مع ياسر عرمان (1-2)



انا اليوم اكثر اشفاقا على ياسر عرمان من اي وقت مضي ، فهو يعاني مما يعاني من اتهامات شتى توزعها الحكومة بغرض اضعاف موقفه السياسي واشانة سمعته ثم هو يعاني من ضغوط جماعته المسلحة التي تتهمه بانه يقدم تنازلا وراء تنازل في المفاوضات مع الحكومة اخرها القبول بخارطة الطريق ، ثم هو في موضع اتهام مجموعات اليسارين والمعارضين الاخرين بانه تخلي عن الانتفاضة وهرول الي لتوقيع نداء السودان مع القوي الرجعية التي لن تفعل شيئا لمستقبل السودان اخير هاهو يحاصر بمجتمع دولي واقليمي يهدده بالويل والثبور وعظائم الامور ما لم يلتحق بخارطة الطريق ..!! كل الرياح ضده وموازين القوى ضده واصدقاء الامس اليوم ضده مما دفعه لخضم متاهة اسال الله ان يخرجه منها سالما .
ما دفعني للتعاطف مع الاخ ياسر هو البيان الذي اصدره امس في اعقاب لقاء باريس ، احست انه مليئ بالتناقضات وكنت ولا زلت اتمني ان يكون صديقي الحاج وراق بالقرب منه ليعينه على ما هو فيه من مازق ، فللحاج بصيرة وقدرة على التحليل العميق اكثر بكثير ممن يتحلقون الان حول الاخ ياسر ، استوقفتني في البيان نقطتان ؛ الاولي تتعلق بالانتفاضة والثانية اسمها خطوط حمراء .
يشرح السيد ياسر في بيانه التغييرات التي اعترت الاوضاع السياسية ، مشيرا الي ان الانتفاضة لم تعد متاحة بذات نسقها في اكتوبر وابريل وبحاجة لادوات جديدة ثم يقول ( الحركة تدير بعض مناطق الحدود الدولية مع بلدين على الاقل ، وذلك يحتاج الي حسابات دقيقة مع الوضع الاقليمي والدولي ، والذين درجوا على المطالبة بوقف الحرب ودعم معالجة القضيا الانسانية ، هذا موقف سياسي سليم لكنه لا يمر الا بالجلوس مع النظام وهو يعارضون الجلوس مع النظام ، ، فكيف يطالبوننا بوقف الحرب وعدم الجلوس مع النظام ؟  عليهم التفكير مليا في موقفهم المتناقض ) .
نعم انه سؤال ، على الغوغائيين من معارضي التسوية السياسية ان يجيبوا عن هذا السؤال وهو سؤال يدل على عمق تفكير الاخ ياسر وقراءته الصحيحة لحسابات السياسة الداخلية والخارجية واحساسة  بالمسؤولية في معالجة القضايا الانسانية التي يحتاجها سكان المناطق الموبوءة بالحرب .
ما تجدر ملاحظته في بيان السيد ياسر وقبله بيان نداء السودان السلاح انهم تخلوا كليا عما كانوا يسمونه النضال المسلح وتلك خطوة ممتازة في الطريق الصحيح ، من الخير انهم ادركوا ان ذلك الطريق لن يقودهم الا الي الخراب ، كنت بذات الفهم وودت لو تخلي الاخ ياسر عرمان وجماعة النداء عن موضوع الانتفاضة فليست له دالة في الساحة السياسية اليوم وعواقبها مجهولة ودروس ما ادت اليه الانتفاضات مبذولة على حدودنا ، شمالا وغربا .
لكن دعنا نقول انهم يلوجون بها ككرت ضغط ومن حقهم استخدام كل كروتهم في لعبة التفاوض القادمة ، فقط الا يرسخ في وعيهم ان هذا الكرت هو كرت ( الاتو ) وان يتذكروا ان هذا الكرت ظل معلقا بايديهم طيلة ربع قرن فلم يساعدهم في تغيير النظام او دفع الجماهير للنزول او دك اللعبة ، اذا لم يعتبروه (بايظ ) فعليهم الا يعولوا عليه كثيرا ، في ظل عالم يموج بقيم متغيرة وجغرافية تم ( دكها ) و ( شكها ) وليس واضحا على اي شاكلة ستتوزع من جديد .!! ونواصل .
عادل الباز

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قرقاش يستقبل وزيرة الخارجية السودانية

مشاركة متميزة للوفد الرياضي بكأس الأمم الإفريقية

حزب الوطن:القوات المسلحة والدعم السريع الضامنان للفترةالانتقالية