سيبقى السودان خالياً من الإرهاب..
انعقد
بالخرطوم مؤخراً مؤتمراً لمكافحة الإرهاب، واستغرب الكثيرون أن يكون السودان الذي
لم تسجل فيه حالة واحدة من أي عمل إرهابي كالذي يعرفه العالم، يكون مكاناً لانعقاد
هذا المؤتمر؟؟ وهو تساؤل مشروع. أبرز ما خرج به من توصيات كانت الخاصة بمراجعة
المناهج الدراسية التي تناقلتها أغلب وسائل الإعلام باعتبارها توصية جوهرية في
مجال مكافحة الإرهاب!! كثير من الدول الإسلامية بدأت بهذه التوصية وانتهت بمحاصرة
الدين داخل المساجد وبالصوت الخافض. لكن كيف تطور هذا المشروع في العالم، حتى وصل
إلينا ولماذا؟؟ منذ أن بدأ مشروع مكافحة الإرهاب في مراحله الأولى بدأ مقابل
التنظيمات الإسلامية المسلحة التي لا تفرق بين العدو المقاتل والمسالم. فكلهم في نظرها
أعداء .هذه النظرة الخاطئة أعطت العالم حق التعامل معها بتلك الرؤية. وهي نظرة لا ينبغي أن يجوّزها المسلم
العارف لدينه، لأن الله يقول
" لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم
يخرجوكم من دياركم أن تقسطوا إليهم وتبروهم ..." ولم يسجل على عهد الفتوحات
الإسلامية استهداف الأبرياء في المدن، بل سيدنا عمر بن الخطاب كان يوصي الجيش أ لا
يقتلوا طفلاً ولا أمرأة لاشيخاً.
ما تقوم به تلك التنظيمات هو السبب في إدراج كل المنظمات
الإسلامية تحت هذا الوصف حتى التي تعمل من أجل تحرير أرضها. رائدة هذه المرحلة،
كانت أمريكا وبعض دول الغرب .ثم تجاوز الأمر التنظيمات إلى كل الذين شاركوا في حرب
أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي وتم توصيفهم بأنهم (إرهابيين بالضرورة) مع أنهم كانوا في
أدب السياسة الأمريكية قبل ذلك (مجاهدين) ودعمتهم بالسلاح . ألحقت بهذا المرحلة منظمات
المقاومة الفلسطينية. الشعب الوحيد الذي يعيش تحت ظل استعمار يحميه النظام العالمي. نضاله، كان مثله
مشروعاً لكل شعوب العالم أصبح إرهاباً، ثم توسعت هذه المرحلة لتشمل الفكر الإسلامي
السياسي والحركي، حيث يرون أن كل الذين يتربون بنظرة الإسلام الشمولية مجاهدون
بالضرورة أو إرهابيون بتعريفهم، هذه المرحلة أدخلت الكثير من الجماعات الإسلامية
وبعض الدول التي يرتفع فيها الخطاب الإسلامي السياسي والدعوي تحت هذه المظلة .وبرز في دول الغرب
خوفاً شديداً من الإسلام فيما سمي (بإسلام فوبيا) وبدأ التضييق على المسلمين هناك
أزالوا كل الرموز التي تدل على الالتزام بالإسلام مثل منع الحجاب والبركيني في
فرنسا ومنع نشر الإسلام في بريطانيا وتقييد حركة المسلمين في بلدان الغرب
والملاحقة في أمريكا. ثم جاءت المرحلة الثانية التي أدخل مشروع مكافحة الإرهاب إلى
مؤسسة الأمم المتحدة . فصار إلصاق تهمة الإرهاب سبباً لنزع كل الحقوق الدولية من
الكيانات والحقوق العامة من الأشخاص فإذا تم وصف دولة بأنها إرهابية أو ترعى
الإرهاب فإن ذلك يوقعها تحت إشكالات كثيرة يعرفها الناس أقلها حرمانها من الحقوق
الدولية والمقاطعة الاقتصادية وحرمانها من التكنولوجيا بكل أشكالها وووو. أما
الأشخاص والتنظيمات فتنزع عنهم كافة (الحقوق العامة). بعض الدول الغربية استخدمت هذا
التصريح خارج إطار المنظمة الدولية بدعوى حماية أمنها القومي ومارست الضغط السياسي
على من لاترضى عنهم. بتحليل بسيط يمكن أن يعرف من الذي تضرر من انتشار حالة الخوف
والرعب في العالم من جراء نشر ثقافة الإرهاب؟ الإسلام هو الذي فقد تلك الأرضية
