" الثوريــة".. تفاصيـل الاختفـاء عــن المشهـد الســياســي



تمر الجبهة الثورية هذه الأيام بأصعب محطاتها بعد أن شهدت مؤخراً تطورات خطيرة وسط قياداتها بسبب انتقال الرئاسة من الحركة الشعبية- قطاع الشمال بعد نفاد مدتها وفقاً للدورة المتبعة داخل الثورية, وقد تابعنا عبر الوسائط الاعلامية المختلفة عمليات الاختلاف التي وقعت بين قيادات الثورية محور قطاع الشمال ومحور الحركات المسلحة التي جاءتها الدورة, وكان عليها أن تختار ممثلها لرئاسة الجبهة, وبعد تسميته وهو جبريل إبراهيم اختلفت الحركة الشعبية في مسميات الدستور واللوائح المنظمة لعمل الجبهة, ورفضت التنازل لمنسوب الحركات المسلحة الدارفورية لرئاسة الجبهة في دورتها الجديدة. ويقول متابعون لصيقون إن الجبهة تعيش أوضاعاً متصدعة بعد الانقسامات الخطيرة التي دبت في أوصالها جراء الخلاف الاطاري داخل التنظيم. فيما أبدت بعض القيادات زهدها في الاستمرار داخل هذا الحلف الذي دقت قياداته التاريخية فيه أول أسفين فصار الآن خارج الحسابات من منطلق عدم فاعليته وصار مجرد ذكرى بحسب منضوين للسلام مؤخراً وكانوا أعضاء فيه بعد أن نفذوا وهم داخله الهجوم الشهير على أبوكرشولا وأب زبد بشمال كردفان. وأكد الكثير من المشاركين في عمليات الجبهة الثورية إبان وحدة التحالف العسكري بين القطاع وحركات دارفور الثلاث أن الخلافات في توزيع الغنائم التي اكتسبوها من أبوكرشولا وأبو زبد من المواطنين وبعض مؤسسات الدولة كانت كفيلة بوضع أمر الجبهة في مفترق طرق بعد التقولات الخطيرة التي ادلى بها قائد قوات الجبهة وهو عبدالعزيز آدم الحلو القائد بقطاع الشمال, حينما قال على الملأ (كل زول ينوم بالعندو) وهي العملية التي سبقت تقسيم مكتسبات الحرب. وأكد بعضهم أن تلك الكلمة كانت بمثابة (القشة التي قصمت ظهر البعير) لجهة أن المشاركين في الجبهة من الحركات المسلحة كانوا يعملون وفق الوعاء الواحد ولكن ميل قائد قوات الجبهة للحركة الشعبية ومحاولته إيثارها بمكتسبات الحرب وحدها دون غيرها كان من العوامل غير المنطقية, فيما رأى البعض أن على الحلو وقتها أن يقوم بتوزيع العربات والمواد البترولية والأموال بين المشاركين بالتساوي. وهذا الموقف وحده يؤكد أن الجبهة كانت مجرد بوق لاستقطاب الأموال والدعومات للحركة الشعبية- قطاع الشمال ومن معها من الحركات المسلحة التي انحاز أغلبهم للعملية السلمية, فيما لا زال بعضها يبحث في منابر خارجية كيفية الوصول للاتفاق مع الحكومة عبر مكون الدوحة ووثيقتها الشهيرة. العد التنازلي القيادي بصفوف قطاع الشمال ياسر عرمان يرى أن هذا الفهم والرؤية لذهاب الثورية بغير الواضح, ويؤكد أن الرؤية الواضحة التي دعت إليها الثورية لتوحيد الفصائل الثورية المناهضة لسياسات المركز هي أحد أسباب متانة الثورية التي تكونت من المجموعات الحاملة للسلاح في دارفور وكردفان والنيل الأزرق. ويقول إن المركز كان من الممكن أن يحتوي الجبهة الثورية لو تم اعتماد اتفاق نافع- عقار ليسمح للجبهة الثورية بتكوين نفسها كحزب سياسي معترف به, لكن المركز والقيادات السياسية على اختلاف أشكالها وأيدولوجياتها لم تكن ترغب أن ترى قوى الهامش تنتظم تحت راية حزب واحد يمكن أن يغير في موازين القوى. وأشار بعض قيادات القطاع إلى أن إجهاض اتفاق نافع- عقار بهذه الطريقة أدى لتقوية الجبهة الثورية التي تقدمت في العام 2012م بـ(ميثاق الفجر الجديد) كوثيقة لتوحيد رؤى المعارضة نحو إسقاط النظام. ولكن سرعان ما نكصت القوى الموقعة عليه حينما واجهتها الحكومة بعنف فتنصلت عن التزامها. تحالفات الشر ويقول الخبير العسكري العميد م. الأمين الحسن إن الأحوال التي مر بها السودان جعلت من العسير أن تستمر على حالة واحدة, لذلك