دوافع الحركة ... مرحبا بالاسرى
ايا كانت
الدوافع التي جعلت الحركة الشعبية قطاع الشمال تطلق سراح 132 من اسرى الحرب ،
فيتيعين علينا ان نرحب بالخطوة النادرة ونؤكد انها تدعم بناء الثقة وتسهم ايجابا
في تعزيز المناخ التفاوضي وصولا للسلام المنشود .
وراء كل اسير من
المطلق سراجهم توجد قصة انسانية ، اسرة واطفال ووالد ووالده وزوجة وعائلة تتقلب في
جمرة المعاناة بعد ان فقدت العائل والسند ، لن تجد عائلات الاسري اصدق من الدموع
لتعبر بها عن الفرحة بالعائدين الذين اخذوا معهم سكر الحياة وملحها وتركوها بلا
طعم .
هي خطوة اهدت الاسرى
واهليهم حياة جديدة ، لذا فان الترحيب بها واجب لا يمكن تجاوزه والاقرار باهميتها
امر مفروغ منه قبل ان نتحدث عن المبررات والاسباب والدلالات .
بالطبع نشطت
مبادرة السائحون في تدشين خارطة الطريق التي افضت الي هذه الخطوة ، وظلت الاتصالات
تترى في هذا الجانب حتى تناول العائدون غداء الغربة الاخير مع الرئيس اليوغندي
يوري موسفيني قبل ان يستقلوا الطائر الميمون في طريق عودتهم للخرطوم مساء امس .
يلحظ المراقبون
ان الحركة الشعبية كانت بحاجة الى طوق نجاة يقيها طوفان الهجمة الدولية التي
وضعتها في خانة سالبة مع ارتفاع وتيرة الغضب الامريكي بعد رفضها لمقترحات ادخال
الاغاثة للمنطقتين .
معلوم ان الحركة
رفضت مبادرة امريكية لايصال الغذاء الي مناطقها في جبال النوبة والنيل الازرق ،
والراجح جدا ان هذا الموقف هو الذي دفع دونالد بوث المبعوث الامريكي السابق لصب
جام غضبه على الحركة والاعلان في اخر تصريح له ان قياداتها تسعي لتحقيق اجندتها
الخاصة على حساب احتياجات المواطن البسيط ، تصريحات بوث نزلت كالصاعقة على قيادات
الشعبية فظهرت الازمة بينهم وواشنطن التي تستعد لتسمية مبعوث جديد هذه الايام في
ظل ادارة لديها تفاهمات ايجابية مع الحكومة السودانية .
والمعلوم قبل
ذلك ان الحركة الشعبية تسببت في نسف جولة مفاوضات السلام بعد اصرارها على نقل
الاغاثة من الخارج دون رقابة الحكومة ، وتعنتت بعد ذلك في كل البدائل التي طرحتها
الحكومة واقترحتها امريكا لايصال الاغاثة للمنطقتين .
الراجح كذلك ان
الشعبية كانت تعول على تحريك الشارع وتنظيم احتجاجات المواطنين حتى تسقط الحكومة
بعد زيادة اسعار الوقود والكهرباء ، كما عولت بعد ذلك ودعمت الاعتصامات التي فشلت
في محاصرة الحكومة وارغامها على تقديم التنازلات المطلوبة .
في اعقاب رفع
العقوبات الامريكية عن السودان ومع التقارب الماثل في العلاقات بين الخرطوم
وواشنطن ساءت العلاقة بين الحركة الشعبية وامريكا التي اخذت تصحح في كراسة الحركة
الانسانية ومواقفها السياسية فكان الهجوم المتكرر على رفضها ادخال الاغاثة ،
وادانة ما ظلت تقترفه بحق المدنيين في حادثة الحجيرات وغيرها من نهب للماشية
وتقتيل للرعاة العزل والاطفال ، وجاءت الطامة الكبرى بتشديد واشنطن والضغوط على
الحركة في ملف الاغاثة بالتحذير من مجاعة وشيكة في المنطقتين بفعل تعنت الشعبية .
عموما احسنت
الحركة فعلا باطلاق الاسري لكنها بالفعل تبحث عن انجاز يحسن من وضعية ملفها
الانساني في نظر المجتمع الدولي ، ويمنحها فرصة جديدة لتسويق مواقف جديدة للغرب
وواشنطن على وجه التحديد .
خطوة اطلاق
الاسري مهمة بالتاكيد لكنها لن تغني بالطبع عن السلام الشامل الذي يوصد الباب امام
القتل والاسر والجوع والنزوح ، على الحركة ان تناي عن استخدام المسكنات وتجنح
للسلام فهو الحل والعلاج الناجع لكل ازماتنا وكوارثنا السياسية والانسانية ، مرحبا
بالاسري .
محمد عبدالقادر
تعليقات
إرسال تعليق