السودان وجنوب السودان العودة للمربع الاول



في تطور لافت قررت الحكومة السودانية ، الخميس ، معاملة مواطني دولة جنوب السودان المقيمين داخل اراضيها بوصفهم اجانب لدى تلقيهم الخدمات ، وهددت باتخاذ اجراءات قانونية صارمة في مواجهة كل من لا يحمل جواز سفر وتاشيرة دخول خلال اسبوع .
وصادق مجلس الوزراء في اجتماعه الراتب برئاسة الرئيس عمر البشير الخميس ، على قرار معاملة الجنوبيين المقيمين داخل اراضيه بوصفهم اجانب  .
كما قرر المجلس التحقق من هوية الجنوبيين المقيمين بالسودان واتخاذ الاجراءات القانونية حيال كل من لا يحمل جواز سفر وتاشيرة دخول رسمية خلال اسبوع .
وقال المتحدث باسم المجلس عمر محمد صالح في تصريحات للصحفيين ، ان المجلس اكد اهمية ترسيم الحدود لتحقيق الاستقرار .
وقرر المجلس انشاؤ مفوضية وطنية للحدود واطلاق حملة وطنية لجمع الوثائق الخاصة بحدود السودان ، وحث الدول المجاورة على ضرورة استكمال اجراءات ترسيم الحدود .
واضاف صالح ان التقرير اشار الي ان بعض المشكلات في هذه القضية تحدث بسبب القصور في الوصف الوارد في معاهدات الحدود مع هذه الدول خاصة تشاد وافريقيا الوسطي .
والتطور في العلاقات مع جنوب السودان لم يتوقف عند قرار مجلس الوزراء فقد لوح مسؤول بارز في الرئاسة السودانية ، باتخاذ اجراءات تحمي بلاده حتى لو ادي ذلك لاغلاق الحدود مرة اخرى مع الدولة الجديدة (جنوب السودان) ،  اذا لم توقف الاخيرة دعمها للمتمردين في النيل الازرق وجنوب كردفان ودارفور .
وقال مساعد الرئيس السوداني م. ابراهيم محمود حامد في تصريحات عقب لقاء جمع الرئيس عمر البشير مع رئيس الالية الافريقية ثامبو امبيكي في الخرطوم يوم الخميس ، ان الجنوب لايزال مستمرا في دعم المعارضة في المنطقتين ، ودارفور رغم حسن النوايا التي ابداها السودان بفتح الحدود وعدم تقييد حركة المواطنين الجنوبيين .
واطلع امبيكي ، البشير على الترتيبات التي تجريها الالية الافريقية رفيعة المستوري لانطلاق اللقاء التشاوري بين الحكومة والمتمردين في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا والمزمع يوم الجمعة ويبدو ان قرارات مجلس الوزراء وتلويحات مساعد رئيس الجمهورية باغلاق الحدود من جديد مع جنوب السودان لم يكن هذا التزامن محض صدفه ولكن قراءات للواقع من خلال معلومات مؤكدة ان جوبا تنوي الاقدام الى فعل شي اكبر يهدد استقرار السودان الذي بدا متسامحا اكثر من اللازم بعد ان قرر فتح الحدود مع جنوب السودان في نهاية يناير الماضي حيث وصف كبار المحللين واهل الاختصاص ان قرار فتح الحدود قرار صائب ولكن تاخر كثيرا ، فلا يعقل ان تتراجع الحكومة السودانية وتلوح باغلاق الحدود بعد اقل من شهرين من توجيه رئيس الجمهورية .