الخصبة فيما يعيشه العالم من ضلال وخواء روحي ومنعت عنه دعوة الناس على قول الله تعالى
" بالحكمة والموعظة الحسنة ". الناس يحبون أن يعيشوا في أمن وسلام وذلك
وحده هو الذي ينتج الفكر السليم الذي لاشك كله لصالح (الدعوة بالحكمة والموعظة
الحسنة) الجيش الجمهوري الإيرلندي ومنظمة إيتا الاسبانية والخمير الحمر تنظيمات ولدت
في الغرب منذ منتصف القرن الماضي، مارست القتل العشوائي دون تفريق بين بريء وظالم
وتمت معالجة قضاياها دون تعميم لوصمة الجريمة على كل الشعوب التي تنتمي لها. العنف
الذي يقتل الأبرياء صنعية غربية، إسرائيل على مدى خمسين يوماً في اعتدائها على غزة
لم تفرق في القتل بين الاطفال والنساء ولا المستشفيات ولا المدارس قتلت من لا حول
لهم وهم تحت الحصار بلا منافذ ولم يجرّمها النظام العالمي! الشعب السوري حاله
لايخفى، لايوجد فرق بين قتل منظم بجيش أو قتل عشوائي، طالما يسبب الموت للإنسان
الآمن في بيته، وليس في ميدان معركة.كله إرهاب للآمنين. كل المسلمين بمن فيهم زعماء العالم
المسلم يعرفون أن الجهاد في الإسلام مقيّد بالضرورة. والضرورة يأتي بها من يعادي
الإسلام بالاعتداء على الحقوق التي حددها الرسول (صلى الله عليه وسلم)، خمسة حقوق
معروفة الاعتداء عليها يستوجب الدفاع عنها وهو أمر بديهي. أما من غير ذلك فالطبيعي
هو"لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن
تقسطوا إليهم وتبروهم ..." وايضاً " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة
الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ...". والجهاد له معانٍ أخرى في الدين من غير
المقاتلة كلها معانٍ سلمية يجب أن يعلمها الذين يخافون الإسلام حتى يطمئنوا أن
ديننا دين سلام، إجراءاتنا في محاصرة الفكر المسلم السوي والدعوة تحت بند درء
الإرهاب نعطي شهادة عكس الذي عليه ديننا. السودان بلد آمن لايوجد فيه إرهاب،
أهله متمسكون بدينهم بوعي لاينمو بينهم الفكر المتطرف، الفكر المتطرف نما في تلك
البلدان بسبب مصادرة الرأي وانسداد الأفق. الأعراف الاجتماعية والترابط الأسري في
السودان أمتن من أن يسمح بحدوث مثل تلك الانحرافات لذلك من غير المناسب أن يكون هدفاً
للإجراءات المباشرة في قضية مكافحة الإرهاب، نستهدف فيه الإرشاد الديني أو مناهج
التربية الإسلامية . مناهجنا على ضعفها ينجح بعض المعلمين في دروس السيرة حتى
تتمنى لوكنت صحابية أوصحابياً، الكثير من التوجيهات صدرت من وزارة الإرشاد ومن
منابرالدولة الإعلامية إذا طبقت كما سمعت لانخفض صوت الحق وعلت منابر المجون (ما
موقع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام)؟،علينا تجنيب القرارات التي تمس
معتقداتنا الإسلامية وحرية نشرها من صفة الرأي الواحد خاصة والحكومة شراكة. كما
يجب ألا نربط تنظيم العمل الدعوي وأدواته في المجتمع بمشروع الإرهاب الغريب على
أرضنا والذي ما استهدف في العالم إلا معتقدات الإسلام. فهي أثمن ما عندنا. إن أنسب مؤسسة تعصم
مثل تلك القرارات من الخطأ هي المؤسسات التشريعية التي يتمثل فيها كافة شرائح
المجتمع. فعندهم العقيدة والسودان أولاً. نحن محسودون في أمننا واستقرارنا
ومسالمتنا ويريدوننا أن يستفذ بعضنا بعضاً حتى يخرّبوا علينا هدف الحوار ومحاولات
رأب الصدع الذي أصبح نهج أهل السودان وهي أنجح وسيلة لامتصاص أي احتقان
نجوي
مداوي
تعليقات
إرسال تعليق