"هبوط ناعم "
في وقت يعاني فيه الحزب الشيوعي من الأزمات والانقسامات
بين المتصارعة منذ انعقاد المؤتمر العام السادس الملتئم في الفترة من 14 إلى 16
يوليو المنصرم ، يجد الحزب نفسة يقود عدة صراعات وعلى عدة جبعات وبات يواجه تحديا
مصريا يضع مستقبلة على المحك يمثل في فقدان الحزب الكبير زمام المبادرة .
وشكل السادس قمة جبل الجليد ، وأعقبته مجزرة تنظيمية
طالت عددا كبيرا من القيادات وذلك على خلفية الصراع المحتدم منذ بين تيارات
السكرتير العام الحالي محمد مختار الخطيب المهيمن على الجنة المركزية والمفاصل
الحساسة للحزب ، والتيار الذي يقوده الدكتور الشفيع خضر والذي يوصف بتيار التجديد والتغيير الجذري..
ثم تلا المؤتمر العام كذلك صراعات واستقالات جماعية كان
آخرها استقالة الأطباء بالحزب ، وأمام هذه التطوارت حاولت القيادة الحالية التقليل من وقع وحجم هذه
التطورات التي نقلت التحديات إلى داخل الحزب في مرحلة مفصلية قد يتلاشى من ساحة
العمل السياسي نتيجة لها .
تيارات متنافرة
وتكاد التحالفات على الساحة السياسية من حيث الكثرة
والتدخل تربك المتابع ، بعضها لا وجود له في أرض الواقع الاهن والبعض الآخر منقسم
على نفسه ، فعلى سبيل المثال فإن كيان " قوى إجماع الوطني " الذي تتصارع
عليه قوى المعارضة ، بات بحسب مراقبين ، بلا أثر يذكر ، ومحض لافتة فحسب تعج
بالخلافات .
وفي أحدث موجة من الخلافات والصراعات داخله كانت
القرارات التي صدرت بتجميد عضوية خمسة أحزاب دفعة واحدة ، وحزب المؤتمر السوداني
القومي السوداني والتحالف الوطني السوداني .
وهنالك تحالف " قوي نداء السودان " والتي تضم
خليطا من التيارات المتنافرة ، كيفما يصفها مهتمون ، ولايجمع بينها سوى عدم الثقة
في بعضها البعض من توقيع أي منها على اتفاق منفرد مع الحكومة أو المؤتمر الوطني .
إعلان باريس
تعود بداية هذه الخلافات الأخيرة على خلفية صعود حزب
المؤتمر السوداني بقيادة عمر الدقير ومشاركته في اجتماعات ما تعرف بقوى نداء
السودان ، في باريس حيث اعتبرت تلك المشاركة تمثيلا لكيان نداء السودان ، ولكن ما
إن انفض سامر تلك الاجتماعات حتى برزت هذه الخلافات إالى السطح وبصورة أعنف .
بحسب وثائق الحزب الشيوعي والتي تم تداولها بالمؤتمر
السادس للحزب وتناولت تجربة تحالف "قوى الإجماع الوطني " ، واعتبر أنها
كانت تمثل ( التكيكات وليس التحالفات ) وأن هذا التحالف – فوقي وغير مجد وأن على
الحزب ضرورة توضيح ( تنظيمات المقاومة ) بناء تحالف (تنسيقي) لإسقاط النظام أم قوى
افجماع الوطني ( تكتيكي) كما قالت الوثيقة
عن التحالف إنه ( تحالف الضعف لايكسبك قوة ).
المؤتمر السوداني
في الوقت الذي يقدم الحزب الشيوعي نفسه بأنه ملك المل
الجماهيري ، هناك حزب المؤتمر السوداني ال>ي يتصارع مع الحزب بدعوى الهيمنة على
الشارع وتحريك العمل الجماهيري . وفي
الوقت الذي يقود الجزب الشيوعي صراعات مصيرية بالنسبة إلية ، وبات الآن
يستهدف بتكتيكاته – وسط المعارضة – شل
تحركات حزب المؤتمر السوداني المفضل بالنسبة لقطاع الشمال المهيمن على قوى نداء
السودان بعد أن طويت صفحة الجبهة الثورية والتي انقسمت بين تيارين : تيار يقوده قطاع الشمال وحلفاؤه ،
وتيار ثان تهيمن عليه الفصائل الدارفورية ومن تحالف معها .
فضلا عن صراعات الحزب مع مجموعات وكيانات معارضة أخرى
كقوى المستقبل للتغيير بقيادة غازي صلاح الدين ، وقوى الإجماع الوطني بقيادة فاروق
أبو عيسى ، والتي يرى أنه تم سحب البساط من تحت أرجله من العمل المعارض بالداخل ،
كما سُحبت منه المبادرة بالخارج باتو إما ناقمون على القيادة الحالية أو باجثون
على مصالحهم الخاصة بعيدا عن الآيديولوجيا وقيود الحزب .
