تقرير مصير النوبة … الاصطدام بالـ«جبال» وخارطة الطريق
لم تبارح الازمة مكانها داخل الحركة
الشعبية قطاع الشمال ، اثر قرارات مجلس تحرير جبال النوبة الاخيرة بازاحة الامين
العام للحركة الشعبية ياسر عرمان من ملف التفاوض واحلاله بنائب رئيس الحركة
الشعبية عبدالعزيز الحلو ،ما ينذر بانشقاق وشيك فى الحركة الشعبية .
الانباء تضاربت حول تفاصيل اجتماعات قيادات الحركة الشعبية ـ قطاع الشمال بمنطقة «طبانيا» بجبال النوبة فى اليومين الماضيين واختتمت «الاثنين»الماضي واستمرت ليومين ، وفيما رشحت معلومات عن عدم مشاركة نائب رئيس الحركة الشعبية القائد عبدالعزيز الحلو فى تلك الاجتماعات ومغادرته فور وصول وفد الحركة الشعبية برئاسة مالك عقار والامين العام ياسر عرمان الى دولة اوغندا ، مضت اخرى الى ان «الحلو» كان جزءا من الاجتماعات التى لم تنج التسريبات حولها من التضارب والتناقض.
حرب التسريبات
بعض التسريبات اكدت وصول الاطراف الى قناعة بخطورة الانقسام على مستقبل الحركة الشعبية ككل ، وانها وان وافقت على ايلولة ملف التفاوض مع الحكومة الى عبدالعزيز الحلو الا انها لم ترفض استمرار عرمان فى موقعه امينا عاما للحركة الشعبية الى حين انعقاد مجلس التحرير القومى ،بالاضافة الى زيادة تمثيل ابناء جبال النوبة فى وفد التفاوض.
ولكن تسريبات اخرى اشارت الى فشل اجتماع قيادات الحركة الشعبية بحضور عبدالعزيز الحلو ، وعدم رضا قيادات الجيش الشعي بزيارة عرمان وعقار ،والتمسك بقرارات مجلس جبال النوبة التابع للحركة الشعبية بخصوص نزع ملف التفاوض من عرمان والاعلان عن اتجاه الى تنصيب «الحلو» رئيسا للحركة الشعبية خلفا لعقار الذى اشاروا الى انتهاء دورته فى رئاسة الحركة الشعبية.
القرارات ومآلات الخارطة
وبعيدا عن سحابة التناقض التى غطت سماء اجتماعات «طبانيا» بجبال النوبة ، يمثل اعتماد المطالبة بحق تقرير المصير واعتبار « الحلو» المرجعية التفاوضية الوحيدة وسحب الثقة عن «عرمان» وسحب ملف التفاوض منه ابرز قرارات مجلس جبال النوبة التى اعلنها «السبت» الماضى.
القرارات بمثل ما اخرجت يبدو انها لن تمر عبر مسار التفاوض الذى سارت عليه الحكومة والحركة الشعبية منذ منتصف العام 2011 عقب انفصال جنوب السودان ، وما يعرف بالتمرد الثانى ، ومازالت عجلاته تقف عند خارطة الطريق التى اقرتها الوساطة الافريقية برئاسة الوسيط الافريقي ثامبو امبيكى مارس العام الماضى بمباركة المجتمع الدولى وفى مقدمته الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي والجامعة العربية.
الخارطة الافريقية التى وقعت عليها الحكومة ثم لحقت بها قوى المعارضة ممثلة فى الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركة مني اركو مناوي وحركة جبريل ابراهيم ورئيس حزب الامة القومى الصادق المهدى ،اعتمدت الحوار الوطنى مرجعية للتفاوض فى قضايا المنطقتين كما اعتمدت اتفاق الدوحة مرجعية للتفاوض حول مشكلة دارفور ، وكلا المرجعيتين تتنافيان و حق تقرير مصير جبال النوبة الذى اعتمده مجلس جبال النوبة.
ولعل تسمية الخارطة الافريقية لمالك عقار رئيس الحركة الشعبية قطبا فى التفاوض دون الاشارة الى مجلس جبال النوبة ككيان تفاوضي ،علامة اخرى على ما يمكن ان يظهر على سطح الاحداث من تأثير جراء انشقاق الحركة الشعبية قطاع الشمال ومغادرة المساندين لموقف مجلس جبال النوبة لسربها، فيما يظل تأثير ابعاد عرمان من ملف التفاوض تأثيرا ينسحب سلبا على داخل «الشعبية» وان تخطى ملف التفاوض.
