الجنوب إلى أين ..؟
على شفا حرف هار، تقف
دولة جنوب السودان ، فالأحداث التي تجري اليوم في كل مناطق الجنوب خاصة أعالي ألمي
الكبرى تحتاج الى نظر دقيق ومتابعة لصيقة، وهي المؤشر الكامل على أن الدولة التي لم
تبلغ الحلم بعد منذ انفصالها عن البلد الأم ، باتت في عداد الموتى ومن الصعب
إعادتها مرة ثانية للحياة .
> تدور المعارك الضارية من فترة في كل أجزاء جنوب
السودان، وأشدها في أعالي النيل الكبري، وتقدمت المعارضة الجنوبية وفرضت سيطرتها
على مناطق عديدة ويكاد يكون كل إقليم أعالي النيل في يد المجموعات المناوئة لحكومة
جوبا وفِي مقدمتها حركة الدكتور رياك مشار التي تشهد تأييداً كاسحاً من كل قطاعات
قبيلة النوير في داخل الدولة وخارجها خاصة في بلاد المهجر في الولايات المتحدة
وأستراليا وكندا وغرب أوروبا وكينيا، وبخروج أعالي النيل من سيطرة جوبا ووجود
تململ في الاستوائية ومعارك متقطعة في غربها وشرقها، ليس أمام الرئيس سلفا كير سوى
البحث عن سلام بأي ثمن كان او مواجهة المصير المحتوم لدولته المنهارة .> وتكشف الأوضاع الحالية وتقدم المعارضة الجنوبية على مسارح العمليات أن رهان سلفا كير على نائبه الأول تعبان دينق الذي كان أحد كبار مساعدي مشار، كان رهاناً خاسراً. فتعبان دينق لم يستطع استمالة قبيلة النوير التي ينتمي إليها، ولم يقطع الطريق أمام مشار في حصد تأييد القبيلة وراءه ، إضافة الى ذلك حدثت تطورات مهمة في أعالي النيل وهي امتناع أبناء دينكا أعالي النيل في القتال الى جانب حكومة سلفا كير مما يعني أن النوير والشلك والديناميكية والأنواك وقبائل أخرى في هذا الإقليم المهم الشاسع المجاور للسودان وإثيوبيا خرج من يد حكومة جوبا .
> الشيء الثاني باتت اتهامات المعارضة الجنوبية لجمهورية مصر بالتدخل والتورط ومشاركة قواتها الجوية في المعارك الدائرة لصالح حكومة الرئيس سلفا كير، اتهامات تجد آذاناً صاغية في الإقليم والمحيط الدولي ، ولا تكف المعارضة عن نشر معلومات عن الهجمات التي تنفذها الطائرات الحربية المصرية وعن المدرعات والدبابات والعتاد الحربي المصري الذي دعمت به القاهرة جوبا ، فإذا صح التورط المصري فإن نطاق الحرب في الجنوب ربما يتوسع وتدخل أطراف إقليمية أخرى وسبق أن تورطت يوغندا في هذه الحرب لصالح جوبا وسط رفض كبير من دول المنطقة .
> اذا كان السودان وهو أهم وأكثر دولة في الإقليم والعالم ينبغي أن تنشغل بما يدور في جوارها الجنوبي ، تلتزم الصمت وتنأى بالنفس عن هذا الوحل الدامي ، فإن الحرب باتت على مقربة منها وقصف الطائرات المصرية وأريدها كما يقال يسمع في داخل المناطق الحدودية السودانية ، ويتدفق المئات والألوف من المواطنين الجنوبيين الفارين من أتون الحرب الى داخل الأراضي السودانية ، فهل ستكون الخرطوم متفرجة تنتظر عما تسفر عنه هذه الجولة من المعارك أم تقدم مبادرة لوقف القتال ومساعدة الجنوبيين جميعاً في البحث عن حلول بعد فشل الاتفاقية التي ساهمت فيها الإيقاد ؟ .
> الوضع بكامله ينذر بخطر داهم عبء تداعياته ربما يتحمله السودان وحده في حالة نزوح سكان أعالي النيل او الوحدة وبحر الغزال شمالاً ، ولا تبدي دول الإقليم او المجتمع الدولي أدنى اكتراث للمحنة الجنوبية ، فلربما يئس الجميع من الحرب الملعونة وتركوا دولة الجنوب تواجه مصيرها وحدها ، وتركوا السودان يتحمل خطاياهم بمفرده
تعليقات
إرسال تعليق