عزل ( عقار ) ... ( الثورية ) بين مطرقة الحوار والضغوط الدولية


اثارت تصريحات الرئيس اليوغندي يوري موسيفيني خلال زيارته الاخيرة للخرطوم التي اكد من خلالها حرصه على تحجيم النشاط السياسي والعسكري للجبهة الثورية والحركات المسلحة بحيث لا تتعدي حركتها النشاط الاجتماعي ، اثار هذا القول كثير من التساؤلات حول مستقبل الجبهة الثورية ، لا سيما وان تلك التصريحات غير المتوقعة من الرئيس الاوغندي جاءت في اطار الاتفاق الثنائي بينه ورئيس الجمهورية عمر البشير .
اتفاق الاعداء
ومن المفارقة ان تصريحات ( موسيفيني ) تطابقت ربما لاول مرة مع ما ذهب اليه  نائب رئيس حكومة دولة جنوب السودان السابق وقائد المعارضة رياك مشار الذي وبحسب تقارير اخبارية قد شارك في اجتماع ثلاثي مع " البشير" و " موسيفيني " الاسبوع المنصرم بالخرطوم .
( مشار ) في مؤتمر صحفي امس الاول ( الجمعة ) بفندق كورال بالخرطوم ، اكد حرصه على استقرار الاوضاع في شمال وجنوب السودان ، وقال انه اتفق  مع البشير للعمل على تجريد الجبهة الثورية والحركات الدارفورية المسلحة من سلاحها حيال تسلم موقعه كنائب لرئيس حكومة الجنوب في ديسمبر المقبل وفقا للاتفاق الذي ابرمه مع رئيس حكومة دولة الجنوب سلفاكير ميارديت في اغسطس 2015م .
وتاتي تاكيدات " موسيفيني " و " مشار " لتحجيم الدور السياسي والعسكري للجبهة الثورية والحركات المسلحة في اطار الترتيبات الجديدة مع السودان الذي تتهمه جوبا بعرقلة عملية الاستقرار في الجنوب من خلال دعم فيصل " مشار " الذي قاد التمرد منذ 15 ديسمبر 2013م ، بينما يتهم السودان كمبالا بدعم الجبهة الثورية والحركات المسلحة من خلال الوجود الواضح ليوغندا في دولة الجنوب .
( الثورية ) ومواجهة الضغوط
في ظل هذه التطورات يواجه تحالف قوات الجبهة الثورية  الذي يضم الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركات دارفور مزيدا من الضغوط التي قد تضعف من نشاطه الميداني لا سيما اذا لم يستجب لدعوات الحوار التي تدعوا لها اطراف دولية بجانب الحكومة .
وبحسب مراقبين فان حالة التباين التي تبدو في مكونات الجبهة الثورية وفي ظل الضغوط المتواصلة قد تؤدي الي حالة من الانقسام او حدوث تغيير واسع بها خاصة عقب اعلان الجبهة الثورية لوقف العدائيات الاسبوع الماضي وتاكيدها باستعدادها للانخراط في الحوار الوطني الذي دعت له رئاسة الجمهورية منذ مطلع العام المنصرم ، واستجابتها للمشاركة في المؤتمر التحضيري الذي دعيت له وفقا لمخرجات اتفاق  " برلين " برعاية المانيا .
*عزل ( عقار )
بالامس رشحت معلومات عن اتجاه الجبهة الثورية لاقالة رئيسها مالك عقار ، وان اقرب المرشحين  للمنصب رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل ابراهيم ورغم انه لم يتثن التاكيد من صحة هذه المعلومات الا ان مصادر داخل الجبهة الثورية اكدت وجود اتجاه لعزل مالك عقار لكنها اشارت الي انه اجراء طبيعي بحسبان ان ( عقار ) قد تجاوز المدة المحددة له في رئاسة الجبهة الثورية ، ولكن مصادر اخري اشارت الي ان عزل عقار ذات علاقة وطيدو بتضجر حركات دارفور من اعلان الجبهة الثورية التي يراسها ( عقار ) وقف اطلاق النار لمدة ستة اشهر وعزمها الانخراط في الحوار الذي دعت له الحكومة .
هذا الاتجاه فسره بعض المراقبين بان حركات دارفور ريما تتخوف من اتخاذ الحوار المرتقب بين الجبهة الثورية اتجاها ثنائيا شبيه الي حد ما بالحوار الذي دار بين الحكومة والحركة الشعبية وافضي لتوقيع اتفاقية السلام الشامل ( نيفاشا ) في العام 2005م .