اتفاق الحكومة والمعارضة
ولعل الحكومة التى آثرت الوقوف بعيدا من نتوءات الصراع الحادة ، لم تخف انحيازها الواضح لخيار التحاور مع جسم واحد ، بحسابات ان انقسام «الشعبية» سيؤثر سلبا على عملية التفاوض ـ هكذا عبر وزير الخارجية ابراهيم غندور.
غندور قال فى تصريحات الاثنين إن التفاوض مع حركة موحدة افضل من التفاوض مع حركة منقسمة ،لافتا الى ان ما تشهده الحركة من انقسام لا يشير الى اى عمل ايجابى تجاه عملية السلام برمتها، وتابع « نتمنى ان تركن الحركة الشعبية الى السلام تنفيذا لرغبة اهالى جبال النوبة قبل ان تكون رغبة الحكومة او الشعب السودانى».
وحتى الجبهة الثورية ،الوعاء الجامع لمكونات المعارضة المسلحة والسياسية ،بقيادة جبريل ابراهيم ،بدت متوافقة ربما لاول مرة مع الحكومة فى موقفها مما يحدث داخل «الشعبية» ،وتأثيره المحتمل علي المعارضة نفسها ومسيرتها مستقبلا .
«الثورية» فى اول رد فعل لها حول الاحدث كشفت عن تخوفها من تأثير استمرار الصراع على «الشعبية» نفسها وعلى ما اسمته «قضايا الوطن ومصالح شعبه» ودعت الى ضرورة تجاوز الخلافات.
واكدت الثورية بحسب بيان لمسؤول اعلامها التوم هجو «الاثنين» ان الالتزام بالمؤسسية والإيفاء بالمواثيق والعهود بين مكونات المعارضة يشكل الضمان الوحيد لوصول المشروع الوطني إلى غاياته المرجوة.
وأضاف البيان «يدعو المجلس القيادي الرفاق في الحركة الشعبية إلى تجاوز هذا الامتحان والخروج بما يحفظ قضايا الوطن ومصالح شعبه».
«الحلو» والاستقواء بالجيش
الدعوة لحق تقرير مصير ابناء جبال النوبة بدا مستغربا ان يتم اقحامها قسرا فى خلافات «الشعبية» فى ظل اقتراب اطراف التفاوض بدعم المجتمع الدولى للوصول الى تسوية سياسية فى ظل توقعات بتجاوز خلاف ايصال المساعدات الانسانية الى المناطق المتضررة من الحرب فى المنطقتين وفق المقترح الذى دفع به دونالد بوث المبعوث الامريكي للسودان ودولة جنوب السودان.
مراقبون رأوا فى دعوة الحلو لتقرير مصير جبال النوبة والتى تبناها مجلس جبال النوبة ، محاولة للفت الانتباه واستدرار عطف ابناء جبال النوبة بوصفهم القوة العسكرية الاساسية فى الحركة الشعبية ، للالتفاف حوله فى صراعه ضد رئيس الحركة مالك عقار وامينها العام يارسر عرمان لاسباب تتعلق باقصائه من المشهد السياسي ،واشاروا الى قدم خلافه معهما.
«الحلو» نفسه فى الاستقالة التى دفع بها الى مجلس تحرير جبال النوبة 7 مارس الماضى ، اقر بوجود خلافات فى قيادة «الشعبية» ، كما اقر بما يتعرض له من تجاهل ، واتهم «عقار» و «عرمان» بالعمل ضده وتجاوزه في كافة القرارات وابعاده من الملفات المهمة خاصة ملف المفاوضات مع الحكومة ، ،لافتا الى ان «عرمان» ظل يدير الأمانة العامة وفقاً لرؤيتة ،وكشف ان اختيار و تعيين ممثلى الحركة الشعبية لدى الكثير من الدول ظل يخضع للمزاج الشخصى للامين العام للشعبية دون معايير .
وقال الحلو فى استقالته التى رفضها مجلس تحرير جبال النوبة ، ان الاخير ظل منفرداً بالتفاوض دون اطلاع بقية الأعضاء ،ومضى الى ان هناك عددا من ابناء النوبة لا يرغبون في وجوده في الحركة باعتباره لا يمثل النوبة وظلوا يحملونه مسؤولية اخفاقات القيادات الأخرى.
