الحركة الشعبية .. بين رفض ايصال المساعدات للمنطقتين ونهب ابقار المواطنين
ظللت
لاكثر من شهر احاول جاهدا التوصل الي منطق يقنعني ويقنع المحتارين مثلي ، عن ابعاد
رفض الحركة الشعبية شمال المبادرة الامريكية القاضية بايصال المساعدات الانسانية
الي المواطنين المتاثرين في جنوب كردفان والنيل الازرق .
المبادرة
الامريكية تضمنت مقترحا تتولى بموجبه وكالة المعونة الامريكية والمنظمات الانسانية
نقل المساعدات والادوية الي اي مطار سوداني داخلي ، لتتاكد السلطات السودانية من
محتوي الشحنة ، من ثم يتم نقلها للمتضررين في مناطق سيطرة الحركة بجنوب كردفان
والنيل الازرق .
الحكومة
السودانية التي وافقت على المقترح الامريكي ، اتهمت الحركة الشعبية بعدم الرغبة في
تحقيق السلام وانهاء معاناة المواطنين في المنطقتين ، وينطلق اتهام الحكومة
السودانية من منصة مواقف سابقة ابدت فيها
الحركة الشعبية تعنتا بشان ايصال المساعدات الانسانية ، كان اخرها الاتفاق الثلاثي
الموقع بين الحكومة السودانية والامم المتحدة والجامعة العربية لايصال المساعدات
الانسانية للمواطنين المتاثرين في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية .
لقد
ظلت خطي المفاوضات تتعثر بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية طوال ست سنوات ومن
خلال احدي عشرة جولة سابقة بسبب تلويح الحركة الشعبية بكرت المساعدات الانسانية ،
والتشديد على ضرورة التوصل الي اتفاق بشانه ، كاولوية قصوى قبل الخوض في تفاصيل
الملفات السياسية والامنية ، وهو ما كانت ترفضه الحكومة وتطالب بطرح القضايا الامنية
والسياسية والانسانية جملة واحدة ، وتعتقد الحكومة في اصرار الحركة الشعبية على
مناقشة القضايا الانسانية بمعزل عن القضايا الامنية والسياسية ، مراوغة من الحركة
لتحقيق اجندة متعلقة بتشوين قواتها ، ونقل معدات واليات للتنقيب عن الذهب ، وليس
مساعدة المواطنين الموجودين في مناطقها ، لتاتي المبادرة الامريكية وتقطع قول كل
خطيب ، ولكن المفاجاة كانت في رفض الحركة الشعبية المبادرة الامريكية .
موقف
الحركة الشعبية يفتح الباب واسعا لدخول رياح من الريبة والشك تهز بجزع الثقة في
جديتها ورغبتها في التوصل الي تسوية سلمية تنهي معاناة المواطنين في جنوب كردفان
والنيل الازرق ، لان رفض الحركة الشعبية للمبادرة الامريكية يؤكد عدم اهتمامها
بمعاناة المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها ، والتي تعتبر بحسب الامريكان
انفسهم ، مناطق نقص غذائي حاد .
رفض
الحركة الشعبية للمبادرة الامريكية ، تبعه هجوم منظم على الرعاة وقتلهم بدم بارد
والاستيلاء على مئات الابقار ، في مناطق متفرقة بولاية جنوب كردفان ، اصابع
الاتهام وجهت مباشرة الي الحركة الشعبية ، التي اصدرت بيانا اوليا ادانت فيه
الحادثة ، ثم شكلت لجنة للتحقيق ، ولكن توالي الحوادث وتزامنها ، اعطي اشارة واضحة
الي منهجية الهجوم وانطلاقة وفق رؤية عسكرية مرتكزة على توجيهات سياسية ، مما يعني
ان التحقيق لم يكن سوى محاولة للتمويه وان نتائجه لن تغني ولن تسمن من جوع وانما
ستروح شمار في مرقة .
يقيني
ان استراتيجية الحركة الشعبية في المرحلة المقبلة تركز على قطع التقارب الماشي بين
الخرطوم وواشنطن ، ومحاولة عرقلة اتجاه الادارة الامريكية لرفع عقوباتها كاملة عن
السودان ورفع اسمه من قائمة الدول الراعية للارهاب ، ولعل الهجمات المتكررة على
الرعاة في جنوب كردفان ، انما هي تكتيك عسكري قصدت منه الحركة الشعبية ضرب اكثر من
عصفور بحجر واحد ، وذلك بتشوين قوات الجيش الشعبي بالغذاء من لحوم الابقار ، التي
توزعت على الحاميات العسكرية في عدد من المناطق التي تقع في نطاق سيطرة الحركة
الشعبية بجنوب كردفان ، ثم العمل على جر الحكومة الي القتال في انتهاك التزامها
بتمديد وقف اطلاق النار قبل انقضاء الستة اشهر ، وهي المهلة التي حددتها واشنطن
لترفع عقوباتها كاملة عن السودان .
اخشى
ان يكون تعنت الحركة الشعبية ورفضها للمبادرة الامريكية ، نقطة تحول في مسار
علاقتها بالمجتمع الدولي بعد فضح مواقفها وانكشاف قناعها الذي سقط على العدم واظهر
وجهها الحقيقي في ان نضالها المزعوم لم يكن باسم المواطن المهمش ، وانما اتخذت
الامر ذريعة لتحقيق اجندة لا علاقة لها بمصلحة المواطن الذي تفاعل مع اطروحاتها
وانفعل بشعاراتها ، فاصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار .
قلبي
على المواطنين في جنوب كردفان والنيل الازرق ، فمحاولة تغيير النظام او تثبيت
اركانه ، تمر من فوق جماجمهم ودماء اشلائهم .
اسماعيل
جبريل تيسو
تعليقات
إرسال تعليق