خلافات الشعبية.. مواجهة مفتوحة



بصورة متسارعة أخذت الخلافات داخل الحركة الشعبية (قطاع الشمال) تأخذ أبعاداً يصعب معها السيطرة على الأوضاع داخل الحركة، إستقالة نائب رئيس الحركة عبدالعزيز الحلو أشعلت الشرارة التى فجرت الأحداث داخل قطاع الشمال، دخان كثيف تصاعد بعد البيانات المتلاحقة التى أصدرها مجلس تحرير جبال النوبة التابع للحركة بعزل الأمين العام ياسر عرمان من كافة المواقع داخل الحركة بما فيها رئاسة وفد التفاوض مع الحكومة، وتجميد التفاوض مع الحكومة، غير أن كل تلك القرارات اصطدمت بالرفض والإلغاء من قبل المجلس القيادي للحركة برئاسة عقار، وهو جهة أعلي في الهيكل الإداري للحركة من مجلس تحرير جبال النوبة، رفض المجلس القيادي للحركة وإلغاءه لقرارات مجلس النوبة التى تتمسك بقرراتها يجعل المواجهة مفتوحة بين الطرفين على كل الإحتمالات.
تجليات أزمة
 
تجليات الأزمة والخلافات التى ضربت قطاع الشمال بقوة تجلت فى تحدي مجلس تحرير النوبة لقيادة الحركة عندما  أصدرت قرارات يصفها مراقبون بأنها من صميم اختصاص المؤتمر القومي للحركة وهي عزل الأمين العام للحركة وتجميد التفاوض مع الحكومة والإتجاه لتعيين أمين عام جديد ورئيس لوفد التفاوض مع الحكومة، كل تلك المعطيات دفعت عقار وعرمان للمسارعة للقدوم الى كاودا والانخراط في اجتماعات مع مجلس تحرير جبال النوبة لتهدئة الأوضاع ومحاولة إثناء النوبة عن قرارتهم، غير أنهم وعلى مدى أيام اصطدموا بتمسك مجلس تحرير النوبة بقرارتهم، الأزمة المستفحلة داخل الحركة أدت إلى الدعوة لإجتماع طارئ لمجلسها القيادي، والذي قرر إلغاء قرارات مجلس تحرير إقليم جبال النوبة وحله في تطور جديد للأزمة، وانتخاب مجلس آخر مفوض من شعب الإقليم وفق إجراءات سليمة، وشدد على عدم تغيير موقف الحركة التفاوضي ووفدها الذي يقود جولات التفاوض مع الحكومة، وقال رئيس الحركة، مالك عقار، في بيان إن مجلس تحرير إقليم جبال النوبة، جرى تعيينه من قيادة الحركة، وقبل إجازة لوائحه الداخلية ناقش قضايا قومية ليس من حقه مناقشتها ولا تدخل في صلاحياته واختصاصاته، وأضاف “وفي أفضل الأحوال يمكن له الدفع بتوصيات وملاحظات للأجهزة القومية بعد أن يجيز لوائحه ويناقش قضاياه”، مشيراً إلى أن المجلس حاول إلغاء صلاحيات الجهات التي قامت بتعيينه وتقويض صلاحيات المؤسسات القومية، وأوضح البيان أن مجلس النوبة أحدث ضرراً بليغاً بالحركة الشعبية ووحدتها الداخلية وبسمعتها السياسية، مشيراً إلى أن المجلس يفترض أن يعمل مع حاكم الإقليم ويسلمه القرارات، “وهذا ما لم يحدث”، وأكد عقار أن المجلس خلق جسماً قيادياً موازياً ليس من صلاحياته القانونية أو الدستورية، لأنه لم يناقش خطاب رئيس الحركة وحاكم الإقليم في القضايا التي تخص الإقليم، وأعتبر بيان رئيس الحركة الذي صدر في ختام اجتماعات المجلس القيادي القومي للشعبية، استقالة نائب رئيس الحركة الشعبية، عبد العزيز الحلو، مرفوضة و”ليس من حق مجلس النوبة مناقشتها أو البت فيها”، واتهم مجموعة من أعضاء مجلس النوبة ـ لم يسمهم ـ باختطاف قرار المجلس، مضيفاً “بعضهم ليسوا بأعضاء في المجلس، وتوجد وثائق وأدلة دامغة على أن هذه المجموعة قامت بالعمل ليلاً لصياغة القرارات نيابة عن المجلس قبل إنعقاده بفترة طويلة، وهذه قضية يجب التحقيق فيها والمحاسبة عليها”. وذكر أن تقريراً للمكتب القيادي من حاكم الإقليم والأمين العام للحركة بالإقليم وقيادة الجيش الشعبي، أكد تهميش هذه المؤسسات وتجاهلها ولم تؤخذ أراءها في الاعتبار، ما هدد بتماسك ووحدة الحركة والجيش الشعبي.
ثبات الموقف التفاوضي
وشدد عقار على ثبات موقف الحركة التفاوضي بإعطاء الأولوية للقضايا الإنسانية، قائلا إن الحركة “تجدد استعدادها للتفاوض حول الشأن الإنساني فوراً، وتؤكد أنها لن تنخرط في تفاوض سياسي قبل إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وأعرب عن استعداد الحركة للقاء الإدارة الأميركية الجديدة في أي زمان ومكان للتباحث حول تصورها لحل القضية الإنسانية، وتابع “الحركة الشعبية لن تقبل إلا بحل شامل للقضية السودانية يأخذ في الإعتبار خصوصيات المنطقتين ودارفور، ويؤدي للاستجابة لمطالب وأشواق السودانيين في التغيير”، وأشار الى أن قضايا حق تقرير المصير والجيشين وغيرهما يجب مناقشتها باستفاضة وجدية داخل أجهزة ومؤسسات الحركة الشعبية ومؤتمراتها، والوصول لاتفاق ورؤية موحدة حولها، وتابع “حتى يتم ذلك لا يجوز تغيير سياسات الحركة وتوجهاتها المعلنة”، كما أكد رئيس الحركة التمسك بالرؤية المشتركة مع الحلفاء في نداء السودان” والجبهة الثورية وقوى المعارضة الراغبة في التغيير، وأعلن المجلس القيادي للحركة طبقاً للبيان تشكيل لجنة مؤقتة مشتركة لإدارة شؤون جبال النوبة والنيل الأزرق، لمدة ستة أشهر  قابلة للتجديد، ويترأس اللجنة رئيس هيئة الأركان في إقليم جبال النوبة، وفي إقليم النيل الأزرق، يترأسها نائب رئيس هيئة الأركان للعمليات، وحدد البيان مهام اللجنة في البت في القضايا القومية والمصيرية للحركة الشعبية بتوصية للمجلس القيادي القومي، بجانب البت في كل القضايا المتعلقة بالوضع السياسي والأمني في المنطقتين، وقال “على لجنة الإقليم القيادية المؤقتة معالجة الخلل الذي شاب عمل المجلس في دورته الأولى قبل عقد دورته الثانية تحت إشراف الحركة الشعبية وحكومة الاقليم وإيقاف تجاوز المجلس لصلاحياته”، وأوضح عقار أن نشر قضايا الحركة الشعبية في وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي عرضها لمخاطر سياسية وتنظيمية وعسكرية وأمنية، معتبراً ذلك خطأً وخرقاً واضحاً للمؤسسية تحاسب عليه قوانين ومؤسسات الحركة الشعبية، وطالبت الحركة الآلية الأفريقية الرفيعة والرئيس ثابو أمبيكي، بزيارة مناطقها لإجراء مشاورات على أرض الواقع مع المتضررين الحقيقيين من الحرب والاستماع لمؤسسات الحركة والجيش الشعبي والمجتمع المدني والتعامل على قدم المساواة مع أطراف النزاع مثلما يفعل في زياراته للخرطوم، وزاد “بعث رئيس الحركة الشعبية برسالة بذات الصدد للرئيس أمبيكي”.
انشقاقات محتملة
 