الاصطدام بجبال النوبة
قيادات مؤثرة من جبال النوبة ، لم تبتعد كثيرا من ذات المنحى وهي تؤكد ان دعوة تقرير المصير فزاعة يسعى «الحلو» لاستخدامها لكسب التأييد فى صراعه ضد قيادة الحركة الشعبية ، واستنكرت مبدأ المطالبة بحق تقرير مصير جبال النوبة ، وعدته انتقاصا لحق النوبة التاريخي فى وطنهم السودان وانه يمثل قصر نظر يضر بمصالح شعب النوبة بدلا من ان يحقق مصالحهم .
رئيس الحركة الشعبية تيار السلام دانيال كودي اعلن رفضه لمبدأ حق تقرير المصير وقال فى حديثه «للصحافة» ممن ننفصل؟ ولماذا؟.
ومضى كودي الى ان الشرعية التى اكتسبها «الحلو» يمكن ان تسهم فى حل قضية جنوب كردفان فى اطار التفاوض مع الحكومة ،مشيرا الى ان الدعوة لحق تقرير المصير بسبب انحراف التفاوض عن اهدافه وامال وتطلعات اهل المنطقتين الى السعي لاسقاط الحكومة وقال : ليست مشكلتنا اسقاط الحكومة .
عضو مجلس قيادة ثورة الانقاذ السابق ،احد قيادات جبال النوبة ،اللواء ابراهيم نايل ايدام، استنكر الدعوة لحق تقرير مصير ابناء جبال النوبة ،مؤكدا ان الدعوة لتقرير المصير لا تصدر من عاقل ،لافتا الى ان تقرير المصير يعنى اقتطاع جزء صغير وترك الجزء الاكبر ، وتساءل فى حديثه «للصحافة» هل هناك احق بالسودان من ابناء النوبة .
ووصف ايدام دعوة الحلو بانها موقف تاكتيكي للوصول الى الحكم الذاتى او التميز الايجابى للاقليم ، مؤكدا عدم موافقة المجتمع الدولى عليها ،وقال : من يدعو لذلك لا فهم ولا ادراك له ،واضاف : العاقل لاينطق بذلك.
وشن ايدام هجوما لاذعا على الامين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان ، محملا اياه مسؤولية تطاول امد الحرب ،وقال : عرمان ما ان يقترب الوصول للحل يأتي باجندة جديدة لاطالة امد الحرب ،واضاف: هو لا يهمه من يموت لانه «منقنق» وله شركات طيران واستثمارات اجنبية توفر له اموالا طائلة.
واكد ايدام جدية الحلو فى التوصل لاتفاق سلام مع الحكومة ،وقال : هؤلاء ادركوا ان عرمان لن يصل بهم الى نهاية الحرب ،كاشفا عن وساطات لرأب الصدع داخل الحركة الشعبية لكنه اشار الى صعوبة الخطوة ،مؤكدا ان ما حدث يعد انشقاقا يصعب رتق فتقه.
لم يبتعد القيادى البارز بجبال النوبة ، نائب رئيس المؤتمر الوطنى بولاية جنوب كردفان الهادى اندو عن رؤية اللواء ابراهيم نايل ايدام ، معلنا رفضه للدعوة لحق تقرير المصير ،مؤكدا ان «الحلو» لا يملك تفويضا من ابناء جبال النوبة ولا جنوب كردفان ،لافتا الى تعارض المطلب مع خارطة الطريق الافريقية التى اشار الى انها حصدت تأييد القوى المحلية والمجتمع الدولى.
واقر اندو بتأثير انشقاق الحركة الشعبية على مسار التفاوض مع الحكومة ،وقال فى حديثه «للصحافة» هى ستؤخر مسار التفاوض لكنها لن تؤثر على خارطة الطريق ،ورأى فى مطلب الحلو محاولة لرفع سقوفات التفاوض ليس الا ـ بحسب تعبيره.
اندو هاجم عرمان مؤكدا انه لا يرغب فى تحقيق السلام واعتبر خطوة اقالته من ملف التفاوض بمثابة «وعي جديد» لابناء النوبة ،وقال : هؤلاء ادركوا ان قيادة الحركة الشعبية ممثلة فى عقار وعرمان لا ترغب فى تحقيق السلام وتستخدمهم لتصفية حساباتهم مع الحكومة ومحاولة اسقاطها بعيدا عن النظر لمطالب اهل المنطقتين .
اذا، وفى ظل ضبابية المشهد فى مسرح الحركة الشعبية ومآلات وساطات رأب الصدع والتى يعد تدخل رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت ابرزها ،يصعب تحديد موعد لوصول الوسيط الافريقي ثامبو امبيكي للخرطوم لاستئناف التفاوض الذي قال الهادى اندو انه ربما يتأخر لكنه لن يتأثر بانشقاق الحركة الشعبية قطاع الشمال.