مراقبون قللوا من ما تواتر عن عزم قيادات بالجبهة الثورية عزل مالك عقار واحلاله بجبريل ابراهيم ، واشاروا الي ان الخطوة لن تؤثر في المسار الذي يمضي بين ( الخرطوم ) و ( كمبالا ) عقب زيارة موسيفيني الاخيرة للخرطوم وما حققته من اتفاقات ، فيما يخشي البعض ان يكون عزل عثار من رئاسة الجبهة الثورية نتيجة مباشرة للحراك الاقليمي الجديد الذي شهدته الخرطوم والذي يهدف بصورة مباشرة الي اضعاف الجبهة الثورية عسكريا وسياسيا .
تراجع ( الثورية )
المحلل السياسي د. صلاح الدين الدومة ، يرى ان الجبهة الثورية ليس لها تاثير في الوقت الراهن لا عسكريا ولا سياسيا في ظل المساعي الدولية الرامية الي الضغط على كل اطراف العملية لاحداث تسوية سياسية تحقق عملية السلام ، هذا الحراك افقد الجبهة الثورية الحلف الاقليمي والدولي الذي كانت تتمتع به .
الدومة اكد ان كل الاطراف المعارضة والحكومة ليس لها خيار سوى الدخول في عملية الحوار وفقا للمقترحات الدولية ، لكنه عاد وقال : ان اختيار جبريل لرئاسة الجبهة يفقدها ولا يزيد عليها وذلك نسبة لقلقة خبرته العسكرية والسياسية رغم نبوغه الاكاديمي مقارنة بـ " عقار " ، وعلل في حديثه امس لـ الخرطوم حدوث هذا الامر لاسباب عدة اشار الي ان اهمها ان يكون الامر خطوة تكتيكية متفق عليها ، او تكون محاولة من الحركات المسلحة للسيطرة علي ( الجبهة الثورية) التي يقودها قطاع الشمال الذي قال انه ينتهج ذات المنهج الذي كانت تمثله حركة قرنق في العمل السياسي مع حلفائها بان تتخلي عنهم في سبيل حصد مصالحها .
فرص خيار السلام
ولكن البعض ذهب الي ان الخطوة كانت طبيعية وفقا لا تفاق داخلي بين الحلفاء يشير الي ان رئاسة الجبهة دورية وليست حكرا علي واحد وكان زعيم حركة تحرير السودان مني اركو مناوي اقوي المرشحين للموقع الا ان الامر لم يتم ، وبالرغم من الحراك الكبير الذي خلقته الجبهة الثورية في الفترة الماضية عبر تحالفها مع المعارضة بالداخل وابرام اتفاق " نداء السودان " باديس ابابا ، وبالتالي ممارسة ضغوط كبيرة علي الحكومة ليس فقط على الجانب الميداني وانما في الاطار السياسي ، الا ان حالة التباين الفكري بين مكوناتها يلعب دورا واضحا في ب\ء العمل التنسيقي سواء على المستوي العسكري او السياسي مما افقدها كثيرا من الوقت .
ولم يخف المحلل السياسي " الدومة " من انه لا خيار للجبهة الثورية في الوقت الراهن سوي الدخول في السلام ، وقال ان الحراك الذي يقوم به " موسيفيني " مدعوم من المجتمع الدولي الذي يقف خلف هذا وزاد : على الجبهة الثورية ان تاخذ تفاهماته مع الحكومة السودانية محمل الجد بخصوص الوجود العسكري والسياسي لها في كمبالا ودولة جنوب السودان وابدي الدومة تحفظا كبيرا حول رغبة الحكومة في تحقيق السلام وعلل بان ترك حمل السلاح يفقد الحكومة المبررات لممارسة كثير من المخالفات الدستورية ، وقال اخشي ان توافق الحكومة على السلام ظاهريا وترفضه باطنا .
الجبهة الثورية تعرضت في الفترة الاخيرة لهزائم عسكرية من قبل الحكومة خاصة في مناطق دارفور من اجل كسر شوكتها ، وقد استطاعت القوات المسلحة من السيطرة على العديد من المناطق في جنوب دارفور عقب معركة قوز دنقو ، لكن الحركات المسلحة تقلل بالمقابل من الحملات العسكرية الموجه ضدها ، واتهمت الجبهة القوات المسلحة مؤخرا بضرب منطقة جبل ( كلقو ) الاستراتيجي في النيل الازرق ، رغم اعلان الجبهة وقف العدائيات لتمرير المعونات الانسانية .
وبهذا فان مستقبل الجبهة الثورية يواجه منعطفا حقيقيا قد يؤثر على وحدتها وبالتالي على حراكها الميداني والسياسي في حالة الضبابية التي تكتنف موقفها من المشاركة في عملية الحوار التي تطرحها خارطة الطريقة ، مما يفرط تساولا كبيرا حول قدرة .
ابراهيم عمر






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قرقاش يستقبل وزيرة الخارجية السودانية

مشاركة متميزة للوفد الرياضي بكأس الأمم الإفريقية

حزب الوطن:القوات المسلحة والدعم السريع الضامنان للفترةالانتقالية