قطاع الشمال.. صراع المصالح كشف التناقض (3 )




كما قلت كان الصراع غير الظاهر بين التجار الثلاثة عرمان وعقار من جهة ، والحلو من جهةأخرى، هو الذي مهد للانفجار المدوي الذي هز باقي أنقاض  الحركة الشعبية المسمى بقطاع الشمال ،وعجِّل بهذا التداعي الماثل الآن .. الصراع حول السيطرة على المال وإدارة العلاقات الخارجية وملف التفاوض ،
حيث كان عرمان يحرص كل الحرص أن يبعد الحلو عن هذه الملفات الثلاثة، وكان يريد أن يُبقي عليه قائداً عسكرياً ميدانياً يحقق له الكسب العسكري الذي يستطيع الاستمرار به في إقناع الدوائر الخارجية المعادية للسودان ، ووضع أمساكه بملف التفاوض والعلاقات الخارجية وإدارة المال جعلته ولى نعمة على كثير من ضعاف الأقدار والأفهام والنفوس من المرتزقة داخل الحركة الشعبية ، حشدهم عرمان ليمثلوا  له درعاً واقياً أمام صراعه المكتوم مع الحلو، وكان حريصاً أيضاً على تجنيد الحلو بذكاء شديد لضرب وإبعاد قيادات مؤثرة من أبناء النوبة داخل الحركة الشعبية ، وهذا ما نفذه الحلو بغباء شديد أيام الشراكة الثنائية بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في الفترة الانتقالية عقب نيفاشا . الفترة التي حكم فيها الحلو في جنوب كردفان نائباً للوالي أحمد هارون ، حيث ضرب سمعة ومكانة قيادات من الصف الأول والصف الثاني وعمل على إبعادهم مستنجداً بجوبا التي نفذت مطلبه باعتقال تلفون كوكو وفرض الإقامة الجبرية عليه ، حتى حين وافقت على إطلاق سراحه بعد أكثر من عامين نتيجة ضغوط محلية ودولية اشترطت نفيه خارج السودان وحرصت إلا يعود إلى مناطق جبال النوبة إيفاء لالتزامها للحلو في هذا الملف وعلى هذا النسق تم التعامل مع القيادات الأخرى ، وهو ذاته الذي يفسر قرار مجموعة تلفون كوكو بترشيحه لمنصب الوالي في جنوب كردفان من داخل معتقله في جوبا ، وهو الترشيح الذي ضرب صف الحركة الشعبية في مقتل ، حيث حصل تلفون كوكو على أكثر من ثلاثين ألف صوت خصماً على عدد أصوات الحلو التي أتاحت الفوز لأحمد هارون .
هكذا قاد عرمان الحلو إلى اتخاذ هذه المواقف الساذجة وحاول كسب المعركة أمام الحلو وقيادات أخرى من أبناء النوبة بفكرة عصفورتين بحجر. هذا الموقف الجبان من الحلو الذي نفذ المخطط بنجاح أوقر صدر قيادات بارزة من أبناء النوبة علي الحلو جلاب ، تلفون، دانيال وغيرهم ، وهذا أوجد تياراً عريضاً مناوئاً للحلو وهو الذي سيطرح الحلو أرضاً ويطيح به من قيادة قطاع الشمال في القريب وسوف يشرب من الكأس الذي سقى منه مجلس التحرير عرمان عقار شربة هنيئة لن يظمأ بعدها أبداً وضربة قاضية (بالقدوم) في مؤخرة الرأس لن يفيقا من غيبوبتها أبداً .
أم ملف المال في قطاع الشمال، فقد ظل عرمان المسؤول عنه الأول أمام نفسه لا يعرف تفاصيل ما يجري من أوجه الصرف من بنك الجبال سواه .. ووصل الأمر بعرمان من السيطرة والاستبداد ما جعله يصرف من بنك الجبال بمذكرات داخلية يعطي من يشاء ويمنع من يشاء أموال الدعارة والمخدرات والمافيا الأوروبية التي توفرها المنظمات الأجنبية والدوائر الغربية المعادية للسودان وصارت لعرمان وعقار إمبراطورية مالية شركات طيران وعقارات وأرصدة وأبناء النوبة المقاتلين من الجنود والأفراد في الكهوف والجحور يموتون جوعاً تأكلهم السباع والكلاب . هذا الوضع المذري لأبناء النوبة الذين صاروا خداماً لعرمان والحلو وعقار لم يرُقْ للقائد المهتم بالملف المالي في الحركة (نيرون فيليب) فتكونت لجنة تحقيق لمساءلة عرمان عن سوء استخدام مال الحركة لمصالح شخصية ، فتوجهت اللجنة إلى نيروبي بكينيا لمتابعة هذا الموضوع فإذا بنيرون فيليب يموت فجاة في كينيا في ظروف غامضة فاسدل الستار على عمل اللجنة قبل تمام مهمة التحقيق والتدقيق والمحاسبة المالية ..