الانباء تضاربت حول تفاصيل اجتماعات قيادات الحركة الشعبية ـ قطاع الشمال بمنطقة «طبانيا» بجبال النوبة فى اليومين الماضيين واختتمت «الاثنين»الماضي واستمرت ليومين ، وفيما رشحت معلومات عن عدم مشاركة نائب رئيس الحركة الشعبية القائد عبدالعزيز الحلو فى تلك الاجتماعات ومغادرته فور وصول وفد الحركة الشعبية برئاسة مالك عقار والامين العام ياسر عرمان الى دولة اوغندا ، مضت اخرى الى ان «الحلو» كان جزءا من الاجتماعات التى لم تنج التسريبات حولها من التضارب والتناقض.
حرب التسريبات
بعض التسريبات اكدت وصول الاطراف الى قناعة بخطورة الانقسام على مستقبل الحركة الشعبية ككل ، وانها وان وافقت على ايلولة ملف التفاوض مع الحكومة الى عبدالعزيز الحلو الا انها لم ترفض استمرار عرمان فى موقعه امينا عاما للحركة الشعبية الى حين انعقاد مجلس التحرير القومى ،بالاضافة الى زيادة تمثيل ابناء جبال النوبة فى وفد التفاوض.
ولكن تسريبات اخرى اشارت الى فشل اجتماع قيادات الحركة الشعبية بحضور عبدالعزيز الحلو ، وعدم رضا قيادات الجيش الشعي بزيارة عرمان وعقار ،والتمسك بقرارات مجلس جبال النوبة التابع للحركة الشعبية بخصوص نزع ملف التفاوض من عرمان والاعلان عن اتجاه الى تنصيب «الحلو» رئيسا للحركة الشعبية خلفا لعقار الذى اشاروا الى انتهاء دورته فى رئاسة الحركة الشعبية.
القرارات ومآلات الخارطة
وبعيدا عن سحابة التناقض التى غطت سماء اجتماعات «طبانيا» بجبال النوبة ، يمثل اعتماد المطالبة بحق تقرير المصير واعتبار « الحلو» المرجعية التفاوضية الوحيدة وسحب الثقة عن «عرمان» وسحب ملف التفاوض منه ابرز قرارات مجلس جبال النوبة التى اعلنها «السبت» الماضى.
القرارات بمثل ما اخرجت يبدو انها لن تمر عبر مسار التفاوض الذى سارت عليه الحكومة والحركة الشعبية منذ منتصف العام 2011 عقب انفصال جنوب السودان ، وما يعرف بالتمرد الثانى ، ومازالت عجلاته تقف عند خارطة الطريق التى اقرتها الوساطة الافريقية برئاسة الوسيط الافريقي ثامبو امبيكى مارس العام الماضى بمباركة المجتمع الدولى وفى مقدمته الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي والجامعة العربية.
الخارطة الافريقية التى وقعت عليها الحكومة ثم لحقت بها قوى المعارضة ممثلة فى الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركة مني اركو مناوي وحركة جبريل ابراهيم ورئيس حزب الامة القومى الصادق المهدى ،اعتمدت الحوار الوطنى مرجعية للتفاوض فى قضايا المنطقتين كما اعتمدت اتفاق الدوحة مرجعية للتفاوض حول مشكلة دارفور ، وكلا المرجعيتين تتنافيان و حق تقرير مصير جبال النوبة الذى اعتمده مجلس جبال النوبة.
ولعل تسمية الخارطة الافريقية لمالك عقار رئيس الحركة الشعبية قطبا فى التفاوض دون الاشارة الى مجلس جبال النوبة ككيان تفاوضي ،علامة اخرى على ما يمكن ان يظهر على سطح الاحداث من تأثير جراء انشقاق الحركة الشعبية قطاع الشمال ومغادرة المساندين لموقف مجلس جبال النوبة لسربها، فيما يظل تأثير ابعاد عرمان من ملف التفاوض تأثيرا ينسحب سلبا على داخل «الشعبية» وان تخطى ملف التفاوض.
اتفاق الحكومة والمعارضة
ولعل الحكومة التى آثرت الوقوف بعيدا من نتوءات الصراع الحادة ، لم تخف انحيازها الواضح لخيار التحاور مع جسم واحد ، بحسابات ان انقسام «الشعبية» سيؤثر سلبا على عملية التفاوض ـ هكذا عبر وزير الخارجية ابراهيم غندور.