نرى أن الحركات ذاتها أدخلت نفسها في عدة تحالفات خلال فترة زمنية وجيزة. ويؤكد الحسن أن أخطر عملية محاصصة دخلتها الحركات المسلحة والمعارضة السياسية هو عملية تكوين أو تشكيل ما يعرف بالجبهة الثورية. وأشار الحسن إلى أن الجبهة الثورية بذاك الفهم كانت ستكون ذات أثر مخيف على الحكومة لو أن الفعاليات التي تكونت منها تعاملت معها على مستوى واحد من الفهم, بحيث تكون هي الوعاء الشامل والجامع التي تلتقي عنده هذه الكيانات, بيد أن الحسن أكد أن القطاع وقتها كان القوة المؤثرة في الساحة ولعله هو من سعى لتشكيل هذا الجسم بعد أن مارست عليه الحكومة ضغطا مستمراً وضرباً دائما لقواته فيما أعلنته وسمته بالصيف الحاسم. ولعله وبعد أن يممت كل الحركات المسلحة وجهتها صوب جنوب كردفان عقب التصدي الكبير الذي واجهته من الحكومة في مناطق دارفور كان كفيلا بأن يجعل الخطوة أكثر من مناسبة للجيش السوداني الذي كان يقاتل في أكثر من محور.. وفي الوقت الذي صمم فيه على القضاء على المعارضة المسلحة عسكرياً دفعت الخطوة غير المحسوبة للمعارضة والحركات المسلحة بالالتفاف حول الجسم الجديد لهم (الجبهة الثورية) لمواجهة حكومة الخرطوم . إشارات وإشارات وقد تطرق بعض قيادات الجبهة الثورية ومنهم مناوي رئيس جيش وحركة تحرير السودان لمضايقات الجبهة الثورية له وتحديداً اتهامات مالك عقار ضده. وكشف رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي في تنوير لاعضاء حركته في كمبالا بأنه مستهدف من قبل رئيس الجبهة الثورية مالك عقار وبقية أعضاء الجبهة خاصة عبد الواحد نور، وقد نمَّ مجمل تنويره عن خيبة أمل كبيرة تجاه الجبهة الثورية، كما عكس مزيدا من الشكوك بين قيادات مختلف الفصائل. وقال إنه سيقوم بدعم ومساندة مجموعة ابو القاسم إمام التي تعاني هي الاخرى من خلافات مع الجبهة بغرض الاطاحة بعبد الواحد نور.. في وقت أشار فيه الى أن زيارة وفد الجبهة الثورية الى اوروبا باستمرار لم تكن مرتبة بشكل رسمي, وأن قيادات الجبهة سعوا من خلال هذه الزيارة الى تحقيق مكاسب شخصية لهم. وبهذا التصريح من قائد لأحد فصائل الجبهة نفسها يؤكد أن الجبهة الثورية كانت مجرد صنيعة لجمع الأموال. ويقول الأستاذ بشير آدم السنوسي إن الجبهة الثورية انتهت بانتهاء الحركات المسلحة, وقال إنه وبعد رحيل خليل إبراهيم لم يعد أمر المشاركة في الجبهة الثورية ذا أهمية خاصة عند تلك الحركات التي لا زالت تحمل البندقية, مشيراً إلى التعامل بازدراء وتعال من أعضائها من غير الحركات المسلحة, وقال إن قطاع الشمال كان ينظر للامر بجدية حينما يتعلق الأمر بالمال من واقع الحصار الكبير الذي تضربه بعض الحركات المسلحة. أما دكتور السر محمد المحلل السياسي والاكاديمي فقد أكد أن الجبهة الثورية ولدت ميتة ولم تختف من المشهد لأسباب معينة من واقع مرجعيتها الفكرية ذات الضبابية الواسعة, فقال إن كل جسم نضالي ينبت من غير أهداف راسخة لا يمكن أن يستمر, ولتلك الأسباب التي تتعلق بعدم مساواة العنصر البشري المشكل لها يكون الأمر كالحرث في البحر, ولذلك حسب السر إن زوال الجبهة أمر غير مستبعد, لذلك كله يرى دكتور السر كما يرى بعض قادة الحركات المسلحة الذين التقتهم (الانتباهة) عبر حوارات جرت بالداخل معهم في أوقات سابقة أن الثورية وما لحق بها من عدم اتزان في خطوات النماء والشرعية عجل باستفحال أمر الخلافات داخلها وجعل من أمر استمرارها من الصعوبة بمكان لاختلاف نشأتها
عبد الله عبد الرحيم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قرقاش يستقبل وزيرة الخارجية السودانية

مشاركة متميزة للوفد الرياضي بكأس الأمم الإفريقية

حزب الوطن:القوات المسلحة والدعم السريع الضامنان للفترةالانتقالية