قطاع الشمال .. الحسم بقوة السلاح



في الوقت الذي اعلنت فيه الحكومة استعدادها لاجراء حوار جاد مع قطاع الشمال لانهاء الاقتتال بالمنطقتين ( جنوب كردفان والنيل الازرق ) ، تاتي انباء (محبطة ) عن كشف خطة سرية بين دولة الجنوب وقطاع الشمال وذلك بغرض توفير الدعم العسكري لقطاع الشمال الذي فيما يبدو يستعد باكرا لتنفيذ عمليات عسكرية خلال هذا الصيف ، وقد درج على تنفيذ هكذا حملات حينما تقترب جولة جديدة من المفاوضات بينه والوفد الحكومي .
وتشير الانباء الي ان اتفاقا تم بين قيادات عسكرية رفيعة المستوي بالجيش الشعبي لجنوب السودان ، وقيادات بقطاع الشمال ، وذلك من خلال اجتماع ضم هذه القيادات ناقش كيفية تامين الامداد الحربي للفرقتين التاسعة والعاشرة في النيل الازرق وجنوب كردفان ، وخلص الاجتماع الي وضع خطة سرية محكمة  والعمل على تنفيذها بين الطرفين .
بالطبع هذا الموقف غير مستغرب من دولة الجنوب التي درجت على تقديم الدعم العسكري واللوجستي لقطاع الشمال والحركات المسلحة الاخري ، على الرغم من الاتفاق والالتزام الذي ظل يطلقه رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت ، بل كلما يضيق الحال بدولة الجنوب ، فتهرع الي القيادة السودانية لمساعدتها في الخروج من ازماتها ، والاخيرة لا تبخل بذلك ، الا انها لا تجد ذلك الاحسان الذي تفضلت به ، لان دولة الجنوب تكافئها بنكرات الجميل ، بل تحاول (ضربها ) بدعمها اللامحدود لمن حملوا السلاح في وجهها .
واخر تلك المواقف ، حينما هبطت اسعار النفط عالميا ، وبالتالي انخفضت الدخل القومي بدولة الجنوب ، وهو المورد الوحيد الي يغذي خزانتها ، هرعت جوبا تستجدي الخرطوم ، تطلب منها تعديل اتفاقية رسوم عبور البترول ، لتصبح اقل قيمة من السابق ، وبالطبع وكالمعتاد ، لم تخذلها الخرطوم ، وتم تعديل رسوم النفط كما طلبت جوبا ، الا ان الاخيرة ادارت ظهرها عن الخرطوم ، وكان اول (رد فعل ) ان دعمت الحركات المسلحة بدارفور وقدمت لها المساعدات العسكرية ، والان تقدم الدعم العسكري لقطاع الشمال ، الذي من المتوقع ان ينفذ هجوما عسكريا في بعض المناطق بجنوب كردفان او النيل الازرق ، سيما وان جولة مفاوضات جديدة متوقع ان تتم قريبا ، حتي ياتي للمفاوضات وقد حقق بعض الانتصارات على واقع المعارك ، او هكذا يخطط ويرغب .
والخطة التي يرغب قطاع الشمال تنفيذها لم تقف عند دعم حكومة الجنوب للقطاع بل امتدت الي يوغندا الحليف الاستراتيجي للقكاع والحركات المسلحة ، حيث حضر اجتماع قيادات قطاع الشمال الذي تم بمكتب مالك عقار بيوغندا ، قيادات بالحكومة اليوغندية ، لترتيب كيفية دعم دولة يوغندا للقطاع لتنفيذ عملياته العسكرية المزمعة .
ويوغندا ايضا ظلت في حالة دعم مستمر للحركات المسلحة ولقطاع الشمال على وجه الخصوص ، برغم التعهدات التي قال بها الرئيس اليوغندي يوري موسيفيني ، خلال لقاءاته بالقيادات الحكومية السودانية ، وهو ايضا كحليفه سلفاكير ، دائما في حالة نقض لعهوده تلك ، التي لا ينتظر ان تجف مدادها الا ويسدد خروقات ثاقبة بجدارها .
وسيظل قطاع الشمال يراوغ ، ويطيل في امد المفاوضات دون ان يتقدم خطوات في طريق الوصول الي سلام ، طالما انه يجد الدعم المستمر من حكومتي الجنوب ويوغندا ، فمن المتوقع خلال الجولة القادمة من المفاوضات ، ان يزايد ويشدد في تعنته ، ويتمترس عند اشتراطاته التي ظل يدفع بها في كل جولة تفاوضية ، التي تكشف عدم رغبته في الوصول الي اتفاق مع الحكومة لانهاء الحرب بالمنطقتين .
بل متوقع الا يلتزم بالحضور للمفاوضات ، او يطالب بتاجيلها ، لذا فالافضل ان تلتفت الحكومة لمطالباته هذه ، فهي قدمت الكثير من التنازلات ، مطلوب منها ان تسجل موقفا حاسما تجاه قطاع الشمال ، فان ارتضت ان ياتي للتفاوض والوصول الي اتفاق يفضي الي انضمامه للحوار الوطني الذي قطع شوطا بعيدا ، فذلك هو المطلول ، اما اذا ظل يمارس مراوغاته فالافضل حسمه عسكريا وتنفيذ عمليات عسكرية مكثفة ، علي ارض المعارض كما حدث للحركات المسلحة التي منيت بهزائم متكررة بجبل مرة وغيرها من المناطق الاستراتيجية التي تتمركز فيها تلك الحركات ، بما جعلها ترضخ للانضمام الي الحوار بعد ان خارت قواها وتشتت قواتها .
فلتكن هذه الخطة الاستراتيجية القادمة للتعامل مع قطاع الشمال ، فمن لا يرغب في السلام يجب ان يحسم بقوة السلاح .
د.سامية علي


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قرقاش يستقبل وزيرة الخارجية السودانية

مشاركة متميزة للوفد الرياضي بكأس الأمم الإفريقية

حزب الوطن:القوات المسلحة والدعم السريع الضامنان للفترةالانتقالية