وطرح السؤال الكبير كيف مات نيرون فيليب ؟ .. حمل جثمان نيرون فيليب ودفن إلى جوار يوسف كوة ، وهذا هو السبب الأكبر الذي فجر ثورة أبناء جبال النوبة في الحركة الشعبية ضد عرمان ، أعقب هذا الموت المفاجئ لنيرون اجتماع كبير قرر طرد عرمان وعقار قبل اجتماع مجلس تحرير جبال النوبة الذي اعتمد هذه القرارات بطرد عرمان وعقار من ملف التمرد في جبال النوبة ، وهذا هو سر الانفجار . وعبد العزيز الحلو حين شعر بهذا التوجه الجديد المخيف بادر بالاستقالة كطوق نجاة من عاصفة الطرد التي لن ينجو منها أبداً يوماً ما ..وحاول أيضاً استعطاف قلوب أبناء النوبة ، وهو صاحب القلب القاسي الفظ على قادتهم الأوائل في الحركة ربما من شدة التنافس بينهم منذ أيام يوسف كوة حول قيادة الحركة بطرح استقالته بعث شجون النضال من جديد فلم تأتِ  بجديد عما ظل يتقي به عرمان طاولة التفاوض .. سودان جديد .. النضال ضد المركز الإسلامي العروبي .. تقرير المصير والحكم الذاتي ، وهذا منهج إعلان حرب جديدة، فالحلو لكي ينجو من غضبة غالب أبناء النوبة يطرح مشروع حرب جديدة في جنوب كردفان لكرري خطأه السابق بإعلان الحرب في 2011م فيما عرف بكتمة 6/6 ، فهو وحده من أتخذ قرار الحرب ، لذلك الحلو أشد جرماً وأكثر دموية وحقداً وخراباً ومكراً بعملية السلام والتعايش في جنوب كردفان، وهذه مبررات كافية لطرد الحلو كما طرد عرمان وعقار ..فهل يعي أبناء النوبة هذا الدرس . عرمان حاول التخلص من الحلو منذ وقت بعيد وحاول إقناع الأمريكان بضرورة أبعاد الحلو لأنه ما عاد مفيداً في ملف العمالة والارتزاق ، بحجة أن الظروف الصحية للحلو لا تسمح له بممارسة أعماله ، ولذلك لابد من تغييره وهي محاولات من عرمان للسيطرة على جميع مفاصيل الأمور في قطاع الشمال .. صحيح الحلو فقد سمعه ويعاني من مرض السرطان ولكن أراد عرمان أن تكون اللكمة شديدة ، والحلو اكتشف تآمر عرمان عليه لذلك (اتغدى به قبل أن يتعشى به) .
من الطرائف ذات مرة كان لعرمان وعقار والحلو اجتماع مع أسيادهم الأمريكان،  وبعد نهاية الاجتماع عقدوا مؤتمراً صحافياً ولكي يثبت عرمان للأمريكان صحة كلامه لهم أن الحلو ما عاد قادراً على أعباء العمالة .. جاء إلى الحلو وقال له لا تستعمل سماعة الأذن حتى لا يشكك الأمريكان في تدهور صحتك .. والحلو لا يسمع إلا بالسماعة ، فخدع الحلو ، فترك الحلو السماعة فلما جاءوا إلى المؤتمر الصحافي كان الصحافيون يسألون عرمان ويجيب ، ولما يسألون الحلو يهز رأسه ويضحك ..فصدق الأمريكان قول عرمان واكتشف بعدها الحلو مؤامرة عرمان عليه فدس له الآن الذي دسه ، إن صراع المصالح وتضاربها بين الحلو وعرمان من جهة أخرى هي وراء الانفجار وليس هموم النضال كما ظلوا يكذبون!.
وقيع الله شطة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قرقاش يستقبل وزيرة الخارجية السودانية

مشاركة متميزة للوفد الرياضي بكأس الأمم الإفريقية

حزب الوطن:القوات المسلحة والدعم السريع الضامنان للفترةالانتقالية