انقلاب في الحركة الشعبية
في احد ايام شهر نوفمبر الباردة من العام
1985 ، افتقد العاملون في الهيئة القومية للكهرباء احد زملائهم ، لم يكن احد يتوقع
ان يستمر غياب الموظف الوقور وقليل الكلمات عشرين عاما ، لم يعد عبدالعزيز الحلو
للخرطوم الا في العام 2005، وكتفه مرصع بالنجوم التي تشير الي علو مرتبته العسكرية
بين الرفاق ، لاحقا اكتشف متابعو سيرته ان الرحل ليس سوى تبن من تحت ماء ، صمته لم
يكن يعبر عن ضعف الحيلة ، فقد مارس الحلو السياسية عبر تنظيم الكملو الذي اسسه
يوسف كودة في نهاية السبعينات كتنظيم سري جهوي لابناء جبال النوبة .
اغلب الظن ان ذات المفاجاة وقعت على
الفريق مالك عقار حينما دفع الحلو باستقالته من منصب نائب رئيس الحركة الشعبية
وقائد عام جندها ، الاستقالة جاءت مصحوبة بمطالب اخري يمكن اجمالها في اخلاء
الطريق امام الرجل الواقعي عبر ازاحة الفريق مالك عقار والرفيق ياسر عرمان من
كابينه القيادة ، الانقلاب الهادئ والطي لم تكتمل فصوله مضي الي اكثر من ذلك حينما
لوح بتقرير المصير لمنطقة جبال النوبة .
المفاجاة لا تبدو في المطالبة بالتغيير
السياسي ولا حتى في تقرير المصير ، مجموعة الحلو التي تهيمن على مفاصل الحركة
العسكرية قامت بفصل المسارات ، طرح تقرير المصير للجبال ياتي متوافقا مع مشاعر
سالبة وسط اهل جبال النوبة ، هنالك من يظن ان اهل المناطق المهمشة يستغلون ابناء
الجبال للوصول الي الامجاد السياسية ، ثم يقلبون لهم ظهر المجن ، ذاك الشعور رسخه
انفصال جنوب السودان وتركه رفقاء السلاح في السهلة .
لاحقا بعد تكوين قطاع الشمال بقيادة مالك
عقار ، وبعد اسناد الامانة العامة للاستاذ ياسر عرمان سري ذات الشعور ..
خاصة بعد تخصيص الاعمال العكسرية الشاقة
لابناء النوبة ممثلين في عبدالعزيز الحلو قائدا عاما وجقود مكوار رئيسا للاركان ،
حينما اطلت الازمة الغذائية والقت بظلالها السالبة على منطقة جبال النوبة زاد
الشعور السالب ، والمفاوض ياسر عرمان يتعنت في قبول كل المقترحات التي تيسر اغاثة
مناطق جبال النوبة .
في تقديري ان الفريق الحلو فرضت عليه
الاجندة الانعزالية لمناطق جبال النوبة ، هذا
لا يعني عدم قناعته بالاطروحات الجهوية بل ادراكه لمالات رفضه لمسايرة هذا
الاتجاه ، عبدالعزيز الحلو لا ينتمي بالكامل لمنطقة جبال النوبة حيث تعود جذور
والده الي دارفور ، هذا العامل يجعل تجاوزه امرا يسيرا ربما يتم تخوينه ، لكن بروز
هذا الاتجاه الاستقلالي بين ابناء جبال النوبة يعبر عن خيبة امل الاجندة الحربية
والجنوح نحو الواقع ، الحديث عن تقرير
المصير لجبال النوبة ياتي متزامنا مع ذات الاتجاه الذي برز في دارفور ، مؤخرا انضم
اليساري عبدالواحد محمد نور الي مني مناوي رفيقه السابق في القتال في المناداة
بتقرير مصير اقليم دارفور .
بصراحة القراءة المستعجلة لانقلاب الحركة
الشعبية يوحي بقدوم اخبار ساره للحكومة ، لكن النظرة البعيدة توحي بتعقيد الملف من
الصعب التفاوض مع حركات متفرقة لا تملك رؤية مركزية ولا هدفا موحدا ، في واقع
الارض المتحركة ستعيش المنطقة في حالة الـ( ات حرب ) و الـ( لا سلام ) .
عبدالباقي الظافر
تعليقات
إرسال تعليق