ماتش العصيان
على عكس عصيان 27نوفمبر لم يكن عصيان 19ديسمبر عفوياً بل
كانت فيه صناعة ضخمة فكل قادة المعارضة شمروا عن سواعدهم واعلنوا دعمهم للعصيان
وحرضوا جماهيرهم للمشاركة فيه وكان ذلك بلغة ثورية نارية . اما الحكومة فقد
قابلتهم هي الاخرى على جواد المثل الشعبي السوداني الذي يقول ( البلاقيك مشمر
لاقيوه عريان )واخرجت هي الاخرى لغة كالحمم . وكانت المباراة الاسفيرية الطاحنة
بين الفريقين متكافئة وبلغة شعيبة كان الفريقان ( قرون بقر) اي تعادلية لابل في
معظم الاوقات كانت الحكومة متكتلة في الدفاع مع بعض الهجمات المرتدة ولعل اشتراك
السودانين المقيمين في الخارج في المباراة أعطى المعارضة فرصة كبيرة بيد ان
الحكومة كشفت هي الاخرى عن قوة إسفيرية قوية .
عندما تنزلت المباراة على ارض الواقع اختلت الموازين وآلت
الكفة الى جانب الحكومة التى استغلت السلطة باستخدام كل ادواتها التنفيذية لتفشيل
خطط الخصم فتمكنت من الشارع والونت الفضاء السياسي بماتريد من الوان فسيطرت
على الشوط الثاني ( شوط المدربين ) فاصبح على المعارضة ان تبحث لها عن محترفين في
الشارع العام وعلى الحكومة ان تدعم شقها الاسفيري هذا اذا كان مكتوباً على هذا
السودان ان يعيش في صراع الى يوم يبعثون او الى ان يتمزق حتة حتة _لاسمح الله .
في تقديري ان قراءة الحدثين 27نوفمبر و19 ديسمبر مع بعضها
تكشف لنا كمية الارهاق الذي تعانيه الطبقة السياسية السودانية وللاسف فهو ارهاق
غير خلاق اللهم الااذا لعن الجميع ابليس – ولاظنهم سوف يفعلون قريباً – ووضعوا
الكرة ارضاً وتراضوا على خطة عمل تنقذ البلاد والعباد ولكن بما ان الفريقين مصرين
على ان المباراة لم تنته وان التنافس مازال مستمراً وانه سوف ستمر الى ان يقضي
احدهما الاخر اقصاء يستمر الى ما بعد يوم القيامة فليس هناك امل ان يلعن الجميع
ابليس في الوقت الحاضر فالكل يستعين به من أجل القضاء على الاخر وهو ابليس – مبسوط
24قيراط .
طالما ان الجميع في حالة ضعف وصعب عليهما الاتفاق وان
اتفقا سيكون اتفاق ضعفاء فاننا نلتمس من الفريقين تقوية نفسيهما ولنبدا بفريق
الحكومة فعليها ان تلملم اطرافها وذلك بتقوية حزبها المنهك والذي وصفه رئيسه
ذات مرة بانه اضحى اتحاداً اشتراكياً ثانياً فماذا لو فكر في ارجاع الالف اخ
و(السائحون )والاصلاح الان ومنبر السلام والشعبي والمعتزلة من الافراد الى حظيرته
. هولاء الذين خرجوا مغاضيين قد اكتسبوا نظرة جديدة للدين والدولة ولهم موقف من
الطريقة التى تدار بها الدولة كل هذا سوف يقربهم لاخوانهم القدامى السبت يرفضهم ان
يكون العصيان مصفياً للحكومة انما مصلحاً لها .
على القوى التى تحمل السلاح ان تعيد النظر في موقفها فهي
الان اكبر مهدد لثورة سلمية . ان المواطن اصبح يخشى هذه القوى المسلحة اكثر من
خشيته الحكومة عليها ان تسال نفسها ما جدوى حمل السلاح طالما انه يضعف الوطن ويقوى
الحكومة على المعارضة المدنية وتحديداً السيد الصادق المهدي ان يراهن على
الداخل اكثلر من رهانه على الخارج عليه ان يفتكر لحزبه اكثر اذا ماراجعت الحكومة
نفسها وكذا فعلت المعارضة وخرج الاثنان من حالة الهزل والتوهان يمكن ان يلقيا لقاء
اصحاء معافين من اجل صحة البلاد والعباد الا والخرطوم ليست محمية اكثر من حلب
والموصل وصنعاء وبنغارزي ومقديشوا وفي يوم من الايام بيروت
تعليقات
إرسال تعليق