لتزامنه مع زيارة الرئيس عمر البشير الى روسيا التي غطت كل المساحات الاعلامية داخليا وخارجيا.
اللجان المختصة بشان ترسيم الحدود بين البلدين، اكدت انها توصلت إلى اتفاق حول 80% من ترسيم الحدود، التي يفوق طولها 200 كيلو متر.
اهمية ترسيم الحدود
ملف الحدود المشتركة بين السودان ودولة جنوب السودان يمثل أهمية قصوى لتحقيق علاقة قوية واستراتيجية بين البلدين، وقال في ذلك وزير الدولة بالرئاسة السودانية، الرشيد هارون، خلال أعمال اللجنة التي انعقدت بقاعة الصداقة بالخرطوم يوم الأربعاء الماضي إن «ملف ترسيم الحدود مهم جدا لتحقيق علاقات استراتيجية بين البلدين»، وقطع الرشيد بأن البلدين عازمان على تحقيق تطلعات الشعبين الشقيقين في الاستقرار والسلام المستدام.
رئيس الجانب السوداني في اللجنة، عبد الله الصادق، قال إن الاجتماع يهدف إلى إعداد تقرير متكامل حول توصيف الحدود بين البلدين تمهيدا لترسيمها على أرض الواقع من خلال لجان متخصصة.
توقعات ايجابية تنبأ بها الجانبان بشأن إحراز تقدم كبير بين الجانبين حول عملية الترسيم والتوافق حول النقاط المختلف حولها
و قال السفير داريوس قرنق، إن الاجتماع يأتي امتدادا لاجتماعات سابقة أوصت بتحديد المناطق المتفق عليها وتلك المختلف عليها بين البلدين، مؤكداً عزم الطرفين على تجاوز التحديات التي يمكن أن تواجه اللجنة بالتعاون والتفاكر المشترك.
اجراءات استباقية
في نهاية اكتوبر الماضي التأم اجتماع للجنة المشتركة لترسيم الحدود بين الدولتين قبل الزيارة التي قام بها رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت مؤخرا الى الخرطوم ، واعلن الطرفان بأن عملية ترسيم الحدود بين البلدين ستبدأ خلال الـستة أشهر المقبلة.
وقال الرشيد هارون، إن الجانبين بحثا ترسيم الحدود بين البلدين والإنجازات التي تحققت والقضايا العالقة، وإعداد التقرير النهائي لرفعه لرئيسي البلدين. وأضاف أن «الجانبين اتفقا على الاستمرار في الاجتماعات المشتركة، ورفع تقرير متكامل خلال الستة أشهر المقبلة حول وضع الحدود، توطئة للشروع في عملية ترسيم الحدود».
وبدوره رئيس المفوضية من جنوب السودان، مايكل ماكوي، قال إن الاجتماع بحث القضايا العالقة، والتقرير الذي سيقدم للرئيسين السوداني عمر البشير، والجنوب سوداني سلفاكير ميارديت، خلال الايام المقبلة. ولفت إلى أن أعمال المفوضية المشتركة تسير بشكل جيد، وسيتم عبرها حل القضايا كافة وستبدأ عملية ترسيم الحدود قريباً. وشدد ماكوي على أن اللجان المشتركة بين البلدين تعمل بتنسيق وتعاون تام لتنفيذ اتفاقية التعاون المشترك الموقعة بين الجانبين. وفي نوفمبر الماضي أعلنت لجنة ترسيم الحدود «تضم 5 من كل جانب»، إن عملية الترسيم للحدود التي يبلغ طولها ألفين و400 كلم اكتملت بنسبة80% على الورق.
مناطق متنازع عليها
تعد منطقة «أبيي» الشهيرة من اكثر المناطق المتنازع حولها بين حكومتي السودان وجنوب السودان، ولكن هناك منطقة اخرى لا تقل اهمية عن ابيي في مسألة الخلاف الحدودي، حيث لم يتم التوصل حتى الآن لتوافق بشأن تبعيتها لأي منهما، وتكتسي المناطق المتنازع عليها -الحدود التي يبلغ طولها 1800 كلم- بين الدولتين أهمية خاصة لتميزها بالكثافة السكانية التي تتجاوز عشرة ملايين شخص ووفرة المياه والثروة الحيوانية، بجانب ما يقال عن توفر عدد من الموارد الطبيعية الأخرى.
