حزم الحكومة يؤدى إلى احباط فتنة قبلية بغرب كردفان
تجدد
نزاع المزارعين والرعاة ،بمحلية أبوزبد ،يؤدي لمقتل اثنين من المواطنين
تقرير: يوسف عبدالمنان
نزع الأمير "أبو القاسم الأمين بركة" فتيل احتقان قبلي ، كاد أن يعيد "غرب كردفان" مرة أخرى لسنوات الصراع القبلي المسلح، الذي أهدر مواردها.. وأهلك البشر.. ونجحت لجنة أمن الولاية التي أخذت في التعافي من الصراع القبلي في الفصل بين (تحشدات) في منطقة "أبو قلب" محلية (أبوزبد)، بين بطون من قبيلتي (الجوامعة) و(الميما).. أدت لمقتل شخصين صباح (الجمعة) الماضي، وأصابة العشرات بجروح، وتداعى إثر ذلك المئات من طرفي النزاع لمسرح الحدث، قبل وصول تعزيزات كبيرة من الشرطة وجهاز الأمن الوطني والقوات المسلحة ،وإلقاء القبض على مرتكبي القتل، والمشاركين في الأحداث ونقلهم إلى "أبوزبد".. وفي غضون ساعات وصل الوالي "أبو القاسم الأمين بركة" إلى مسرح الأحداث برفقته، ناظر عموم دار حمر "عبد القادر منعم منصور"، ووزير المالية "د. آدم محمد آدم" ،وقادة الأجهزة الأمنية ، وعقدوا اجتماعاً في مسرح الأحداث مع طرفي النزاع، ونشر نحو (200) من قوات الشرطة التي طوقت القرى وفرضت الدولة مظهرها.. وتم إلقاء القبض على كل من يحمل سلاحاً.. الشيء الذي أدى لنزع فتيل الاحتقان، وعودة الاستقرار والهدوء لمنطقة "أبو قلب".
أصل النزاع
مثل أكثر النزاعات في غرب السودان، تمثل الموارد الشحيحة وملكية المنفعة من الأرض القاسم المشترك لأغلب الصراعات القبلية.. إضافة إلى مكاسب النفط الشحيحة ،وتعويضات البترول التي تذهب في الغالب إلى بعض المتنفذين في المجتمعات المحلية . وأدت الصراعات حول ملكية الأرض بين بطون المسيرية "أولاد هيبان" و"أولاد سرور" إلى مقتل (189) شخصاً وإصابة نحو (170) شخصاً بجروح جسيمة وجروح طفيفة، وذلك قبل ثلاث سنوات من الآن.. وأفلحت جهود رأب الصدع بالفصل بين المتقاتلين.. وقد أدت ضراوة الحرب ،حينذاك، بين "أولاد هيبان" و"أولاد سرور"، لتدخل (مروحيات) من سلاح الطيران السوداني لفض الاشتباكات.. ونشر اللواء " كمال عبد المعروف" قائد المنطقة العسكرية، بـ"بابنوسة"، حينذاك مئات الجنود من القوات المسلحة ، حتى تم احتواء القتال الذي امتد حتى داخل مدينة "الفولة" ، عاصمة القطاع الغربي لولاية "جنوب كردفان" ، قبل انفصالها.. ويعود أصل النزاع إلى أطماع في الأراضي بمناطق "بليلة" ، و"شرق الفولة" ،الغنية بالبترول.. وفي العام 2014م نشبت صراعات دموية بين بطون "المسيرية الزيود" الذين ينتمون إلى "فرع الفلايتة" و"المسيرية أولاد عمران" ،وهم بطون من "العجايرة"، وأدت المواجهات، حول تخطيط بعض الأراضي كمشروعات زراعية ،لمقتل (125) شخصاً من الطرفين ،وإصابة أكثر من ثلاثمائة شخصاً بجروح، وأنفقت الدولة (10) مليارات جنيه في فض الاشتباكات ، وعقد مؤتمر صلح في "النهود" قبل أن تعود الوفود التي وقعت الصلح ،وتهبط طائرة نائب رئيس الجمهورية "حسبو محمد عبد الرحمن"، الذي أشرف على المؤتمر، في مطار الخرطوم عائدة من "النهود".. تجدد القتال مرة أخرى. وفي الأسبوع الماضي نجحت وساطة قادها "الرزيقات" في الوصول لـ(اتفاق الضعين) ، الذي قضى بدفع ديات القتلى بواقع (3) آلاف جنيه للقتيل.. ولكن بعد أن أنفقت حكومتا غرب وشرق دارفور مليارات الجنيهات في مؤتمر الصلح، وقد تحفظ وزير مالية شرق دارفور "الحاج تبن" على الإفصاح عن حجم الإنفاق الحقيقي على مؤتمر صلح الضعين الأخير، الذي قضى بمعالجة آثار النزاع، ولكن تظل قضية ملكية الأرض باعثاً للصراعات القبلية، وتم (تسييس) قضية ملكية الأرض من خلال ما عرف بقضية الحواكير في دارفور ، التي فاقمت الصراع المسلح في الاقليم ، ، وتأثرت "كردفان" بذلك.. وفي كل يوم تنشب صراعات بين الرعاة والمزارعين، وتتمظهر النزاعات المهنية بين الرعاة والمزارعين في شكل صراع أثني.. حيث يغلب على المواطنين الذين يحترفون مهنة الرعي العرب، بينما ينتمي غالب المواطنين العاملين في الزراعة إلى القبائل الأفريقية.. وتنحرف النزاعات من طبيعتها كتنافس على الموارد الشحيحة إلى صراع أثني وقبلي.
فض الاحتقان
وأهدرت الصراعات القبلية في "غرب كردفان" موارد وإمكانيات كبيرة وشكلت مرتعاً خصباً للمتمردين ،الذين يصطادون في حصاد الصراعات، بتأليب أطراف على أخرى، والزعم بأن الحكومة هي التي تدير الصراعات ،وتقف مع جهة على حساب أخرى، ومنذ تعيين الأمير "أبو القاسم الأمين بركة" والياً على "غرب كردفان" أصدر الرئيس "البشير" ، توجيهات صارمة بتجفيف برك الصراعات والحروب.. وتم فرض هيبة الحكم ، وإحداث تغيير جوهري في الإدارة الأهلية بتوحيد الكيانات المبعثرة في وحدات كبيرة، لتعود للإدارة الأهلية قدرتها على كبح جماح التفلتات.. وأعلن الوالي في أكثر من منبر أن الولاء السياسي ليس شرطاً لقيادة القبائل، وأن الشخص الذي يحترمه أهله وعشيرته ويحظى بدعمهم ،حتى لو كان معارضاً أفضل لنا من شخصية موالية ، ولكن لا يحترمها أهلها.. وضعيفة ،لا تستطيع فرض الأمن.. وتبعاً لذلك بدأت جهود المصالحات القبلية.. لتتوقف الصراعات والحرب في كل محليات الولاية، ولكن في يوم (الجمعة) الماضي ظهرت الى السطح قضية الصراع حول المزارع في موسم زراعي فاشل.. وجدب وجفاف ضرب مناطق الرعي ، الشيء الذي دفع الرعاة للبحث عن الكلأ في أنقاض ومخلفات المزارع و(البلدات) الصغيرة.. وجراء ذلك حدثت تراشقات أدت لإصابة عدد من المواطنين، في محلية (أبوزبد) بجروح.. ولحظة تدخل المسلحين بالأسلحة الحديثة ،سقط اثنان من المواطنين قتلى في الحال.. واتخذت حكومة الأمير "بركة" منهجاً جديداً في إطفاء بؤر النزاعات قبل أن تستفحل، حيث قطع الوالي زيارة للخرطوم ، وانتقل بحكومته ولجنة أمن الولاية إلى منطقة الأحداث ، محطة سكة حديد (أبو قلب)، وانتشرت الشرطة في مساحة واسعة حول القرى.. وتم إلقاء القبض على الجناة، وإيداعهم حراسات (أبوزبد).. ولأول مرة يتم القبض على القاتلين.. بعد أن كانت الحكومة- في السابق – لاتستطيع الوصول إليهم.. وإذا كانت الأحداث بين (الزيود) و(أولاد عمران) قد أسفرت عن مقتل (125) وعجزت الحكومة ،حينذاك ،عن القبض على متهم وإيداعه الحراسات، وكذلك أحداث الصراع بين (أولاد سرور) و(أولاد هيبان) ، قتل المئات ،وعجزت الحكومة عن القبض على المتورطين في القتل.. والآن استطاعت الحكومة بإرادة سياسية حازمة إلقاء القبض على الجناة، الشيء الذي خفف من حدة الصراع ومكن من احتواء النزاع قبل أن يحصد مئات الأرواح.. ويقول الأمير "عبد القادر منعم منصور" أمير عموم (دار حمر) إن وجود السلطة في مكان الحدث وقدرتها على القبض والسجن وحظر السلاح ، وخطاب الوالي "أبو القاسم بركة" الحازم، قد ساهم في إنقاذ المنطقة من مصير أسود كان يحيط بها.
