في أباطيل دعواهم لحل قوات الدعم السريع.. الحزب الشيوعي والغيبوبة الإستراتيجية”
إن السند
الشعبي لقوات الدعم السريع، وأدوارها الفعالة في حراسة الثورة السودانية وتأمين
الوطن، جعلها مصدر فخر وإعتزازٍ كبيرين للشارع السوداني، مما دعا شباب الثورة وبعض
الناشطين للعمل على تسيير مليونية شكر للمجلس العسكري والدعم السريع الخميس
الماضي، وبصراحة أعتقد أن الدعم السريع يستحق أكثر من ذلك، في ظل الضغوط المتراكمة
على هذه القوات المتواجدة ليلاً ونهاراً، وفي كل الظروف، لحراسة مكتسبات الثورة،
وذلك بسبب إيمانهم بقضية الوطن، فكان هذا الجُهد المبذول محل إتفاق لكثير من القوى
السياسية والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني والأهلي، على الرغم من أصوات
النشاز، التي كانت ولا تزال تسبح عكس التيار!.
القيادات
اليسارية و”الشيوعية” – الذين يقودون الصراع الثوري السوداني، والذين هم أقرب لصفة
“الناشطين السياسيين” من كونهم يمثلون “كُتلةً سياسية” – إشتهرت بتاريخها الدموي،
وعقليتها الإقصائية، فقد أثبتوا في كل خطاباتهم وتصريحاتهم وفي كل المحافل
الإعلامية أنهم “أنصاف سياسيين”، بعقليات سياسية طُلابية، خاصه في حملاتهم
الإعلاميه الساذجة ضد منظومة “الدعم السريع”، وهم يتمركزون دوماً في العمل السياسي
التقليدي الذي تجاوز إطار مفهوم الحزبية، ولم يرتقوا لمستوى “الأسس المفاهيمية” في
الفكر السياسي لمفهوم “الدولة الشاملة”، ولايزالون يتقوقعون في ذات الإنشطار
الثقافي منذ عقود!. إذ كيف يُنكرون أن قوات “الدعم السريع” هي مكون هام ضمن مكونات
منظومة القوات المسلحة السودانية؟ وضمن تكوينات المجلس العسكري، ومهامها الأمنية
المتمثلة في حراسة الأمن القومي. وكيف لايستطيعون التفريق بين هذه القوات
“الوطنية”، ومنافسيهم من الأحزاب السياسية الأخرى؟
إن هذه النخب
السياسية “ضيقة الأفق”، تقبع خارج دائرة التطور الدولي الإستراتيجي الذي يُبين أن
الإرادات السياديه والسياسية التي يفرضها توازن القوى الإستراتيجية للدول الكبرى
في العالم “خطٌ أحمر”!، ومايُدهش المراقب أكثر، هو كيف أن “السياسيين” يُريدون تفكيك
القوة العسكرية والمركزية للدولة، وبالتالي إضعاف مقدراتها الدفاعية!، بل وينادون
(بحلها)!.
للأسف أن
“النُخب السياسية اليسارية” تعيش في عوالم خاصة، مُتشكلةً وفق هلامياتٍ لاتمت
للواقع السوداني بأدنى صلة!، فالدعم السريع،
يُمثل قوة عسكرية “سودانية” متطورة، ذاتُ قدرات عالية من شأنها أن تُشكل صورة
القوة السيادية للدولة السودانية، ومن شأنها أن تؤثر بشكل كبير في قوة الإرادة
الإقليمية للسودان، فأي دولة لا تمتلك سلاحاً إستراتيجياً هي غير قادرة علي حماية
أمنها القومي وتأمين مصالحها.
من المهددات
الخطيرة للأمن القومي للدول، أن تٌعتبر الدولة “ضعيفة” من قبل جيرانها ونُظرائها
ومنافسيها، فالدولة الضعيفة ليس لها وجود على منصات التفاوض الدولي في معادلة
“الصراع الإستراتيجي”، هذه البراهين والمفاهيم الإستراتيجية التي تُعنى بمسألة
الأمن القومي لاتعلم النخب الشيوعية عنها إلا كمقدار ثُقب الأوزون بالمقارنة مع
العالم!، فكل بيانات “الحزب الشيوعي”
الرسمية، نجد فيها الحديث عن “حل” الدعم السريع أو
“تفكيكه” وإقصائه من المشهد السياسي والأمني بكل بساطة!
صراحة أدعو
الحزب الشيوعي السوداني “لتأهيل” فكره الإستراتيجي، فهو خرج من رحم دولة
“إشتراكية” وهي الإتحاد السوفيتي، ذات “الإتحاد” الذي تفتت بفعل القوى
الإستراتيجية الليبرالية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ثم إستطاعت “روسيا”
أن تكون دولتها بعد التشتت والتفكك بعد معادلتها لتوازنات القوى الدولية عن طريق
تطوير المقدرات العسكرية، فكيف إذا يُمكن أن يُنادي حزب “سوداني” بـتفكيك قوات
“سودانية” قادرة علي تأمين البلاد وحماية الحدود الجغرافية والسياسية للبلاد في ظل
تقاطعات المحاور والأجندة الإقليمية والدولية؟!.
من أي كهف خرجت
هذه القيادات السياسية التي “تدعي” التطور والحداثة والفكر الحضاري؟!، فهم يريدون
تكوين دولة سودانية “قوية” بعد “إضعاف” مقدرات البلاد العسكرية الحالية، وبناء
قوات عسكرية جديدة تحمل أفكاراً وأيدولوجيات بالية “أُثبت” تأريخياً عدم جدواها!،
بلاعقيدة مركزية للقتال، وبلا دوافع مشروعة بل وبدون حتى أي مبرر منطقي!، والناتج
سيكون قواتاً مسلحة “علمانية” يهزمها “جراد” الصحراء الكبرى وتلتهمها “الضفادع” الإستوائية بلمح
البصر!. إن هذه النخب اليسارية قادمةٌ من “جزيرة” معزولة، ولاعلاقة لها بفكر
“الدولة” بهذا العمق الإستراتيجي، فقط يبقون – على مر الزمان – منكفئين علي
أنفسهم، منشغلين بذواتهم، غارقين في مستنقعات فكرهم “المضمحل” والمحدود!.
بقلم :هند
يعقوب
تعليقات
إرسال تعليق