غندور قال فى تصريحات الاثنين إن التفاوض مع حركة موحدة افضل من التفاوض مع حركة منقسمة ،لافتا الى ان ما تشهده الحركة من انقسام لا يشير الى اى عمل ايجابى تجاه عملية السلام برمتها، وتابع « نتمنى ان تركن الحركة الشعبية الى السلام تنفيذا لرغبة اهالى جبال النوبة قبل ان تكون رغبة الحكومة او الشعب السودانى».
وحتى الجبهة الثورية ،الوعاء الجامع لمكونات المعارضة المسلحة والسياسية ،بقيادة جبريل ابراهيم ،بدت متوافقة ربما لاول مرة مع الحكومة فى موقفها مما يحدث داخل «الشعبية» ،وتأثيره المحتمل علي المعارضة نفسها ومسيرتها مستقبلا .
«الثورية» فى اول رد فعل لها حول الاحدث كشفت عن تخوفها من تأثير استمرار الصراع على «الشعبية» نفسها وعلى ما اسمته «قضايا الوطن ومصالح شعبه» ودعت الى ضرورة تجاوز الخلافات.
واكدت الثورية بحسب بيان لمسؤول اعلامها التوم هجو «الاثنين» ان الالتزام بالمؤسسية والإيفاء بالمواثيق والعهود بين مكونات المعارضة يشكل الضمان الوحيد لوصول المشروع الوطني إلى غاياته المرجوة.
وأضاف البيان «يدعو المجلس القيادي الرفاق في الحركة الشعبية إلى تجاوز هذا الامتحان والخروج بما يحفظ قضايا الوطن ومصالح شعبه».
«الحلو» والاستقواء بالجيش
الدعوة لحق تقرير مصير ابناء جبال النوبة بدا مستغربا ان يتم اقحامها قسرا فى خلافات «الشعبية» فى ظل اقتراب اطراف التفاوض بدعم المجتمع الدولى للوصول الى تسوية سياسية فى ظل توقعات بتجاوز خلاف ايصال المساعدات الانسانية الى المناطق المتضررة من الحرب فى المنطقتين وفق المقترح الذى دفع به دونالد بوث المبعوث الامريكي للسودان ودولة جنوب السودان.
مراقبون رأوا فى دعوة الحلو لتقرير مصير جبال النوبة والتى تبناها مجلس جبال النوبة ، محاولة للفت الانتباه واستدرار عطف ابناء جبال النوبة بوصفهم القوة العسكرية الاساسية فى الحركة الشعبية ، للالتفاف حوله فى صراعه ضد رئيس الحركة مالك عقار وامينها العام يارسر عرمان لاسباب تتعلق باقصائه من المشهد السياسي ،واشاروا الى قدم خلافه معهما.
«الحلو» نفسه فى الاستقالة التى دفع بها الى مجلس تحرير جبال النوبة 7 مارس الماضى ، اقر بوجود خلافات فى قيادة «الشعبية» ، كما اقر بما يتعرض له من تجاهل ، واتهم «عقار» و «عرمان» بالعمل ضده وتجاوزه في كافة القرارات وابعاده من الملفات المهمة خاصة ملف المفاوضات مع الحكومة ، ،لافتا الى ان «عرمان» ظل يدير الأمانة العامة وفقاً لرؤيتة ،وكشف ان اختيار و تعيين ممثلى الحركة الشعبية لدى الكثير من الدول ظل يخضع للمزاج الشخصى للامين العام للشعبية دون معايير .
وقال الحلو فى استقالته التى رفضها مجلس تحرير جبال النوبة ، ان الاخير ظل منفرداً بالتفاوض دون اطلاع بقية الأعضاء ،ومضى الى ان هناك عددا من ابناء النوبة لا يرغبون في وجوده في الحركة باعتباره لا يمثل النوبة وظلوا يحملونه مسؤولية اخفاقات القيادات الأخرى.
الاصطدام بجبال النوبة
قيادات مؤثرة من جبال النوبة ، لم تبتعد كثيرا من ذات المنحى وهي تؤكد ان دعوة تقرير المصير فزاعة يسعى «الحلو» لاستخدامها لكسب التأييد فى صراعه ضد قيادة الحركة الشعبية ، واستنكرت مبدأ المطالبة بحق تقرير مصير جبال النوبة ، وعدته انتقاصا لحق النوبة التاريخي فى وطنهم السودان وانه يمثل قصر نظر يضر بمصالح شعب النوبة بدلا من ان يحقق مصالحهم .
