حركات التمرد .. الرهان الخاسر على الميدان



مثلت المهلة التي منحها الاتحاد الافريقي لحركات التمرد فرصة تاريخية للتوقيع على خارطة الطريق ، التي اقرتها الوساطة ووقعت عليها الحكومة ، ليتبين للمجتمع الدولي رغبة الحكومة في احلال السلام ، وفي ذات الوقت تبينت مراوغة الحركات المسلحة ومحاولة تضييع الوقت والمناورة عبر المفاوضات ، ودارت عدة تساؤلات حول من يملك قرار الحركات المتمردة .
توضح حالة التشظي والانقسامات العنيفة بين صفوف الحركات المتمردة غياب الرؤية السياسية المتماسكة المفضية لتحقيق اهداف محددة ، حيث كثرت الانشقاقات والانقسامات ، وظل كل طرف يتهم الاخر بالعمالة لجهات اخري وعدم اتباع المؤسسية وتهميش الاخرين ، وقد افرز هذا الوضع صراعات مسلحة عنيفة تحقيقا لمصالح شخصية ترتبط بالزعامة والرئاسة والمنصب ، الامر الذي ادي الي فشل تحالف الجبهة الثورية كاخر محاولة للعمل وفق رؤية موحدة .
ورغم حالة الضعف التي تمر بها الحركات المتمردة الا انها عملت جاهدة خلال المفاوضات الاخيرة على اثبات عكس ذلك ، من خلال حشدها لقادة الحركات بجانب حزب الامة القومي ، في محاولة لارسال رسالة الي المجتمع الدولي بانها هي القوي الفاعلة رغم ما بينها من تباينات واختلاف في الرؤى .
وعلى الرغم من تاكيدات الوساطة الافريقية بانها تريد نقاشا حول القضايا الاستراتيجية وليس القضايا التفصيلية ، الا ان الحركات تمسكت بعدد من نقاط اولها ضرورة الوصول لوقف العدائيات بغرض المساعدات الانسانية ، على الرغم من موافقة الحكومة على الوصول الي وقف العدائيات الذي يقود لوقف اطلاق نار شامل ومن ثم الاتفاق على الترتيبات الامنية .
المراقبون يرون ان الحركات المتمردة ارادت تضيع الوقت وعدم الوصول الي سلام عبر المباحثات الي حين دخول فصل الخريف ، حتى تستعيد قواها وتلململ اطرافها بعد الهزائم التي لحقت بها مؤخرا ، وخير دليل على ذلك ذهاب قيادات الحركات الى جوبا مباشرة عقب التفاوض ، بجانب طلب الحركة الشعبية قطاع الشمال السماعدات من اسرائيل عقب اجتماع بين قطاع الشمال ومسؤولين اسرائيلين في مدينة كيسومو بفندق امبريال بكينيا ، ضم كلا من السفارة الامريكية في نيروبي ومارتن ليبر من السفارة الاسرائيلية وماييكل وول وسامبول فيليب من سلاح المهندسين بجيش الدفاع الاسرائيلي ، وعددا من متمردي قطاع الشمال .
يبدو ان الحركات المتمردة لم تكن تتوقع ان يكون موقف الوساطة الافريقية من خارطة الطريق نهائيا ، وكان في اعتقادهم ان الجولة الاخيرة ستكون مثل الجولات السابقة ويمكن ان تراوغ الحركات وتكسب مزيدا من الوقت باسم المفاوضات ، الامر الذي جعلها تكيل الاتهامات الي الوساطة الافريقية بالانجياز الي جانب الحكومة .
ارادت الحركات المتمردة ان توضح انها قوة لها تاثيراتها على المشهد السياسي ، جعلت بينها تقاربا مع حزب الامة الذي لم ترغب في وجوده مطلقا ، لكنها قبلت العمل معه لجعله بعيدا عن الحوار الوطني الذي بدا بالمشاركة فيه .
وبعد تحرير الجيش لخمس مناطق استراتيجية من قبضة التمرد ، اصبحت الحركات المتمردة في وضع لا يسمح لها بتقديم الاشتراطات ، وقد اكد العميد احمد خليفة الشامي ان القوات المسلحة حررت مناطق مارديس ، اللبو ، كتن ، عقب وكركراية البييرا ، في عملية انطلقت في عدة محاور ومنذ مطلع الاسبوع الحالي .
واضاف ان الحركات المسلحة ظلت تمارس ممارسات خرقاء لتتماهي تماما مع توجهات قادة التمرد ومواقفهم المخزية ، ورفضهم لكل المبادرات التي قدمت والجهود التي بذلت لتحقيق السلام ووقف الحرب ، والتي كان اخرها رفض التوقيع على خارطة الطريق التي قدمتها الوساطة الافريقية الاسبوع الماضي ، واتهم الشامي الحركة الشعبية باستهداف المدنيين العزل من خلال قطع الطرق وخطف الابرياء وتقييد حركة المواطنيين وسرقة ممتلكاتهم ومواشيهم ونهب الاسواق ، فضلا عن اعتداءاتها المتكررة على مواقع القوات المسلحة وقصف القرى والمدن الامنة .
وقال في ظل هذه الوقائع والمعطيات لم يبق امام القوات المسلحة الا ان تنهض باعبائها الوطنية ، وتمارس واجباتها الدستورية في التصدي للمتربصين وتدمير اوكار المتمردين ، وتضع حدا لمعاناة الوطن والمواطنين ، فعقدت عزمها وانطلقت في عدة محاور منذ مطلع هذا الاسبوع ، واضاف ان القوات المسلحة كبدت المتمردين خسائر كبيرة في الارواح والعتاد يجري حصرها ، ودعا حملة السلاح للاستجابة لنداء السلام وتجاوز القيادات التي ادمنت الحرب واستمرات المساومة بمعاناة المواطنين واوجاعهم .
المتغيرات الداخلية والخارجية اثرت سلبا على اوضاع الحركات المسلحة التي لم يعد لها وجود في الميدان سوى جيوب في جبال مرة ، فضلا عن الانقسامات والانشقاقات التي اصبحت صفة ملازمة لهذه الحركات ، ورغم تعهدات المجتمع الدولي بالضغط على الحركات للتوقيع والوصول الي السلام الا ان احتواءها من جانب دولة الجنوب ربما عرقل ذلك في محاولة لضخ الدماء من جديد في جسد الحركات .
رانيا الامين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قرقاش يستقبل وزيرة الخارجية السودانية

مشاركة متميزة للوفد الرياضي بكأس الأمم الإفريقية

حزب الوطن:القوات المسلحة والدعم السريع الضامنان للفترةالانتقالية