نذر نفوق الثروة الحيوانية
تواجه ولايات "كردفان" هذا الصيف أوضاعاً صعبة على صعيد المراعي.. فقد ضرب الجدب والجفاف مناطق واسعة وشحت المياه.. ولم تنبت الأرض العشب في الخريف المنصرم ، الشيء الذي جعل قطعان الماشية تتجه إلى المزارع، التي تم حصادها في شهري (يناير) و(فبراير).. وأدى دخول الرعاة في المزارع مبكراً، لمقتل نحو (13) مزارعاً في منطقة "هبيلا".. وتفشت ظاهرة النهب في حوض (خور أبو حبل) بـ"جنوب كردفان".. وشكل التمرد، الذي يسيطر على أجزاء واسعة من "جنوب كردفان" وجيوب صغيرة ،من محلية (لقاوة) ، عائقاً يحول دون وصول الثروة الحيوانية للجبال، الغنية بالعشب الجاف والمياه.. ومحلية (لقاوة) اتخذت منهجاً وجد الاستنكار والرفض من الحكومة المركزية ،ومن الحركات الشعبية، وهم الفاعلون الرئيسيون في الحرب، بأن عقدت المجتمعات المحلية اتفاقيات بين المواطنين في مناطق الحكومة، والمواطنين في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية، بدخول وخروج المواطنين دون تعقيدات، ورعي الرعاة في مناطق الحركة، وفتح المدارس في المناطق التي تسيطر عليها الحركة، وجلوس الطلاب في مناطق الحركة لامتحانات شهادة الأساس في وطنهم السودان، الشيء الذي جعل (المدارس الكينية)، التي تم افتتاحها منذ الحرب الأولى لم تجد طلاباً يدرسون فيها، فأغلقت بعضها أبوابها.. واستطاعت حكومة الأمير "بركة" السير في حقول الألغام التاريخية، التي زرعت في المنطقة، بأن وقعت اتفاقيات مع أبناء (المسيرية) الذين يحملون السلاح وأبناء النوبة، وعاد الآلاف من حاملي السلاح، وأغلب هؤلاء كانوا من منسوبي الدفاع الشعبي، دفعهم الغبن والظلامات للالتحاق بحركة التمرد الشعبية (شمال) ومتمردي حركة (العدل والمساواة).
هدوء سياسي
إذا كانت الصراعات قد أخمدت في مهدها كما حدث في محلية (أبوزبد) السبت الماضي، فإن الصراع السياسي ، الذي أقعد المنطقة وبعثر إمكانياتها تاريخياً، قد ضعف ووهن.. و(شاخت) أطرافه وهو النزاع المعروف بقطبي المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية "أحمد صالح صلوحة" و"د. عيسى بشري"، فإذا كان الأول قد أصبح يملك شركات مقاولات ناشطة في الحصول على العطاءات ، خاصة في حقبة الوالي السابق، فإن الثاني قد (شغل) نفسه بما يعرف مركزياً بصراعات (د. نافع وعلي عثمان).. فارتقى "د. عيسى" بمعاركه إلى أعلى.. وتنزل "أحمد صالح" إلى رئاسة لجان المصالحة بين (بطون المسيرية)، فأصبح "صلوحة" الآن يقود المصالحات، و(يطبطب) على الجروح بعد أن كان في السابق واحداً من أقطاب الصراعات السياسية ، حتى تلك التي لها آثار مباشرة على الاستقرار الأمني.. وقد جمعت حكومة الأمير "بركة" الحالية من هم يمثلون في السابق تيار المخلصين لكلا الطرفين.. وبدأ تعافي الولاية التي أقعدتها الصراعات والخلافات بدرء مخاطر الصراع القبلي ونزع الاحتقانات قبل وقوع الأحداث الدامية، كما حدث في محلية (أبوزبد) السبت الماضي.
