تقاطعات " نداء السودان "
خارطة الطريق التي فرضتها الوساطة
الافريقية بعد استطلاع مواقف الاطراف حددت معالم واضحة ، تجاه قضيتي الحوار الوطني
وايقاف الحرب في النيل الازرق وجنوب كردفان واقليم دارفور ، وهي ليس حلا نهائيا
وانما مرجعية تستند عليها المفاوضات المقبلة
النقطة الجوهرية التي دفعت الحركات المسلحة
وحزب الامة للتحفظ على وثيقة الوساطة مرتبطة بالاعتراف بمؤتمر الحوار الوطني في
الخرطوم ، والحاقهم بهم عبر خطوات تنتهي بقبولهم ما جري في قاعة الصداقة .
هذه النقطة شكلت هاجسا للمعارضة باعتبار
انها لم تكن جزءا من حوار قاعة الصداقة وانها لا يمكن اقرار وثيقة تضمها للحوار ،
وهي تزيد منبرا مستقلا بها مع الحكومة ، الامر الذي حسمته الخارطة الافريقية ،
ولذا لجات الي اضافة ملحق يحمل توضيحات .
التوضيحات التي طلبتها القوي التي شاركت في
لقاء اديس ابابا الاخير تحتول القفز على حوار الصداقة بتاسيس منبر جديد لان
التوضيحات تتحدث عن لقاء تحضيري يحدد اجندة الحوار وامده ورئاسته ، اي نسخة جديدة
من الحوار ، وهو امر لن تقبله القوى المشاركة في حوار القاعة .
الحكومة بتوقيها على خارطة الطريق سجلت
نقاطا سياسية ووضعت قوى نداء السودان في حرج امام المجتمع الاقليمي والدولي ،
ولاول مرة تجد المعارضة نفسها في زاوية ضيقة ، حيث ظلت ومن خلفها قوى اجنبية تتهم
الخرطوم بالتعنت وعدم المرونة ، مما شكل ضغطا مستمرا عليها وجعلها في موقف الدفاع
.
قوى المعارضة امام خيارات صعبة ومحدودة ،
فوثيقة الوسطاء لم تعد قابلة للتعديل والمراجعة ، واضافة ملحق لها تواجهه مصاعب
مما يضع المعارضة امام ضغوط هائلة ستضيق خياراتها وسقف مناوراتها ، وقد بدات
تتفاعل مع تعقيدات المعارضين واحدثت تقاطعا وانقساما في مواقفها ، قد تنتهي بشروخ
في جسمها ودفع اي تنظيم للتفكير بمعزل عن الاخر حسب تقديرات تنطلق من حسابات الربح
والخسارة .
قوى المعارضة عليها التحلي بالشجاعة وعدم
التفكير بافق ضيق والبحث عن مخارج للحرج الذي دخلت فيه برفض خارطة الطريق ، فماء
وجهها لا تحفظه المراوغة ومحاولة تجنب الضغوط عبر مراوغة سياسية ، وانما بتبني
موقف موحد يراعي مصلحة البلاد اكثر من اجندة خفية لبعض القوى التي تعتقد انها يمكن
ان تستمر ما لا نهاية في المناورات وكسب الوقت .
الحكومة تشعر بانها في وضع مريح سياسيا
وعسكريا ، وهذا ينبغي ان يدفها الي مزيد من المرونة واغيير لغة خطابها السياسي
والحرص على وقف الحرب والسلام والتوصل الي مساومة تؤسس لمرحلة جديدة ، فالسياسية
رمال متحركة والفرصة المتوفرة اليوم قد لا تتكرر غدا .
من الحكمة اهتبال الظروف الحالية ، ففي
عمليات صيف العبور في 1992 استطاعت القوات المسلحة تحقيق انتصارات باهرة في جنوب
السودان وتحرير غالبية المناطق التي كان يسيطر عليها جون قرنق ودفع مقاتليه الي
الشريط الحدودي مع يوغندا او كينيا والكونغو ، لكن السياسيين لم يستثمروا ذلك
سياسيا ، واعاد قرنق تنظيم صفوفه والتقاط انفاسه والحصول على دعم خارجي ، فاستعرت
الحرب مجددا ولم يوقفها الا اتفاق نيفاشا 2005م .
الاضطرابات في دول قريبة بالمنطقة ، وحالة
السيولة في الاقليم تحتم التفكير بطريقة مختلفة اكثر وعيا وادراكا بالمخاطر بعيدا
عن لغة تسجيل النقاط والمكاسب السياسية الضيقة .
النور احمد النور
تعليقات
إرسال تعليق