بالمقابل يرى عضو وفد الحكومة المفاوض حسين كرشوم أن واحدة من الصفات فى الحركة الشعبية قطاع الشمال هو تماسكها لفترات طويلة بعكس الانشقاقات التى شهدتها حركات دارفور، ويمضي كرشوم فى حديثه لـ(آخرلحظة) الى القول بأن الذي برز داخل الحركة الشعبية هو اختلاف قديم وسط قادتها لكنه تجدد، وقال” حتى أبان اتفاقية السلام وحينها ذهب الحلو لأمريكا غاضبا”، وأضاف” لكن الجديد فى الخلاف أنه تسرب إلى قواعد الحركة وتركيبة الحركة من حيث التكوين هى قبلية، وبالتالي يصبح رأب الصدع ليس بالسهل”، وقطع كرشوم بأن مجلس تحرير جبال النوبة سيقاوم بقاءه بعد القرارات الأخيرة التي أصدرها عقار بإلغاء قراراته وحله وتكوين مجلس تحرير بديل، وتابع”لا أتوقع أن يرضى مجلس النوبة بقرارات عقار”، متوقعاً حدوث انشقاقات داخل الحركة الشعبية.
محمد البشاري

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قرقاش يستقبل وزيرة الخارجية السودانية

مشاركة متميزة للوفد الرياضي بكأس الأمم الإفريقية

حزب الوطن:القوات المسلحة والدعم السريع الضامنان للفترةالانتقالية