و تعد «دبة الفخار» من المناطق المتنازع حولها، هي منطقة تقع على بعد أربعة كيلومترات جنوب منطقة جودة بولاية النيل الأبيض ، ويتمحور الخلاف فيها حول مساحة لا تتعدى كيلومترين شمالا وجنوبا. و «جبل المقينص» وتقع هذه المنطقة في مساحة حدودية بين ثلاث ولايات هي النيل الأبيض وجنوب كردفان بالسودان، وولاية أعالي النيل بجنوب السودان، المنطقة ذات تداخل قبلي يشمل قبائل الكواهلة وكنانة والأحامدة وبعض القبائل الصغيرة، بجانب قبيلتي الشلك والدينكا الجنوبيتين. و «كاكا التجارية» منطقة تجارية حدودية تفصل بين ولايتي جنوب كردفان وولاية أعالي النيل بين خطي عرض 10 ـ 11، و «كافي كنجي ـ حفرة النحاس» وتقع هذه المنطقة في جنوب دارفور، وهي عبارة عن متوازي أضلاع تبلغ مساحته 13 كلم2 وتسكنها قبائل دارفور.
مناطق التماس
الباحثون اعتادوا على ان يطلقوا على المناطق الحدودية اسم مناطق «التماس» لوجودها على الحدود الدولية المقررة، بيد انها في الوقت نفسه تمثل مناطق للتعايش العرقي والتمازج الثقافي والاجتماعي وتقاسم استخدام الارض واستثمارها، لاسيما بالنسبة للقبائل الرعوية في المنطقة.
ويعرف الباحث موسى محمد الدود جبارة في بحثه «دور قبائل التماس في تحقيق التعايش السلمي في مرحلة ما بعد انفصال جنوب السودان» مناطق التماس بأنها «عبارة عن شريط من الأراضي يغطي جانبي الحدود الفاصلة بين جنوب السودان وشماله. وبمعنى أدق تقع مناطق التماس المعنية بين خطي العرض 7و13 درجة شمال خط الإستواء وخطي الطول 14 و34 درجة شرق خط غرينتش.
وتمتد على امتداد الحدود بين الجنوب والشمال البالغة 2010 كم بدءا من ولاية جنوب دارفور من اقصى الشرق على الحدود مع جمهورية افريقيا الوسطى، ولاية جنوب كردفان، ولاية النيل الأبيض، ولاية سنار وولاية النيل الأزرق في الشرق على الحدود مع اثيوبيا. وتتوزع التركيبة الديمغرافية للقبائل والجماعات العرقية حسب الباحث نفسه في 81 قبيلة أي حوالي 14% من مجموع القبائل السودانية.
فشل الترسيم
حينما قرر السودان وجنوب السودان البدء في ترسيم الحدود قبل اكثر من خمس سنوات، فشلت لجنة ترسيم الحدود بين السودان ودولة جنوب السودان في التوصل إلى اتفاق وايجاد تسوية حول النزاع على المناطق الحدودية، وانشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح وفتح المعابر بين الدولتين. و ظلت حكومة دولة الجنوب تتمسك بتسوية النزاع قبل الترسيم بينما تطالب الخرطوم بتحديد خط الصفر والمنطقة العازلة أولاً، حتى توصل الجانبان الى تفاهمات ايجابية قد تفضي خلال الفترة المقبلة لنتائج ايجابية حسب الطرفين عدا منطقة «ابيي» التي ربما تواجه خلافات اكثر تعقيدا عن بقية المناطق.

اسمهان فاروق


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قرقاش يستقبل وزيرة الخارجية السودانية

مشاركة متميزة للوفد الرياضي بكأس الأمم الإفريقية

حزب الوطن:القوات المسلحة والدعم السريع الضامنان للفترةالانتقالية