الجبهة الثورية .. فاقد الشيء لا يعطيه
واقع الحال الذي نراه الان من ازمات متكررة ومتجددة ، رمت بظلالها حتى على معاش الناس ، واقتصاد
البلاد الذي مر ويمر بكبوات وعثرات باينة ، هذا الواقع سببه او المتسبب فيه
والمسئول عنه ما يسمي بالجبهة الثورية ، التي منذ تكوينها من شرذمة الحركات
المسلحة تظل تشعل الحرب والنزاعات بمناطق دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان ،
والتي تحولت الى نزاعات قبلية وعرقية في كثير من المناطق .
نزاعات صعدت وسرت كسريان النار في الهشيم الى جسم الحركات المسلحة
نفسها وتحولت الى خلافات ( حادة ) انتهت الى انشطار هذه الحركات وانقسامها بشكل
اميبي ، كانت نتيجته هذا العدد المهول من الحركات المسلحة ، والتي اصبحت اشبه (
بالاقطاعيات ) والمليشيات وقطاعي الطرق ، تزرع الذعر والخوف والهلع وسط مواطنين
ابرياء لا حول لهم ولا قوة ، هم ضحايا ووقود لاطماعهم الذاتية التي لم يرتفع سقفها
حد قبض حفنة من الدولارات والعيش الرغد بفنادق فخيمة خارج السودان .
بالطبع انتقلت هذه الخلافات ( المدمرة ) الي الجبهة الثورية ، وظل
النزاع سيد الموقف طوال السنين الفائته بين قاعدتها ثم انتقل الي القيادة ومن يراس
تلك ( الجبهة ) التي فيما يبدو ثارت على نفسها وكادت تلتهم نيران الخلاف والنزاع جسدها الهش !!
فقد ظل الخلاف يدب في اوصالها الي ان وصل قمتها ، فمن الحين الي الاخر
تتسرب الانباء عن تصفية بعض من عضويتها واحيانا قيادتها ، بسبب اختلاف في الاراء
حول الانضمام الي السلام او الحوار الوطني ، او ربما ادارة شانهم الداخلي ، فحينما
تتباعد الشقة في الرؤي والاهداف ، سيما ان كانت الاهداف اطماعا شخصية وذاتية ، فان
الناتج حتما سيكون دمارا وخرابا وربما انهيارا .
فالجبهة الثورية فيما يبدو وصلت حد الانهيار ، والبيانات ( النارية )
المتبادلة بين قياداتها شاهد على ذلك ، واخرها ما نشب حول من يراس الجبهة الثورية
، فحينما خرج التوم هجو رئيس مكتب قطاع الاعلام ببيان اعلن فيه جبريل ابراهيم رئيس
حركة العدل والمساواة رئيسا للجبهة الثورية ، سارع مبارك اردول الناطق باسم الحركة
الشعبية ببيان مناهض مؤكدا بقاء مالك عقار رئيسا للجبهة الثورية .
بينما اصدر الطاهر الفكي رئيس المجلس التشريعي للعدل والمساواة بيانا
يعضد فيه مسوغات رئاسة جبريل ابراهيم لرئاسة الجبهة الثورية ، وطفقت كل من مجموعة
مناوي وقطاع الشمال يكيل الاتهام الي الاخر ، حرب البيانات هذه تؤكد ان الجبهة
الثورية في مازق خطير وصلت فيه الي مفترق طرق ربما لا تعود منه الى توحدها الاول ،
مازق اقر به مالك عقار نفسه ، في بيان كشف فيه عن مخاطر الصراع التي تمر بها
الجبهة الثورية ، لم تصل بها التراشقات الي حلول .
وهذا اعتراف واضح بفشل هذه الحركات المتحدة المتفرقة لملمة خلافاتها
الداخلية التي فاح ريحها الي خارج الاسوار ، وخرجت الى العلن بعد ان كانت مكتومة
في اطارها المحدود .
والان بعد ان انكشف المستور وبان ( المستخبي ) الذي اظهر ضعفها وعدم
قدرتها على ادارة ازماتها الداخلية ، فكيف لها ان تفلح في ادارة شئون البلاد ، وهي
تمني نفسها و تتطلع لان تصل الي هذا الهدف ، بل كيف لها ان تشارك في حل ازمات
البلاد والتي تضعه شرطا كلما بدات المفاوضات معها للوصول الي سلام في المناطق التي
تشعلها حربا ..
فقد ظلت قيادة الجبهة الثورية تضع شرطا ان يتضمن اجندة التفاوض ،
مناقشة ازمات السودان الاقتصادية والسياسية وكل التحديات التي تواجه السودان ، فكيف
لمن لم يستطع ان يرتب بيته الداخلي ، ان يتطاول على الاخرين ...
د. سامية علي
تعليقات
إرسال تعليق