جنوب السودان ... تمهيد الطريق للوصاية الدولية
الحرب والدمار هي حصيلة خمسة اعوم ونصف العام خرجت بها دولة جنوب
السودان الوليدة التي كان ميلادها في
يوليو 2011م إثر الصراع الدامي بين رئيسها سلفاكير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار ، ولم تفلح جهود هيئة
التنمية الحكومية الإفريقية ( إيقاد ) في
رتق التمزق الذي أخذت رقعته تتمدد يوماً بعد يوم ، على نحو بات يخشى معه من تمزق
البلد الحديث وتفرق أجزائة بين دول الجوار ، فأخذت دعاوي المؤسسات الدولية حقا ؟
وما تأثير ذلك على مستقبلها وعلى الجارة الأم السودان ؟
في يوم الأربعاء الماضي طالبت ياسمين سوكا رئيسة لجنة خبراء من مجلس حقوق
الإنسان التابع للأمم المتحدة في مؤتمر صحفي في ختام زيارة إستغرقت (10) أيام
لجنوب السودان لبحث الأوضاع الحقوقية بها، طالبت المجتمع الدولي بالتدخل العاجل
لوقف ما سمته مظاهر التطهير العرقي بجنوب السودان و عدم السماح بتفشي خطاب
الكراهية و الإعتداء على حرية الإعلام ،
بالإضافة إلى تعميق الخلافات و الإنقسامات بين مختلف المجموعات العرقية بالبلاد ،
و أضافت قائلة : ( هناك مظاهر للتطهير العرقي في العديد من المناطق بجنوب السودان
من خلال إستخدام الجوع و الإغتصاب و حرق قرى ، و وجدنا ذلك في أي مكان ذهبنا إليه
على إمتداد البلاد دون ذكر قرى أو وقائع بعينها ) ، و دعت سوكا المجتمع الدولي إلى
الإسراع في نشر قوات الحماية الدولية
الباغ عددها (4) آلاف جندي على الا يتم حصرها في جوبا . و في الإتجاه نفسه قالت
مديرة مركز أفريكيا للدراسات الإستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني الأمريكية و كاتبة
التقرير الخاص كاثرين المكويست كنويف ، إن الحرب الأهلية تركت دولة جنوب السودان
عل أعتاب إبادة جماعية واسعة النطاق ، مبينه أن الإدارة الإنتقالية هي إبادة
جماعية واسعة النطاق ، مبينة أن الإدارة الإنتقالية هي الطريق الواقعي الوحيد
لإنهاء العنف و إعطاء جنوب السودان ما سمتها الإستراحة النظيفة من قادتها و هياكل
السلطة حتى تعود البلاد إلى الإستقرار ، و أوصى التقرير الجديد الصادر عن مركز الإجراءات الوقائية الأمم المتحدة و
الإتحاد الأفريقي بقيادة الإدارة الدولية الإنتقالية بتفويض تنفيذي لفترة تتراوح
ما بين ( 10 – 15) عاماً ، للحفاظ على سلامة أراضي جنوب السودان و توفير المبادئ
الأساسية لنظام الحكم و الخدمة العامة و إعادة بناء الإقتصاد المدمر و وضع الإطار
السياسي و الدستوري للإنتقال إلى السيادة الكاملة ، و يشير التقرير إلى أنه يمكن
وضح حد لمعارضة الإدارة الإنتقالية من خلال الخلط بين السياسة و القوة ، و لأن
الحرب أولها كلام فقد كان إعلان نائب سلفا مشار في العام نيته للترشح للرئاسة ، ثم
إنطلقت شرارة الحرب في ديسمبر 2013م ، و بعد جهود مضئية تمكنت الإيقاد من جمع
الطرفين على مائدة السلام ، و بالكاد عاد مشار لجوبا في موقعة السابق نائباً أولاً
لسلفا ، و لكن هشاشة الإتفاق عجلت بنسفه لتندلع حرب أقسى من الأولى بكل المقاييس ،
و هام مشار على وجهه بين الدول ،
فاستقبلته الخرطوم مستشفياً من الإصابات
التي لحقت به جراء مطاردة جنود سلفا له طلبا لرأسه ، وغادر الخرطوم للعاصمة
الاثيوبية أديس ، وغادرها قاصداً زياردة
احدى الدول ، ولدى عودته منع من الدخول
لأاديس ، فيمم شطر بريتوريا عاصمة جنوب افريقيا ، أما سلفا فما زال على كرسي الحكم الماتهب ، وفي الأخبار انه اتجه صوب بريتوريا نهاية الأسبوع الماضي للمشاركة في اجتماعات مع القادة الافارقة ، وطارت الانباء تحدث عن وعكة صحية
المت به دفعته لزيارتها مستشفياً ، بينما تتردد الانباء انه ذهب لالاقهة مشار هنالك
.