تقرير: يوسف عبدالمنان
نزع الأمير "أبو القاسم الأمين بركة" فتيل احتقان قبلي ، كاد أن يعيد "غرب كردفان" مرة أخرى لسنوات الصراع القبلي المسلح، الذي أهدر مواردها.. وأهلك البشر.. ونجحت لجنة أمن الولاية التي أخذت في التعافي من الصراع القبلي في الفصل بين (تحشدات) في منطقة "أبو قلب" محلية (أبوزبد)، بين بطون من قبيلتي (الجوامعة) و(الميما).. أدت لمقتل شخصين صباح (الجمعة) الماضي، وأصابة العشرات بجروح، وتداعى إثر ذلك المئات من طرفي النزاع لمسرح الحدث، قبل وصول تعزيزات كبيرة من الشرطة وجهاز الأمن الوطني والقوات المسلحة ،وإلقاء القبض على مرتكبي القتل، والمشاركين في الأحداث ونقلهم إلى "أبوزبد".. وفي غضون ساعات وصل الوالي "أبو القاسم الأمين بركة" إلى مسرح الأحداث برفقته، ناظر عموم دار حمر "عبد القادر منعم منصور"، ووزير المالية "د. آدم محمد آدم" ،وقادة الأجهزة الأمنية ، وعقدوا اجتماعاً في مسرح الأحداث مع طرفي النزاع، ونشر نحو (200) من قوات الشرطة التي طوقت القرى وفرضت الدولة مظهرها.. وتم إلقاء القبض على كل من يحمل سلاحاً.. الشيء الذي أدى لنزع فتيل الاحتقان، وعودة الاستقرار والهدوء لمنطقة "أبو قلب".
أصل النزاع
مثل أكثر النزاعات في غرب السودان، تمثل الموارد الشحيحة وملكية المنفعة من الأرض القاسم المشترك لأغلب الصراعات القبلية.. إضافة إلى مكاسب النفط الشحيحة ،وتعويضات البترول التي تذهب في الغالب إلى بعض المتنفذين في المجتمعات المحلية . وأدت الصراعات حول ملكية الأرض بين بطون المسيرية "أولاد هيبان" و"أولاد سرور" إلى مقتل (189) شخصاً وإصابة نحو (170) شخصاً بجروح جسيمة وجروح طفيفة، وذلك قبل ثلاث سنوات من الآن.. وأفلحت جهود رأب الصدع بالفصل بين المتقاتلين.. وقد أدت ضراوة الحرب ،حينذاك، بين "أولاد هيبان" و"أولاد سرور"، لتدخل (مروحيات) من سلاح الطيران السوداني لفض الاشتباكات.. ونشر اللواء " كمال عبد المعروف" قائد المنطقة العسكرية، بـ"بابنوسة"، حينذاك مئات الجنود من القوات المسلحة ، حتى تم احتواء القتال الذي امتد حتى داخل مدينة "الفولة" ، عاصمة القطاع الغربي لولاية "جنوب كردفان" ، قبل انفصالها.. ويعود أصل النزاع إلى أطماع في الأراضي بمناطق "بليلة" ، و"شرق الفولة" ،الغنية بالبترول.. وفي العام 2014م نشبت صراعات دموية بين بطون "المسيرية الزيود" الذين ينتمون إلى "فرع الفلايتة" و"المسيرية أولاد عمران" ،وهم بطون من "العجايرة"، وأدت المواجهات، حول تخطيط بعض الأراضي كمشروعات زراعية ،لمقتل (125) شخصاً من الطرفين ،وإصابة أكثر من ثلاثمائة شخصاً بجروح، وأنفقت الدولة (10) مليارات جنيه في فض الاشتباكات ، وعقد مؤتمر صلح في "النهود" قبل أن تعود الوفود التي وقعت الصلح ،وتهبط طائرة نائب رئيس الجمهورية "حسبو محمد عبد الرحمن"، الذي أشرف على المؤتمر، في مطار الخرطوم عائدة من "النهود".. تجدد القتال مرة أخرى. وفي الأسبوع الماضي نجحت وساطة قادها "الرزيقات" في الوصول لـ(اتفاق الضعين) ، الذي قضى بدفع ديات القتلى بواقع (3) آلاف جنيه للقتيل.. ولكن بعد أن أنفقت حكومتا غرب وشرق دارفور مليارات الجنيهات في مؤتمر الصلح، وقد تحفظ وزير مالية شرق دارفور "الحاج تبن" على الإفصاح عن حجم الإنفاق الحقيقي على مؤتمر صلح الضعين الأخير، الذي قضى بمعالجة آثار النزاع، ولكن تظل قضية ملكية الأرض باعثاً للصراعات القبلية، وتم (تسييس) قضية ملكية الأرض من خلال ما عرف بقضية الحواكير في دارفور ، التي فاقمت الصراع المسلح في الاقليم ، ، وتأثرت "كردفان" بذلك.. وفي كل يوم تنشب صراعات بين الرعاة والمزارعين، وتتمظهر النزاعات المهنية بين الرعاة والمزارعين في شكل صراع أثني.. حيث يغلب على المواطنين الذين يحترفون مهنة الرعي العرب، بينما ينتمي غالب المواطنين العاملين في الزراعة إلى القبائل الأفريقية.. وتنحرف النزاعات من طبيعتها كتنافس على الموارد الشحيحة إلى صراع أثني وقبلي.
