عرمان ودارفور ... ( الظهور ) من بوابة جمع السلاح
عملية جمع السلاح في دارفور من
القرارات التي وجدت قبولا كبيرا وسط الشارع العام السوداني وفي الساحة السياسية
بمختلف مشاربها باعتباره خطوة في اتجاه تجفيف منابع القتال ومحاربة الصراع القبلي
في الاقليم الذي يعاني من الازمات منذ سنوات ما اعطي الامر اعتبارية اكبر وتجاوبا
في الاوساط الشعبية والرسمية ، وبدا وضاحا اهتمام رئاسة الجمهورية به بل ان نائب
رئيس الجمهورية حسبو محمد عبدالرحمن قام بالامر بنفسه وزار ولايات دارفور المختلفة
للتاكد من نجاح العملية .
لكن الحركة الشعبية قطاع الشما
وكعادتها ظهرت بموقف متناقض لابعد الحدود ففي الماضي كانت تدعو الى ضرورة نزع
السلاح من المواطنين وتقليله ، وان يكون بيد القوات الرسمية فقط غير انه عندما
بدات الحكومة بالحملة استنكرت الحركة الامر ما يعمي ان الامر لايخلو من التكسب
السياسي ضد المصلحة العامة ، حتى ان الاعتراض الذي تقدمت به الحركة لم تقدم له
مبررا مقنعا يجعل الراي العام السوداني يتجاوب معه ، مما يثير تساؤلات حول تصريح
ياسر عرمان الامين العام المقال للحركة ، والذي يبدو انه خرج من العملية السياسية
داخل القطاع ففضل الدخول اليها عبر بوابة دارفور .
قلق وتنفيذ
الحركة الشعبية ابدت قلقها بسبب
عزم الحكومة تنفيذ حملات لنزع السلاح بولايات دارفور وكردفان ، وعدتها خرقا
لقرارات مجلس الامن ومدخلا لمزيد من الاقتتال ، وطبقا لبيان عن المتحدث الرسمي
باسم الحركة مبارك اردول فان الامين العام للحركة ياسر عرمان التقي المبعوث
البريطاني ، الذي يرتب لزيارة السودان قريبا ، وبحث معه حزمة من القضايا على راسها
الوضع في دارفور والمنطقتين .
وابلغ عرمان المبعوث بان سياسة
جمع السلاح التي ابتدرتها الحكومة السودانية هي شرعته لجرائم الحرب ومخالفة
لقرارات مجلس الامن ، داعيا دولة مجموعة الترويكا لرفضها .
والمعروف انه ومنذ منتصف العام
2016م اصدر الرئيس عمر البشير قرارا تم بموجبه تشكيل لجنة لجمع السلاح برئاسة
نائبه حسبو محمد عبدالرحمن وبدات عملها في توعية القبائل باهمية حصر وتقنين
الاسلحة تمهيدا لجمعها ، مقابل دفع تعويضات لاصحابها كنوع من الترغيب ، لكن
الصدامات القبلية العنيفة خاصة بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا بولاية شرق دارفور
عجلت باتخاذ اجراءات فورية لتنفيذ عملية النزع من القبائل وحصره بايدي الاجهزة
النظامية .
وانهي حسبو الجمعة الماضية جولة
شملت ولايات دارفور الخمس لتطبيق قرارات رئيس الجمهورية باشن جمع السلاح على ارض
الواقع ، واعلن من هناك بدء حملة فورية لجمع السلاح ، ومحاصرة السيارات غير
المقننة ، وبسبب هذه الحملة حاول عرمان تشكيل راي عام سالب ضد الحكومة من خلال
المبعوث البريطاني حيث نقل عرمان للمسؤول البريطاني ، بحسب المتحدث الرسمي للحركة
،انزعاج القوي السياسية السودانية والمجتمع المدني السوداني من شرعنه قوات الداعم
السريع متهما هذه القوات بانها هي التي شاركت في جرائم الحرب والابادة الجماعية في
دارفور والمنطقتين .
على الرغم من ان هذه القوات تمت
اجازة قانون لها عبر البرلمان ويتم التعامل معها كقوة نظامية مثلها وبقية القوات
النظامية الاخري حيث تتبع للقوات المسلحة وفق القانون وتتلقي اوامرها من القائد
الاعلي للجيش رئيس الجمهورية .
ولكن الظاهر ان رفض الحركة جاء
لان الامر قامت به الحكومة ، وكان الحركة من خلال رفضها تقول فلتسيل الدماء
وتتقاتل القبائل ويموت الالاف ولكن لا تقوم الحكومة بمشروع يسحب لصالحها على الرغم
من ان الاتهام على مر التاريخ كان ان الحكومة هي من تقوم بتسليح القبائل ، وكان
هذا هو خطاب الحركة في الماضي ولكن الان في نظر الحركة الشعبية فان الحكومة اجرمت
بقراراها الداعي لجمع السلاح وايقاف القتال بين ابناء الوطن الواحد .
مواقف متحركة
ويبدو ان مواقف ياسر عرمان متحركة
ولا يستطيع البقاء في مكان واحد ففي البداية طرح نفسه من خلال الحركة الشعبية
وقضية الجنوب وقاتل في صفوفها لسنوات وبعد فصل الجنوب ظهر بوجه جديد عبر المنطقتين
باعتباره الامين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال ، بل ان الكثيرين يعتبرون
مواقفه المتعنته وخلافة القديم مع الاسلاميين سببا في اطالة امد الحرب في
المنطقتين ، ولكن هذه المرة يبدو ان الرجل حاول التسلق عبر قضية دارفور بعد ان
شهدت العديد من المؤسسات المحلية والاقليمية بانحسار رقعه الحرب في الاقليم ، ولكن
مطالبته الاخيرة بعدم جمع السلاح كانه قصد من خلالها ضرورة اشعال دارفور من جديد واعادتها
لمربع الحرب ، خاصة وان الرجل تم اقصاؤه من قبل عبدالعزيز الحلو ومجموعته من
الحركة الشعبية وابعاده عمليا من قضية المنطقتين .
ويري المحلل السياسي د. اسامة
بابكر استاذ العلوم السياسية بالجامعات ، ان ياسر عرمان يعاني من مشاكل كثيرة ولا
يفرق بين المعارضة والاضرار بالوطن ، ويضيف د. اسامة في حديثه لـ الراي العام امس
، بان عرمان اصبح لا يهمه شئ عن السودان بل انفصل اخلاقيا واجتماعيا عن السودان
وظل دائما يسير عكس التيار وكانه لديه اجنده ضد وطنه ، ولهذه الاسباب تم ابعاده من
قبل ابناء النوبة عن قضيتهم لانهم اكتشفوا انه اكبر معرقل لعملية السلام ، والان
ابناء درافور سيجدون انفسهم مضطرين لابعاده من قضية الاقليم .
ويشير د. اسامة الي ان عملية جمع
السلاح تمت بالتنسيق بين الحكومة والادارات الاهلية وبموافقة المجتمع عامة ، ولكن
عرمان يريد لدارفور ان تخلو ن السلام والا تشعر بالامان لانه يريد ان تظل الحرب
مستعله دائما وان تكون الحكومة مشغوله بهذه الحروب ، ويضيف اسامة في حالة تنفيذ
القرار سيتك محاربة السلاح من قبل المجتمع بكل مكوناته ولا تستطيع الحركات ايصال
السلاح او الذخائر ولهذه يتخوف عرمان من هذه القرار .
الامين علي حسن
تعليقات
إرسال تعليق