عضو وفد المفاوضات الحكومية للمنطقتين ( جنوب كردفان والنيل الأزرق
) حسين كرشوم ، اشار إلى أن الحديث عن الوصاية الدولية على جنوب السودان بدأ منذ
منتصف العام الماضي ، وتوقع في حديثه مع ( الإنتباهة ) ان تطرح قضية الوصاية في مجلس الأمن الدولي عقب انتقضاء اعياد
الكريسماس ، أي في فبراير المقبل ، وذلك
بعد أن رووجت لها مراكز البحوث الأكاديمية
بالولايات المتحدة الأمريكية ، وقال إن الوصاية تعني تغييب سلفا ومشار من المشهد
السياسي بالجنوب ، ونفى أن تكون زيارة سلفا لجنوب افريقيا تتعلق بملاقاة مشار ،
ولكنها في الوقت نفسه لها يريد الأطمئنان إلى أن جنوب افريقيا لن تشرع ابوابها
امام مشار بحيث تسمح له بوجود مكاتب له هناك .
وبشأن انعكاس خضوع دولة
الجنوب للوصاية على مستقبله ذهب كرشوم الى
ان الوصاية ستفضي الى استهداف موارد دولة الجنوب ، اما السودان فإن الأثار
المترتبة عليه لن تكون في صالحه ، فالبلدان حالياً بينهما العديد من الاتفاقيات
المشتركة ، ولا بد أن تعامل نظام حكم الوصاية سيكون مغايراً لما يرجوه السودان ، وضرب مثلاً بقضية ترسيم الحدود قائلا إن الجيل الحاكم الآن بالجنوب مدرك ومتفهم
لقضية الحدود ، خاصة ان لديهم ارتباطاً
قوياً بجنوب السودان ، وثمة مشتركات كثيرة بين الطرفين كاللغة مثلاً ، أما في حالة
حكم الجنوب عبر الوصاية فلن تكون مجريات القضايا بين البلدين لصالح السودان .
كرشوم نعت نظام الوصاية الدولية بأنه ردة فكرية كبيرة ، فهو نظام
قديم ودعته الشرعية منذ زمن ، فأخر دولة حكمت بهذا النظام في افريقيا هي روديسا
(زمبابوي ) ، وفي آسيا حكمت به العراق عقب الغزو الأمريكي لها في 2011م ، وانفردت امريكا بالحكم دون ان
تشرك ولو عراقيا واحداً ، وقال ان تاريخ القارة الإفريقية يوضح ان الصراع المسلح نشب بدولها عقب الاستقلال
، ولكنها انهته لاحقا ن وقال إنه كان يتوقع ان تهتم الأمم المتحدة بتحقيق تسوية سياسية امنية في جنوب السودان لحل الصراع
الحالي ، ليس الوصاية الدولية ، فقد اقتتل سلفا ومشار حول كرسي الحكم فسالت الدماء
انهاراً ، وتشتت شعب الجنوب بين النزوح واللجوء اما الكرسي الحكم فهو في طريق الى
قبضة الأمم المتحدة ، ولا أحد يدرى ماهي مالات هذه الخطوة على مستقبل الجنوب .