ويري البعض ان هذه القرارات ومن مجلس الوزراء تعني ان جوبا لن تقابل الاحسان بالاحسان وان ما ورد في الاخبار ان الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة ياسر عرمان طلبت من جوبا دعمها بالعتاد اللازم استعدادا لمعارك الصيف مع الحكومة السودانية خاصة في منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق محل التفاوض القائم اصلا بين الحكومة والحركة الشعبية ، ويبدو ان جوبا لن تتخلي عن الحركة الشعبية لانها تمثل احدي الوسائل الضفط على الحكومة السودانية ، او كما اشار رئيس جهاز الامن والمخابرات الوطني الفريق اول محمد عطا في حواره مع صحيفة السوداني في جيسمبر الماضي ( ان حكومة جنوب السودان وافقت في وقت سابق على طرد حركات دارفور من الجنوب ، لمنها رفضت ابعاد الحركة الشعبية . شمال وعرضت التوسط بشانها وهو ما تم رفضه ) .
وقال الفريق اول محمد عطا ، ان السودان رفض مقترح التوسط لان جنوب السودان غير محايد ، وزاد ( موقف حكومة جنوب السودان حينما جلسنا اليهم ، يتمثل بطرد حركات دارفور الموجودة في اراضيهم الي داخل السودان ، لكن بالنسبة للحركة الشعبية راوا ان يتوسطوا ) .
وتابع ( هذا يعني ان بامكانهم التضحية بحركات دارفور لكنهم لايريدون التضحية بالحركة الشعبية قطاع الشمال ، وهناك رغبة من حكومة الجنوب لمساعدة قطاع الشمال وتقديم الدعم له ) .
وقد اثبت الايام صحة الفريق محمد عطا فقد ضحكت حكومة جنوب السودان بحركات دارفور ولم تبعد الحركة الشعبية ، وقد تكون الاسباب واضحة جدا ان حركات دارفور ليس لها علاقة تاريخية بالحركة الشعبية لتحرير السودان التي يقودها جون قرنق ، والامر الثاني لم تكن هناك روابط قوية بين الحركة الشعبية وحركات دارفور كما هي العلاقة مع قطاع الشمال ، حيث يعتبر قطاع الشمال ابنا شرعيا لحكومة جوبا ومطيعا تستطيع توجيهه متى ما ارادات وكيف ارادات وفي اي وقت ارادت ، وبالتالي يمثل الصيف المقبل امرا مهما لقطاع الشمال وحكومة جوبا في تحقيق اهداف على الميدان مستفيدة من وجود عدد كبير من الجنوبيين في السودان كما اشارت المعلومات الي وجود اكثر من ثلاثين الف طالب جنوبي في الجامعات السودانية ، هذا فضلا على العمالة بجانب الفارين من الصراع الجنوبي الجنوبي والفاريم من الجوع يمكن توظيف هؤلاء في المخطط المرسوم من قبل حكومة جوبا لتنفيذه الحركة الشعبية قطاع الشمال مع الخلايا الموجودة اصلا في السودان ان كانت نائمة او غير نائمة ، وهذه القرارات التي اتخذتها الحكومة السودانية تؤكد انها غير نائمة .
وكما هو معروف ان دولة جنوب السودان تعاني ظروفا صعبة بسبب الصراع الدائر فيها وانخفاض سعر البترول عالميا فهذا الامر جعل جوبا تعيش ظروفا امنية واقتصادية صعبة ، وحلها الوحيد كان في فتح الحدود مع السودان ، ولكن جوبا لم تصبر على فتح الحدود حتى يتحقق لها ما تريد وارادت ان تكسب في الجوانب دون مراعاة لظروفها .
وقد يكون تعامل السودان مع مواطني الجنوب بهذا التسامح قد خلق له بعض الانتقادات من جهات دولية او غيرها ، رغم الدوافع الانسانية التي يعلمها الجميع وحتي الجنوبيين يعتبر كثير منهم ان الانفصال سياسي .
وهذه الخطوات التي اتخذتها السلطات السودانية ربما تكشف في مقبل الايام حقيقتها وان مجلس الوزراء لم يقدم على هذه الخطوة الا لتاكيد ما ذهب اليه .
محفوظ عابدين

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قرقاش يستقبل وزيرة الخارجية السودانية

مشاركة متميزة للوفد الرياضي بكأس الأمم الإفريقية

حزب الوطن:القوات المسلحة والدعم السريع الضامنان للفترةالانتقالية