رئيس الحركة الشعبية تيار السلام دانيال كودي اعلن رفضه لمبدأ حق تقرير المصير وقال فى حديثه «للصحافة» ممن ننفصل؟ ولماذا؟.
ومضى كودي الى ان الشرعية التى اكتسبها «الحلو» يمكن ان تسهم فى حل قضية جنوب كردفان فى اطار التفاوض مع الحكومة ،مشيرا الى ان الدعوة لحق تقرير المصير بسبب انحراف التفاوض عن اهدافه وامال وتطلعات اهل المنطقتين الى السعي لاسقاط الحكومة وقال : ليست مشكلتنا اسقاط الحكومة .
عضو مجلس قيادة ثورة الانقاذ السابق ،احد قيادات جبال النوبة ،اللواء ابراهيم نايل ايدام، استنكر الدعوة لحق تقرير مصير ابناء جبال النوبة ،مؤكدا ان الدعوة لتقرير المصير لا تصدر من عاقل ،لافتا الى ان تقرير المصير يعنى اقتطاع جزء صغير وترك الجزء الاكبر ، وتساءل فى حديثه «للصحافة» هل هناك احق بالسودان من ابناء النوبة .
ووصف ايدام دعوة الحلو بانها موقف تاكتيكي للوصول الى الحكم الذاتى او التميز الايجابى للاقليم ، مؤكدا عدم موافقة المجتمع الدولى عليها ،وقال : من يدعو لذلك لا فهم ولا ادراك له ،واضاف : العاقل لاينطق بذلك.
وشن ايدام هجوما لاذعا على الامين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان ، محملا اياه مسؤولية تطاول امد الحرب ،وقال : عرمان ما ان يقترب الوصول للحل يأتي باجندة جديدة لاطالة امد الحرب ،واضاف: هو لا يهمه من يموت لانه «منقنق» وله شركات طيران واستثمارات اجنبية توفر له اموالا طائلة.
واكد ايدام جدية الحلو فى التوصل لاتفاق سلام مع الحكومة ،وقال : هؤلاء ادركوا ان عرمان لن يصل بهم الى نهاية الحرب ،كاشفا عن وساطات لرأب الصدع داخل الحركة الشعبية لكنه اشار الى صعوبة الخطوة ،مؤكدا ان ما حدث يعد انشقاقا يصعب رتق فتقه.
لم يبتعد القيادى البارز بجبال النوبة ، نائب رئيس المؤتمر الوطنى بولاية جنوب كردفان الهادى اندو عن رؤية اللواء ابراهيم نايل ايدام ، معلنا رفضه للدعوة لحق تقرير المصير ،مؤكدا ان «الحلو» لا يملك تفويضا من ابناء جبال النوبة ولا جنوب كردفان ،لافتا الى تعارض المطلب مع خارطة الطريق الافريقية التى اشار الى انها حصدت تأييد القوى المحلية والمجتمع الدولى.
واقر اندو بتأثير انشقاق الحركة الشعبية على مسار التفاوض مع الحكومة ،وقال فى حديثه «للصحافة» هى ستؤخر مسار التفاوض لكنها لن تؤثر على خارطة الطريق ،ورأى فى مطلب الحلو محاولة لرفع سقوفات التفاوض ليس الا ـ بحسب تعبيره.
اندو هاجم عرمان مؤكدا انه لا يرغب فى تحقيق السلام واعتبر خطوة اقالته من ملف التفاوض بمثابة «وعي جديد» لابناء النوبة ،وقال : هؤلاء ادركوا ان قيادة الحركة الشعبية ممثلة فى عقار وعرمان لا ترغب فى تحقيق السلام وتستخدمهم لتصفية حساباتهم مع الحكومة ومحاولة اسقاطها بعيدا عن النظر لمطالب اهل المنطقتين .
اذا، وفى ظل ضبابية المشهد فى مسرح الحركة الشعبية ومآلات وساطات رأب الصدع والتى يعد تدخل رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت ابرزها ،يصعب تحديد موعد لوصول الوسيط الافريقي ثامبو امبيكي للخرطوم لاستئناف التفاوض الذي قال الهادى اندو انه ربما يتأخر لكنه لن يتأثر بانشقاق الحركة الشعبية قطاع الشمال.
متوكل أبوسن
تعليقات
إرسال تعليق