ندى محمد أحمد
الحرب والدمار هي حصيلة خمسة اعوم ونصف العام خرجت بها دولة جنوب
السودان الوليدة التي كان ميلادها في
يوليو 2011م إثر الصراع الدامي بين رئيسها سلفاكير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار ، ولم تفلح جهود هيئة
التنمية الحكومية الإفريقية ( إيقاد ) في
رتق التمزق الذي أخذت رقعته تتمدد يوماً بعد يوم ، على نحو بات يخشى معه من تمزق
البلد الحديث وتفرق أجزائة بين دول الجوار ، فأخذت دعاوي المؤسسات الدولية حقا ؟
وما تأثير ذلك على مستقبلها وعلى الجارة الأم السودان ؟
في يوم الأربعاء الماضي طالبت ياسمين سوكا رئيسة لجنة خبراء من مجلس حقوق
الإنسان التابع للأمم المتحدة في مؤتمر صحفي في ختام زيارة إستغرقت (10) أيام
لجنوب السودان لبحث الأوضاع الحقوقية بها، طالبت المجتمع الدولي بالتدخل العاجل
لوقف ما سمته مظاهر التطهير العرقي بجنوب السودان و عدم السماح بتفشي خطاب
الكراهية و الإعتداء على حرية الإعلام ،
بالإضافة إلى تعميق الخلافات و الإنقسامات بين مختلف المجموعات العرقية بالبلاد ،
و أضافت قائلة : ( هناك مظاهر للتطهير العرقي في العديد من المناطق بجنوب السودان
من خلال إستخدام الجوع و الإغتصاب و حرق قرى ، و وجدنا ذلك في أي مكان ذهبنا إليه
على إمتداد البلاد دون ذكر قرى أو وقائع بعينها ) ، و دعت سوكا المجتمع الدولي إلى
الإسراع في نشر قوات الحماية الدولية
الباغ عددها (4) آلاف جندي على الا يتم حصرها في جوبا . و في الإتجاه نفسه قالت
مديرة مركز أفريكيا للدراسات الإستراتيجية بجامعة الدفاع الوطني الأمريكية و كاتبة
التقرير الخاص كاثرين المكويست كنويف ، إن الحرب الأهلية تركت دولة جنوب السودان
عل أعتاب إبادة جماعية واسعة النطاق ، مبينه أن الإدارة الإنتقالية هي إبادة
جماعية واسعة النطاق ، مبينة أن الإدارة الإنتقالية هي الطريق الواقعي الوحيد
لإنهاء العنف و إعطاء جنوب السودان ما سمتها الإستراحة النظيفة من قادتها و هياكل
السلطة حتى تعود البلاد إلى الإستقرار ، و أوصى التقرير الجديد الصادر عن مركز الإجراءات الوقائية الأمم المتحدة و
الإتحاد الأفريقي بقيادة الإدارة الدولية الإنتقالية بتفويض تنفيذي لفترة تتراوح
ما بين ( 10 – 15) عاماً ، للحفاظ على سلامة أراضي جنوب السودان و توفير المبادئ
الأساسية لنظام الحكم و الخدمة العامة و إعادة بناء الإقتصاد المدمر و وضع الإطار
السياسي و الدستوري للإنتقال إلى السيادة الكاملة ، و يشير التقرير إلى أنه يمكن
وضح حد لمعارضة الإدارة الإنتقالية من خلال الخلط بين السياسة و القوة ، و لأن
الحرب أولها كلام فقد كان إعلان نائب سلفا مشار في العام نيته للترشح للرئاسة ، ثم
إنطلقت شرارة الحرب في ديسمبر 2013م ، و بعد جهود مضئية تمكنت الإيقاد من جمع
الطرفين على مائدة السلام ، و بالكاد عاد مشار لجوبا في موقعة السابق نائباً أولاً
لسلفا ، و لكن هشاشة الإتفاق عجلت بنسفه لتندلع حرب أقسى من الأولى بكل المقاييس ،
و هام مشار على وجهه بين الدول ،
فاستقبلته الخرطوم مستشفياً من الإصابات
التي لحقت به جراء مطاردة جنود سلفا له طلبا لرأسه ، وغادر الخرطوم للعاصمة
الاثيوبية أديس ، وغادرها قاصداً زياردة
احدى الدول ، ولدى عودته منع من الدخول
لأاديس ، فيمم شطر بريتوريا عاصمة جنوب افريقيا ، أما سلفا فما زال على كرسي الحكم الماتهب ، وفي الأخبار انه اتجه صوب بريتوريا نهاية الأسبوع الماضي للمشاركة في اجتماعات مع القادة الافارقة ، وطارت الانباء تحدث عن وعكة صحية
المت به دفعته لزيارتها مستشفياً ، بينما تتردد الانباء انه ذهب لالاقهة مشار هنالك
.
