أنا وعرمان.. وظلم ذوي القربي! “2”
بالأمس كنا
في انتظار أن تعيد الحركة الشعبية تقديم قائمة مرشحيها لحكومة الوحدة الوطنية للسيد
رئيس الجمهورية.. أشرت من قبل.. في السياق.. سبب قربي من ذلك الملف يومئذ.. وكنت أتابع
حتى وقت متأخر من تلك الليلة.. فقد كانت تلك اللحظة هي اختبار لمصداقية الطرفين في
المضي قدما في تنفيذ المصفوفة وبالتالي الاتفاقية.. وقبيل منتصف الليل تأكدت أن ترشيحات
الحركة الشعبية لشغل حصتها في مناصب حكومة الوحدة الوطنية قد وصلت بالفعل.. فلم أهتم
بالتفاصيل.. فمضيت لحالي.. ولكن قبل أن نمضي في متابعة وقائع تلك الليلة.. نتوقف قليلا
عند النصوص الدستورية التي كانت حاكمة لتلك العملية آنذاك.. فقد كان الدستور الانتقالي
ينص في اختصاصات رئيس الجمهورية على.. (التعيينات التي يجريها رئيس الجمهورية حسبما
وردت في الملحق (ب) (1) من اتفاقية السلام الشامل).. أما النص المحال إليه في اتفاقية
السلام الشامل وفي محور السلطة فقد كان يقول.. (التعيينات التالية سوف تتم من خلال
المشاورات داخل مؤسسة الرئاسة وهي.. (تعيين حاكم (واليي) ولايتي جنوب كردفان والنيل
الأزرق).. ثم.. تعيين شاغلي المناصب الدستورية في حكومة الوحدة الوطنية.. (الوزراء
ووزراء الدولة).. هكذا تحديدا.. وتأتي أهمية الإشارة لهذا البند بتفاصيله لأن الدستور
الانتقالي.. وفي ذات اختصاصات الرئيس.. أشار لبند آخر مهم جدا.. نص فيه على.. (يجوز
لرئيس الجمهورية أن يعين مساعدين ومستشارين ويحدد مهامهم وأسبقياتهم).. ولعل الفرق
واضح بين البندين.. فالأولى تلزم الرئيس بالتشاور داخل مؤسسة الرئاسة لتعيين الوزراء
ووزراء الدولة.. ولكن الثانية تطلق يده تماما قي اختيار وتعيين مستشاريه ومساعديه..!
وغني عن القول
إن قائمة ترشيحات الحركة الشعبية التي تسلمها الرئيس في تلك الليلة كانت تضم الوزراء
ووزراء الدولة ومستشاري الرئيس كذلك.. وفي الساعات الأولى من صبيحة اليوم التالي..
بعد الثانية صباحا.. رن هاتفي رنينا متصلا أيقظني من النوم.. كان الأستاذ ياسر عرمان
في الطرف الآخر.. كان ياسر غاضبا جدا.. لأن الرئيس رفض اعتماد ترشيحه من قبل الحركة
الشعبية كمستشار للرئيس.. وتحدث مطولا عن ما أسماها إعادة إنتاج الأزمة.. وعن إصرار
(الجماعة) على تعكير الجو السياسي.. ثم انتقل إلى المؤامرة ضده شخصيا.. وكيف أنها تأخذ
اشكالا مختلفة.. وأنه كان يعتقد أن الرئيس يختلف عن الآخرين.. وحين أتيحت لي فرصة للتعقيب
قلت له.. أعتقد أنه من الصعب أن تفرض أي جهة على الرئيس مستشارا لا يرغب في التعامل
معه.. كانت عبارتي هذه مدخلا لياسر لطلب غريب.. حيث فاجأني بقوله.. أنت تستطيع.. دهشت
في بادئ الأمر.. ثم قلت له ليست لدي أي صفة للتحدث للرئيس قي هذا الأمر.. هذا شأنه
هو.. بدا لي ليلتها أن ياسر لم يقتنع بما أقول.. إذ عاد للحديث عن المؤامرة والاستهداف
الشخصي.. ففضلت أن أدير الأمر كله لوجهة أخرى.. فقلت له.. إن كانت هناك مؤامرة ضدك
فهي ليست من الرئيس.. قال لي ممن إذن..؟ قلت له من حزبك.. ومضيت أشرح وجهة نظري.. أنت
تعلم أن بينكم وبين المؤتمر الوطني نوعين من الوظائف.. وظائف ملزم الرئيس بالتشاور
فيها وأخرى من صميم اختصاصه وله مطلق الحرية في أن يعين فيها من يشاء.. ومضيت قائلا
له.. الحركة تعرف تحفظات المؤتمر الوطني حولك.. لذا كان عليها أن تفرضك في قائمتها
بأن ترشحك لمنصب أساسي لا سبيل لهم للاعتراض عليه.. لكن بهذا الشكل فالحركة هي التي
قادتك لهذا الوضع وليس الرئيس.. كان طبيعيا أن يرفض ياسر منطقي هذا.. ولكني كنت ولا
زلت مقتنعا أن ياسر كان ضحية ظلم ذوي القربى.. خاصة حين تداعت أحداث أخرى..!
نواصل غدا.
محمد لطيف
تعليقات
إرسال تعليق