نصيب الجبهة أم مصير السودان؟!
* مجموعة أخطاء متتالية وقعت فيها قوى الحرية والتغيير فيما يتعلق بالجبهة الثورية التي تعد احد مكوناتها.
* الخطأ الأول هو تجاوزها في المراحل الاولى من التفاوض مع المجلس العسكري عقب سقوط المخلوع، وإذا كان المبرر هو عدم إمكانية حضور وفد منها الى الخرطوم خشية الاعتقال أو الطرد كما حدث لوفد الحركة الشعبية شمال (جناح مالك عقار وياسر عرمان) كونها في حالة حرب مع النظام الحاكم (المجلس العسكري)، فلقد كان من الممكن أن تكلف أي شخص أو أشخاص من المقيمين في الخرطوم تثق فيهم ليمثلوها، وليس بالضرورة أن يكونوا من القادة، خاصة ان معظم الكيانات الموجودة في الخرطوم نفسها لم تكن ممثلة بالصف الأول. أو كان من الممكن أن تكون حاضرة عبر وسائل الاتصال الحديثة، وتشارك في كل شيء. وجود أعضاء الجبهة الثورية خارج البلاد لمن يكن سببا على الاطلاق في عزلها او انعزالها عن ما يحدث !!
* الخطأ الثاني، استعجال التوقيع المبدئي على الاتفاق السياسي في الوقت الذى كانت تدور فيه مفاوضات بين وفد من قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية في اديس أبابا للتوصل الى فهم مشترك حول النقاط التي يجب أن يتضمنها الاتفاق السياسي مع المجلس العسكري، فإذا بالكل يتفاجأ بتوقيع الاتفاق في الخرطوم الأمر الذى يدعو للدهشة والعجب والتساؤل عن معنى التفاوض الذى كان يدور بين الجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير إذا كانت الأخيرة قد توصلت الى اتفاق مع المجلس العسكري، بل وضعت عليه أحرفها الأولى، وهل سيسمح لها الشريك الآخر مع كل ما عرف به من مراوغة وعناد وتطرف في المواقف والتمسك بالسلطة بإدخال أي تعديل عليه لاحقا في حال توصلها لاتفاق مع الجبهة الثورية؟!
* أما الخطأ الثالث والأكثر فداحة، فهو محاولة تصحيح الأخطاء السابقة وعلاج ما لا يمكن علاجه باستمرار التفاوض معها في محاولة لاسترضائها على حساب التفاوض مع المجلس العسكري على الوثيقة الدستورية والتوصل الى اتفاق نهائي يضع حدا للأزمة السياسية والفراغ الدستوري الذى تعانى منه البلاد منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وتحقيق مطالب الجماهير، ولا أستبعد أن يفتح التأخير الباب واسعا أمام المجلس العسكري لشراء المزيد من الوقت وإرهاق خصومه وتشظيتهم ومواصلة مراوغاته ومؤامراته للتمسك بالسلطة وفرض سياسة الأمر الواقع، خاصةً مع اللقاءات السرية التي جرت بين نائب رئيسه (حميدتى) وبعض فصائل الجبهة الثورية (حركة تحرير السودان جناح أركو مناوى، وحركة العدل والمساواة جناح جبريل إبراهيم) في العاصمة التشادية (انجمينا) في الشهر السابق، ولا يدرى أحد ماذا تمخض عنها، وكلنا نعرف من هو (مناوى) وإجادته للعبة القفز فوق المقاعد !!
* على ذمة الزميل الصحفي الاستقصائي القدير(عبدالمنعم سليمان)، فإن حادثة طرد رئيس حركة العدل والمساواة (جبريل إبراهيم) والمحسوب على حزب المؤتمر الشعبي الإسلامي، بواسطة السلطات الإثيوبية من (أديس أبابا) أثناء وجوده هناك للمشاركة في المفاوضات مع قوى الحرية والتغيير قبل السماح له بالبقاء بعد تدخل الاتحاد الأفريقي، تعود الى ان المخابرات الإثيوبية رصدت له عدة اتصالات داخل السودان وخارجه، يتعهد فيها بالعمل على عرقلة الاتفاق، ويتحدث عن هشاشة الوضع الإثيوبي الداخلي، وضآلة دور الوسيط الإثيوبي !!
* في رأيي الشخصي، فإنه لم يكن هنالك داعٍ لتأخير التفاوض حول الوثيقة الدستورية لاسترضاء الجبهة الثورية، رغم تقديري لها، وكان من الممكن معالجة الخطأ بعدم إشراكها في الاتفاق بإلحاقها فيما بعد .. ودعونا نكون صريحين هنا، فهي ليست ذات ثقل ميداني أو شعبي يُذكر، وإذا كان لا بد من تأجيل المفاوضات حول الوثيقة الدستورية وتأخير الوصول الى اتفاق نهائي، كان من الأحرى أن يكون ذلك لإشراك الحركة الشعبية (جناح الحلو)، وحركة تحرير السودان (جناح عبدالواحد) اللتين تتمتعا بثقل شعبي وميداني كبير جدا، وأي اتفاق بدون مشاركتهما فهو اتفاق ناقص بدون شك يعيق بشكل كبير تحقيق السلام في السودان الذى كان أحد مطالب الثورة المجيدة !!
* السؤال الذى لا بد أن نطرحه ونجيب عليه بكل شجاعة الآن هو: أيهما أهم، نصيب الجبهة الثورية، أم مصير السودان ؟!
مناظير – زهير السراج
تعليقات
إرسال تعليق