عضو وفد المفاوضات الحكومية للمنطقتين ( جنوب كردفان والنيل الأزرق
) حسين كرشوم ، اشار إلى أن الحديث عن الوصاية الدولية على جنوب السودان بدأ منذ
منتصف العام الماضي ، وتوقع في حديثه مع ( الإنتباهة ) ان تطرح قضية الوصاية في مجلس الأمن الدولي عقب انتقضاء اعياد
الكريسماس ، أي في فبراير المقبل ، وذلك
بعد أن رووجت لها مراكز البحوث الأكاديمية
بالولايات المتحدة الأمريكية ، وقال إن الوصاية تعني تغييب سلفا ومشار من المشهد
السياسي بالجنوب ، ونفى أن تكون زيارة سلفا لجنوب افريقيا تتعلق بملاقاة مشار ،
ولكنها في الوقت نفسه لها يريد الأطمئنان إلى أن جنوب افريقيا لن تشرع ابوابها
امام مشار بحيث تسمح له بوجود مكاتب له هناك .
وبشأن انعكاس خضوع دولة
الجنوب للوصاية على مستقبله ذهب كرشوم الى
ان الوصاية ستفضي الى استهداف موارد دولة الجنوب ، اما السودان فإن الأثار
المترتبة عليه لن تكون في صالحه ، فالبلدان حالياً بينهما العديد من الاتفاقيات
المشتركة ، ولا بد أن تعامل نظام حكم الوصاية سيكون مغايراً لما يرجوه السودان ، وضرب مثلاً بقضية ترسيم الحدود قائلا إن الجيل الحاكم الآن بالجنوب مدرك ومتفهم
لقضية الحدود ، خاصة ان لديهم ارتباطاً
قوياً بجنوب السودان ، وثمة مشتركات كثيرة بين الطرفين كاللغة مثلاً ، أما في حالة
حكم الجنوب عبر الوصاية فلن تكون مجريات القضايا بين البلدين لصالح السودان .
كرشوم نعت نظام الوصاية الدولية بأنه ردة فكرية كبيرة ، فهو نظام
قديم ودعته الشرعية منذ زمن ، فأخر دولة حكمت بهذا النظام في افريقيا هي روديسا
(زمبابوي ) ، وفي آسيا حكمت به العراق عقب الغزو الأمريكي لها في 2011م ، وانفردت امريكا بالحكم دون ان
تشرك ولو عراقيا واحداً ، وقال ان تاريخ القارة الإفريقية يوضح ان الصراع المسلح نشب بدولها عقب الاستقلال
، ولكنها انهته لاحقا ن وقال إنه كان يتوقع ان تهتم الأمم المتحدة بتحقيق تسوية سياسية امنية في جنوب السودان لحل الصراع
الحالي ، ليس الوصاية الدولية ، فقد اقتتل سلفا ومشار حول كرسي الحكم فسالت الدماء
انهاراً ، وتشتت شعب الجنوب بين النزوح واللجوء اما الكرسي الحكم فهو في طريق الى
قبضة الأمم المتحدة ، ولا أحد يدرى ماهي مالات هذه الخطوة على مستقبل الجنوب .
ندى محمد أحمد
تعليقات
إرسال تعليق