فض الاحتقان
وأهدرت الصراعات القبلية في "غرب كردفان" موارد وإمكانيات كبيرة وشكلت مرتعاً خصباً للمتمردين ،الذين يصطادون في حصاد الصراعات، بتأليب أطراف على أخرى، والزعم بأن الحكومة هي التي تدير الصراعات ،وتقف مع جهة على حساب أخرى، ومنذ تعيين الأمير "أبو القاسم الأمين بركة" والياً على "غرب كردفان" أصدر الرئيس "البشير" ، توجيهات صارمة بتجفيف برك الصراعات والحروب.. وتم فرض هيبة الحكم ، وإحداث تغيير جوهري في الإدارة الأهلية بتوحيد الكيانات المبعثرة في وحدات كبيرة، لتعود للإدارة الأهلية قدرتها على كبح جماح التفلتات.. وأعلن الوالي في أكثر من منبر أن الولاء السياسي ليس شرطاً لقيادة القبائل، وأن الشخص الذي يحترمه أهله وعشيرته ويحظى بدعمهم ،حتى لو كان معارضاً أفضل لنا من شخصية موالية ، ولكن لا يحترمها أهلها.. وضعيفة ،لا تستطيع فرض الأمن.. وتبعاً لذلك بدأت جهود المصالحات القبلية.. لتتوقف الصراعات والحرب في كل محليات الولاية، ولكن في يوم (الجمعة) الماضي ظهرت الى السطح قضية الصراع حول المزارع في موسم زراعي فاشل.. وجدب وجفاف ضرب مناطق الرعي ، الشيء الذي دفع الرعاة للبحث عن الكلأ في أنقاض ومخلفات المزارع و(البلدات) الصغيرة.. وجراء ذلك حدثت تراشقات أدت لإصابة عدد من المواطنين، في محلية (أبوزبد) بجروح.. ولحظة تدخل المسلحين بالأسلحة الحديثة ،سقط اثنان من المواطنين قتلى في الحال.. واتخذت حكومة الأمير "بركة" منهجاً جديداً في إطفاء بؤر النزاعات قبل أن تستفحل، حيث قطع الوالي زيارة للخرطوم ، وانتقل بحكومته ولجنة أمن الولاية إلى منطقة الأحداث ، محطة سكة حديد (أبو قلب)، وانتشرت الشرطة في مساحة واسعة حول القرى.. وتم إلقاء القبض على الجناة، وإيداعهم حراسات (أبوزبد).. ولأول مرة يتم القبض على القاتلين.. بعد أن كانت الحكومة- في السابق – لاتستطيع الوصول إليهم.. وإذا كانت الأحداث بين (الزيود) و(أولاد عمران) قد أسفرت عن مقتل (125) وعجزت الحكومة ،حينذاك ،عن القبض على متهم وإيداعه الحراسات، وكذلك أحداث الصراع بين (أولاد سرور) و(أولاد هيبان) ، قتل المئات ،وعجزت الحكومة عن القبض على المتورطين في القتل.. والآن استطاعت الحكومة بإرادة سياسية حازمة إلقاء القبض على الجناة، الشيء الذي خفف من حدة الصراع ومكن من احتواء النزاع قبل أن يحصد مئات الأرواح.. ويقول الأمير "عبد القادر منعم منصور" أمير عموم (دار حمر) إن وجود السلطة في مكان الحدث وقدرتها على القبض والسجن وحظر السلاح ، وخطاب الوالي "أبو القاسم بركة" الحازم، قد ساهم في إنقاذ المنطقة من مصير أسود كان يحيط بها.
