قبل أن يتحول القطاع إلى قطع صغيرة



الحركة الشعبية قطاع الشمال لم تكن قبل انفجار الخلافات بين قيادتها واستقالة الحلو لم تكن أساساً في موقف قوة، بل كانت (مدروخة) ميدانياً، محاصرة جغرافياً لحد كبير بجانب جفاف الكثير من خطوط إمدادها عسكريا، سواء كان على مستوى الإمداد الإقليمي أو على مستوى المساندة الدولية خاصة بعد توجهات الولايات المتحدة لتخفيف ورفع العقوبات الاقتصادية عن السودان ومسارات تطور العلاقات الثنائية في ظل إدارة أمريكية جديدة تحسب حساباتها جيداً وتعلي من ترتيب ملف مصالحها الاقتصادية .
وفي وجهة نظري أن تطور الخلافات ونذر الانقسامات في صفوف الحركة الشعبية في هذا التوقيت بالذات لا يجب التعامل معه في الخرطوم باعتباره أمرا مبشرا وتطورا إيجابيا مثاليا، أو يستدعي صيغة الدعاء (اللهم فرق جمعهم وشتت شملهم واجعل الدائرة عليهم)، لأن انقسامات هذه الحركة الواهنة المتراجعة القوة في هذا التوقيت وهي في مرحلة الضعف الشديد قد تعني لاحقاً إحتمال نجاح تسوية جزئية مع الطرف الأقرب للتفاهم من الكيانات المنقسمة الجديدة وبقاء الأطراف الأخرى موجودة في ميدان التمرد بأحجام صغيرة قد تصر على البقاء والبحث عن بدائل تسليحها وتمويلها وبالنتيجة النهائية تتأخر عملية التسوية الشاملة المطلوبة لملف التمرد .
كان من الأفضل للخرطوم أن تتعامل مع كيان واحد وتتفاوض مع أجندة واحدة حتى ولو كانت عملية التفاوض مع هذا الكيان مرهقة لكن النتيجة ستكون بالطبع نهائية، لكن مثل هذه الخلافات التي ستنتج في الغالب انقسامات داخل قطاع الشمال ستعقد بالتأكيد مشروع الحل الشامل لملف الحرب والذي يتم في أفضل صوره بالجلوس مع متفاوض واحد يحمل وثيقة واحدة لمطالبه .
صحيح أن خلافات قادة الحركة الشعبية، ستضعف حماس قواعدها من حملة السلاح للقتال والحرب.. وتشكل ضربة قاصمة لظهر الحركة الشعبية، وتساعد في تحرير المناطق التي تقع تحت سيطرتها لكن علينا أن نتذكر أن الحرب الدائرة هي في الأساس حرب عصابات وهي حرب يمكن أن تستمر برمزية وجودها والاكتفاء فقط بخلق حالة من عدم الاستقرار الكامل في تلك المناطق وليس تحقيق هدف أكبر من ذلك .
قطاع الشمال وصل إلى هذا المستوى من التوتر الداخلي وتصاعد الخلافات بين قياداته بسبب عدم توافق الرؤى والمحطات المستهدفة للوصول فكل قائد من ثلاثتهم لديه محطة مستهدفة تختلف عن محطة الآخرين بجانب ماتواجهه الحركة من الضغوط التي أشرنا إليها، والمتمثلة في تراجع المساندة الإقليمية والدولية، وفقر الحركة، فالفقر والإفلاس يضاعف من حدة التوتر والعصبية ويشل التفكير، وهذا الذي كان سيوفر فرصة أكبر للضغط عليهم كمجموعة واحدة في اتجاه البحث عن التسوية .
على كل حال نستطيع أيضاً أن نقول إن هذه الخلافات تؤكد أن الحركة الشعبية (كاملة أو مجزأة) لن تحقق في مرحلتها القادمة أكثر من هدف الإزعاج الأمني المتواضع الفرص والذي لا قدرة له على تشكيل أي مستوى من الخطر الأمني الحقيقي .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين
جمال علي حسن

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قرقاش يستقبل وزيرة الخارجية السودانية

مشاركة متميزة للوفد الرياضي بكأس الأمم الإفريقية

حزب الوطن:القوات المسلحة والدعم السريع الضامنان للفترةالانتقالية