ورطة المعارضة السودانية في اديس !
بغض النظر عن ما الت اليه او ستؤول اليه
الامور في اعقاب رفض قوى المعارضة لخارطة الطريق ، فان الموقف برمته كشف عن عدة
امور لطالما كانت واضحة في جولات ومرات عديدة ولكن كانت الاطراف الاقليمية
والدولية ولاسباب غير واضحة تتغافل عنها وتحاشاها .
اولا ، ثبت عمليا وبطريقة لا مجال فيها
لادني خداع للنفس ، ان قوي المعارضة السياسية والمسلحة لا تريد حل الازمة بالطريقة
الموضوعية العادية .
تصور لها خيالتها واحلامها ان المفاوضات
يجب ان تقود الي سقوط السلطة الحاكمة ، او ان تستسلم السلطة الحاكمة ، على مائدة
التفاوض ، يوتحول مقود السلطة لها ، وينتهي الصراع .
وان لم يكن الامر كذلك ، فان التفاوض له
فنونه وتكتيكاته ومخاطره ومحاذيره ، وكل هذه لم تلمسها قط لدي قوي المعارضة ، هي
فقط تقوم حججها علي انها مظلومة ، وانها
صاحبة الحق في السلطة .
تستطيع ان تلمس ذات نبرات احاديثهم
والمرارة المتقطرة من الالسن والملامح المشتعلة غيظا مع ان الامر محض نزاع سياسي ،
والسياسة هي فن الممكن ، وبامكانك ووفق ما هو متاح من معطيات ان تؤسس للمستقبل .
ثانيا ، ثبت علميا ايضا ان قوى المعارضة
ما تزال تراهن على (حل خارجي ) ياتي على طبق من ذهب او ماس ! فان لم يكن لسواد الاعين ولدرء خطر السلطة
الحاكمة ، كما تعتقد ، فعلي الاقل لرعاية قوى خارجية للحركة الشعبية قطاع الشمال
وحركات دارفور وحرص هذه القوى على ان تنتصر هذه القوى سياسيا او عسكريا .
ويبدو انه ولسوء حظ قوى المعارضة ان هذا
(الحلم الامريكي) بدا يتبدد ، فقد سارع القائم بالاعمال الامريكي بالسودان (ستيفن
) لقطع الطريق على قوى المعارضة عندما ادلي بتصريحات صحفية صريحة قال فيه ان بلاده
تعتقد ان الحل (بالداخل ) وليس بيد احد في الخارج !
ربما يظن البعض ان الامر محض مقولة
دبلوماسية او للتعمية ، ولكن الرجل على اية حال كان يتحدث حديثا واقعيا اذا لا
توجد قوة خارجية مهما بلغت من القوة القدرة على فرض حل سياسي من الخارج على اطراف
محلية .
ثالثا ، بعض قوى المعارضة بالداخل (قوي
المستقبل ) قبلت بخارطة الطريق كما هي ، وصرح الدكتور غازي صلاح الدين رئيس حركة
الاصلاح الان بقبولهم للخارطة ومن المستحيل طبعا ان تقبل قوى معارضة ، هي في ذات
موقف القوى الرافضة وعلى ذات الموجة بما رفضته تلك القوى ما لم يكن هناك (فارق )
في سعر الصرف السياسي .
رابعا ، مخاوف قوى المعارضة لا تنطلق من
ان المؤتمر الوطني لا يفي بالعهود او انه قد يخدعها ، بقدر ما ان مخاوف قوى
المعارضة قائمة اساسا على انها لا تملك فعليا قواعد جماهيرية حقيقية بالداخل تتيح
لها ان تفرض اراداتها عبر عملية انتخابية مهما بلغت درجة نزاهتها .
فبالنسبة للاحزاب مقل حزب الامة القومي
فهو يحتاج لعشرات السنين لكي يحافظ على وحدة قياداته ومكتبه السياسي ، دعك من
قواعده وجماهيره .
الحركات المسلحة حتى على مستوي قادتها
منقسمة ومتناحرة ، فكيف يكون لها جماهير ؟ بل ان التجربة اثبتت ان أي حركة حملت
السلاح لسنوات طويلة وقتلت ودمرت تعافها نفوس العامة تلقائيا وتمقتها ، ولعل اسطع
دليل ، مثال الحركة الشعبية في دولة الجنوب ، اذ انها ولشدة ضعفها الجماهيري لجات
للاستنجاد بجيش اجنبي (الجيش اليوغندي ) ليساعدها في حسم صراع داخلي بين قادتها !
اذن من الطبيعي الا تبدى قوى المعارضة حماسا لحل سياسي جذري للنزاع ، فهي
تراهن على العون الخارجي والاساطيل والوصول الي السلطة بمعاونة دولية ، لخشيتها من
ان تخوض في عملية سياسية سلمية بدون غطاء جماهيري داخلي يسوقها في النهاية الي
متحف التاريخ قبالة شارع النيل بالعاصمة السودانية الخرطوم !
تعليقات
إرسال تعليق