كيف تتصورون علاقات السودان المستقبلية بالقوى الاقليمية؟
بعيدا عن الابتهاج الذي شهدته شوارع العاصمة السودانية الخرطوم، بعد توقيع كل من إعلان الحرية والتغيير، والمجلس العسكري الانتقالي، وثائق اتفاق المرحلة الانتقالية، وتفاؤل السودانيين بمستقبل جديد لبلادهم، يسود فيه الحكم المدني، يبرز سؤال مهم ربما لا يكون على علاقة بالداخل السوداني هذه المرة، قدر علاقته بالطبيعة التي ستكون عليها علاقات السودان الخارجية، بالقوى الاقليمية المحيطة والتي كان جانب كبير منها، على علاقة وثيقة بنظام الرئيس السوداني المخلوع عمر حسن البشير.
وكان لافتا حضور العديد من المسؤولين من دول الاقليم، احتفالات توقيع الاتفاق السوداني، من مصر والسعودية وتركيا وغيرها، وقد جاءت معظم تصريحات هذه الأطراف، داعمة للاتفاق السوداني فقد نقلت وكالة الأنباء السعودية، عن مصدر لم تسمه قوله إن “تلك الخطوة تمثل نقلة نوعية، من شأنها الانتقال بالسودان الشقيق نحو الأمن والسلام والاستقرار” داعيا كافة الأطراف إلى “تغليب المصلحة الوطنية، وفتح صفحة جديدة من تاريخ البلاد”.
من جانبه قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، الذي حضر مراسم التوقيع في الخرطوم، إن بلاده ستواصل دعمها للسودان حكومة وشعبا، مؤكدا على وقوف تركيا دائما إلى جانب الاستقرار والسلام والأمن، وهو نفس ما قاله رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي حضر مراسم التوقيع أيضا، حيث قال إن مصر لن تألو جهدًا، في تقديم كل أشكال الدعم الممكن للسودان الشقيق خلال الفترة المقبلة.
وربما تحمل كل تلك التعليقات المؤيدة، طابعا دبلوماسيا قد تختبره التطورات على الأرض، خلال المرحلة الانتقالية، فالحقيقة هي أن معظم هذه الدول لها أهداف مختلفة، فكل من مصر والسعودية بجانب الإمارات والبحرين، تشترك جميعا في كونها أعضاء في تحالف واحد ويعتبر الكثير من السودانيين، أنها كانت الداعم الأكبر للمجلس العسكري، بجانب ما يتردد عن دعم تلك الدول للثورات المضادة في العديد من الدول العربية.
على الجانب الآخر كان لتركيا، علاقات قوية بنظام الرئيس السوداني المخلوع عمر حسن البشير، كما تثار الآن علامات استفهام حول مشروعها الضخم، الذي كانت قد اتفقت بشأنه مع النظام السابق، والخاص بإدارة جزيرة سواكن السودانية، على البحر الأحمر وإقامة مشروعات فيها.
أما مصر وهي الجارة الشمالية للسودان، فقد أشار مراقبون إلى أنها كانت وماتزال تنظر بعين الريبة، للتطورات الحاصلة في السودان وأنها قد تشعر بمخاوف، من انتقال عدوى حكم مدني في السودان إليها، وقد كان لافتا خلال الحراك السوداني الأخير، تنظيم السودانيين تظاهرات خارج مقر السفارة المصرية بالخرطوم، تطالب بعدم تدخل مصر في الشأن السوداني.
والأمر المؤكد هو أن علاقة السودان الجديد، بالقوى الاقليمية المحيطة إذا أكمل طريقه وفق المرحلة الانتقالية، ومضى باتجاه حكم مدني لن تكون على ما كانت عليه في ظل النظام السابق، خاصة إذا انتهى الأمر إلى حكم ديمقراطي.
ويعتبر مراقبون أن الأمر سيتوقف مستقبلا، على الطريقة التي سيدير بها النظام الجديد علاقاته مع القوى الإقليمية، معتبرين أن المصالح المشتركة، هي التي ستحدد طبيعة العلاقة، بصرف النظر عن الاختلافات في طبيعة الانظمة، ومن وجهة نظر هؤلاء فإن امكانية احداث الحكم الجديد في السودان، نقلة اقتصادية تترافق مع حالة ديمقراطية سيكون الفيصل في تحديد علاقات السودان بقوى خارجية، على رأسها دول الخليج، ففي حالة حدوث نهضة اقتصادية ربما يبتعد السودان الجديد، عن اعتماده على دول الخليج ،بحيث تتخذ العلاقة طابعا آخر، ربما ينسحب على العلاقة مع قوى إقليمية أخرى محيطة.
تعليقات
إرسال تعليق