التحركات الجماهيرية
يراهن الشيوعي على استغلال التحركات الجماهيرية هنا
وهناك وكذلك افتعال الإضراب كوسائل ضغط في عدة اتجاهات ، أولا يريد الحزب الإبقاء
على زمام المبادرة على يديه ، ومقاومة
محاولات المجموعات الأخرى المنافسة له وإزاحتها .
كون الجزب رسميا لجنة أطلق عليها " لجنة
الطوارئ" والتي تولت إدارة الأحداث بالبلاد مؤخر ابتداء بأحداث العنف
بالجامعات وسردت وثائق للحزب الإجراءات التي قام بها لتأجيج العنف .
ملامح التسوية
ظل الحزب الشيوعي يرفض كافة مبادرات نحقيق السلام الدائم
والاستقرار السياسي بالبلاد ، مفضلا التمسك بخياره الأثير ، إسقاط النظام ، وفي
أغسطس الماضي وعقب توقيع قوى المعارضة عى
وثيقة خارطة الطريق أصدر الحزب بيان جدد فيه موافقه المعهودة ، حيث جاء فيه الآتي )
تتسارع هذه
الأيام خطوات المجتمع الدولي ( أمريكا وحلفاؤها )
نحو التسوية السياسية التي تقوم على ( الهبوط الناعم ) التي تبقي على جوهر
النظام وسياساته الأقتصادية والقمعية ، مع
التغيير الشكلي في روزه ، مما يخدم أهداف ومصالح المجتمع الدولي في المنطقة
والتعاون الأمني مع النظام ، وذلك عبر الضغوط على قوى المعارضة للتوقيع على خارطة
الطريق التي تهدف إلى إلحاق المعارضة بحوار ( الوثبة ) وإجراء حوار مخدوج " ،
حسب توصيفاته .
الهبوط الناعم
من المفارقات أن خطاب الحزب تركز حول مقولة واحدة وهي
مقارمة مايسميه ب " الهبوط الناعم " ويستخدم الشيوعي هذا التغيير بشكل
تقف وراءها قوى خارجية لا تحقق مطالب المعارضة ومطالبة بالذات ، وأن هذه التسوية
تخدم نظام الحكم الحالي فحسب . وفي السادس من يوليو الماضي أصدر الحزب أيضا بيانا
أكد فيه رفضه لما أسماه خيا " الهبوط الناعم ".
ويرى مراقبون ، أن من المفارقات أن الحزب الشيوعي سيكون
اليوم مضطرا للقبول بخيار الهبوط الناعم من زعامة المعارضة ، بعد أن فشل في تتحقيق
شعارته والاحتفاظ بقيادة المعارضة الداخل والخارج وانزلق في صراعات ما فتئت تتفاقم
بين تيارته المختلفة ، لذا لم يعد أمامه من خيار سوى الانزواء بعيدا .
التصفويون والتقليديون
وإزاء التطورات الخطيرة التي تعضف بالحزب الشيوعي ، لم
تجد القيادة الحالية – واللجنة المركزية الجديدة بدا سوى اللجوء لكيل التهم ضد
" الزملاء"
في التاسع عشر من أكتوبر الجارى عقد اجتماع استثنائي
للجنة العاصمة خصص لتتناول استقالات الأطباء ( شارك فيه 21 شخصا مع حضور ممثلين
للجنة المركزية ).
وبتاريخ 18/10 الجاري تم توزيع خطاب داخلي إلى المناطق
والمكاتب والفروع بعنوان ( اليقظة والحذر لهزيمة مخططات اعداء الحزب ) تضمن ردودا
على الأطباء المستقيلين أهمها : أن رسالة الاستقالة حوت أسماء مجموعة الأطباء
المستقيلين من الحزب كانت بدون توقعات وأن اثنين من الواردة أسماؤهم فيها انكرا
صلتهما بالمزكرة ، وأن الرسالة حوت هجوما غير موضوعي على الحزب والمؤتمر السادس
وقراراته وخطه السياسي . ووصف الخطاب المجموعة بالتصفوية – أي إنها تسعى لتصفية
الحزب بمعاونة عناصر معادية !
كما كذب خطاب المجموة قيم الحزب بحل مكتب الطلاب
بالجامعات واتهم المجموعة بأنها تسعى لتصفية الحزب . وأشار الخطاب إلى أن استقالات
بهذه الطريقة مؤشر على ان المجموعة تنوى تأسيس حزب جديد ... وأخيرا أمن الاجتماع
على أن الاستقالات مرفوضة وتحالف نص االدستور ومن المفترض أن تأتي عبر الفروع وقرر
أن تتم مراجعة المستقيلين بصورة فردية .
تعليقات
إرسال تعليق