دولة الجنوب .. إيواء و تشرد ..
دولة الجنوب الوليدة و التي خرجت للحياة من رحم
السودان الكبير في التاسع من يوليو 2011م تعتبر من الدول ذات المساحة الجغرافية
الكبيرة نسبياً مقارنة بكثير من دول
العالم على المحيط العربي أو الأوروبي و هذه المساحة الكبيرة الممتدة قطعاً لها
ثمن فضلاً عن دول الجوار الجنوبي ألست التي كانت تحد السودان من ناحية الجنوب
أصبحت الآن حدوداً؟ ربما غير آمنة بالقدر المطلوب ؟ لدولة الجنوب الوليدة و التي
تقدر مساحتها بثلث مساحة السودان و هي الدولة رقم (45) عالمياً من حيث المساحة ..
و هي أكبر من ضعف مساحة أنجلترا و أقل بقليل من ضعف ألمانيا و أكبر من فرنسا بكثير
و أكبرمن مجموع تسع دول عربية مجتمعة .. و دولة الجنوب تمتد حدودها مع السودان بما
يزيد عن الإثنين ألف كيلو متر بعشر كيلومترات .. ذلك التمدد و التوسع و الإنتشار
في مناطق جغرافية متعددة يقابله بالقطع شح في الموارد الإقتصادية عدا البترول و
القليل من الأشجار النادرة و يقابله أيضاً إنهيار في البنى التحتية من طرق و خطوط
نقل مما يضعف التواصل الإجتماعي بين مكوناتها من جانب و بينها و بين الدول الأخرى
من الجانب الآخر لذلك يظل السودان بحكم العلاقة التاريخية و الصلات الإجتماعية و
الحوار الجغرافي و عوامل أخرى كثيرة هو الأقرب إلى دولة الجنوب و هو الأولى بتقديم
فروض التعاون و التقدير و الإحترام الشيء الذي للأسف لم يحدث من قادة الدولة
الوليدة و لا بأي قدر كان و تلك هي بداية أزمة الدولة الوليدة أضافت إليها حكومة
الجنوب أزمات أخرى كثيرة أولها عدم ترتيب الأولويات لدولة وليدة و ثانياً كسبها
عداءات جديدة لاداعي لها أصلاً و ثالثاً محاولتها زعزعة أمن و إستقرار الدولة التي
مدت لها يد العون ؟ و أعني السودان ؟ و رابعاً محاولتها تدمير |إقتصاد السودان و
مورده الأول لحظة الإنفصال و أعني البترول بضرب هجليج و الهجوم عليها . و هي
تقريباً المنطقة التي تبقت للسودان لإنتاج البترول بعد أن إنفصلت الدولة الوليدة و
أخذت معها أكثر من 80% من عائدات بترول السودان قبل الإنفصال . سؤال ربما يطرح
نفسه أو ينتظر إجابته قارئ هذه السطور و هو ما مناسبة هذه الفذلكة التاريخية
للدولة الوليدة ؟ و ما هو المطلوب بكتابة هذه السطور من الدولة الوليدة أو من الذين
يقفون وراءها من القوى الأجنبية أو حتى القوى المحليه التي ترى فيما يجري الآن من
حروب و أزمات و تشرد أفضل الأوضاع التي توفر لهم سبل كسب العيش أو الثراء السريع
.. المناسبة بإختصار هو ذلك الوضع الذي وصلت إليه هذه الدولة ؟ أخبار الأمس فقط
تقول أن قوات الجيش الشعبي و ميلشيات سودانية و المقصود هنا حركات دارفور المتمردة
الموجودة في دولة الجنوب ؟ و قطاع الشمال الذي ترعاه دولة الجنوب هؤلاء قاموا بقصف
مواقع للمعارضة الجنوبية التي يقودها الدكتور رياك مشار و النتجية هي حدوث أعنف
المعارك من نوعها في دولة الجنوب في مناطق قرنتيه و بعض المناطق الأخرى التي توجد
فيها المعارضة المسلحة .. الناتج السلبي لهذه المعارك التي إستخدمت فيها حكومة
دولة الجنوب الحركات المتمردة على حكومة السودان ضد معارضتها الداخلية ؟ مقابل إيواءها و حمايتها و توفير كل
معيناتها من إمكانياتها الأصاً ضعيفة .. الناتج هو تشرد مواطني دولة الجنوب
بالآلآف إلى الدولة التي خرجوا منها طواعية و بمحض إرادتهم و وصفها بعضهم ((
بالوسخ )) عندما قال (( باقان أموم )) وداعاً وسخ الخرطوم ..! تقول مفوضية الأمم
المتحدة لشؤون الاجئين في تقريرها أن شهر أكتوبر الماضي شهد أعلى وصول للاجئ دولة
الجنوب إلى السودان ؟ ولاية النيل الأبيض على وجه الخصوص بتسجيل ثلاثة آلاف و
تسعمائة إثنان و ستين فرداً بما يعادل ألف و خمسمائة و إثنين و خمسين أسرة .. ليصل
اللاجئين الجنوبيين في ولاية النيل الأبيض وحدها إلى ما يزيد عن الإثنين و عشرين
ألف مواطن جنوبي متشرد .. خلال الفترة من ديسمبر 2013م و الى اليوم وصل عدد
اللاجئين الجنوبيين فقط إلى (263ألف لاجئ ) و من المتوقع أن يستمر هذا التدفق بسبب
سوء الأحوال الأمنية و الإقتصادية و الصحية في الدولة الوليدة .. الخرطوم تستعد
لإستقبال ثامبو مبيكي لجولة تفاوض جديدة مع الحركات المتمردة المدعومة من دولة
الجنوب .. و الإيقاد تستعد لإجتماع الجمعية المقبل للوضع في الجنوب و أيضاً لأمن
المنطقة و سلامتها .. ألم يحن الوقت بعد لأن تتخذ دولة الجنوب قراراً شجاعاً و
جريئاً تعترف فيه بإيوائها لحركات دارفور و إستخدامهم ضد المعارضة الجنوبية و ضد
حكومة السودان و تعترف فيه بتبعية قطاع الشمال لها و من ثم تتخذ قراراً بطردهم
جميعاً من أراضيهم بل تجريدهم من أسلحتهم و تلتفت لأعداد المتشردين و اللاجئين من
الجنوبيين صوب السودان و تستبدل إيواء الحركات و إستضافتها بحل مشكلة مواطنيها ..
؟؟
عبد الملك النعيم
تعليقات
إرسال تعليق