نذر نفوق الثروة الحيوانية
تواجه ولايات "كردفان" هذا الصيف أوضاعاً صعبة على صعيد المراعي.. فقد ضرب الجدب والجفاف مناطق واسعة وشحت المياه.. ولم تنبت الأرض العشب في الخريف المنصرم ، الشيء الذي جعل قطعان الماشية تتجه إلى المزارع، التي تم حصادها في شهري (يناير) و(فبراير).. وأدى دخول الرعاة في المزارع مبكراً، لمقتل نحو (13) مزارعاً في منطقة "هبيلا".. وتفشت ظاهرة النهب في حوض (خور أبو حبل) بـ"جنوب كردفان".. وشكل التمرد، الذي يسيطر على أجزاء واسعة من "جنوب كردفان" وجيوب صغيرة ،من محلية (لقاوة) ، عائقاً يحول دون وصول الثروة الحيوانية للجبال، الغنية بالعشب الجاف والمياه.. ومحلية (لقاوة) اتخذت منهجاً وجد الاستنكار والرفض من الحكومة المركزية ،ومن الحركات الشعبية، وهم الفاعلون الرئيسيون في الحرب، بأن عقدت المجتمعات المحلية اتفاقيات بين المواطنين في مناطق الحكومة، والمواطنين في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية، بدخول وخروج المواطنين دون تعقيدات، ورعي الرعاة في مناطق الحركة، وفتح المدارس في المناطق التي تسيطر عليها الحركة، وجلوس الطلاب في مناطق الحركة لامتحانات شهادة الأساس في وطنهم السودان، الشيء الذي جعل (المدارس الكينية)، التي تم افتتاحها منذ الحرب الأولى لم تجد طلاباً يدرسون فيها، فأغلقت بعضها أبوابها.. واستطاعت حكومة الأمير "بركة" السير في حقول الألغام التاريخية، التي زرعت في المنطقة، بأن وقعت اتفاقيات مع أبناء (المسيرية) الذين يحملون السلاح وأبناء النوبة، وعاد الآلاف من حاملي السلاح، وأغلب هؤلاء كانوا من منسوبي الدفاع الشعبي، دفعهم الغبن والظلامات للالتحاق بحركة التمرد الشعبية (شمال) ومتمردي حركة (العدل والمساواة).
هدوء سياسي
إذا كانت الصراعات قد أخمدت في مهدها كما حدث في محلية (أبوزبد) السبت الماضي، فإن الصراع السياسي ، الذي أقعد المنطقة وبعثر إمكانياتها تاريخياً، قد ضعف ووهن.. و(شاخت) أطرافه وهو النزاع المعروف بقطبي المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية "أحمد صالح صلوحة" و"د. عيسى بشري"، فإذا كان الأول قد أصبح يملك شركات مقاولات ناشطة في الحصول على العطاءات ، خاصة في حقبة الوالي السابق، فإن الثاني قد (شغل) نفسه بما يعرف مركزياً بصراعات (د. نافع وعلي عثمان).. فارتقى "د. عيسى" بمعاركه إلى أعلى.. وتنزل "أحمد صالح" إلى رئاسة لجان المصالحة بين (بطون المسيرية)، فأصبح "صلوحة" الآن يقود المصالحات، و(يطبطب) على الجروح بعد أن كان في السابق واحداً من أقطاب الصراعات السياسية ، حتى تلك التي لها آثار مباشرة على الاستقرار الأمني.. وقد جمعت حكومة الأمير "بركة" الحالية من هم يمثلون في السابق تيار المخلصين لكلا الطرفين.. وبدأ تعافي الولاية التي أقعدتها الصراعات والخلافات بدرء مخاطر الصراع القبلي ونزع الاحتقانات قبل وقوع الأحداث الدامية، كما حدث في محلية (أبوزبد) السبت الماضي.
تعليقات
إرسال تعليق