الحكومـة .. محاولـة فـك شفـرة أمبيكـي
الخرطوم: فتحية موسى السيد
من المنتظر أن تطأ أقدام رئيس الآلية الإفريقية بالاتحاد
الإفريقي ثامبو أمبيكي أراضي الخرطوم بعد غد الاربعاء لتقريب وجهات النظر بين
فرقاء السياسة الداخلية والخارجية، ممثلة في الحركات المسلحة إضافة الى دعوة الحكومة
لتجديد التفاوض مع قطاع الشمال وحركات دارفور لتسوية الصراع بينهما. فالزيارة ليست
هي الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة ايضاً لطالما أن الملفات لم يحدث فيها تقدم
او اختراق، والحكومة تعايشت مع الوضع دون أن تتضرر على الرغم من تمسكها بالوساطة،
سيما أن زيارة أمبيكي تأتي لتحريك ملفات عالقة أرجأتها الحكومة الى ما بعد الحوار
الوطني. أمبيكي أكد خلال زيارته السابقة للخرطوم عند لقائه بالآلية التنسيقية
للحوار الوطني، استمرار اتصالاته مع الحركة الشعبية والحركات المسلحة والأحزاب
الرافضة للمشاركة في الحوار لإقناعها بأهمية إيجاد تسوية بين الفرقاء السودانيين .
ما وراء الدعوة
قال وزير الإعلام د. أحمد بلال عثمان، إن زيارة رئيس الآلية
الإفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي ستكون للتباحث مع الحكومة حول دعوته
للاجتماع التشاوري الإستراتيجي في أديس أبابا مع الحركات المسلحة وحزب الأمة.
وأضاف الوزير في حديثه لبرنامج «صدى الأحداث» الذي بثته قناة الشروق الأربعاء المنصرم
إن وصول أمبيكي للخرطوم الأسبوع المقبل لمزيد من التشاور حول هوية وكيفية الاجتماع
التشاوري. وقال نريد معرفة ما هو المقصود من دعوته هل هي إلحاق الحركات المسلحة
وحزب الأمة القومي بعملية الحوار الوطني، وإذا حدث ذلك كيفية إلحاقهم وكيفية تقديم
وجهة نظرهم في الحوار، أم المسألة جر الحوار للخارج وهذا مرفوض بالنسبة لنا .
وجدّد بلال رفض حكومته بابتدار حوار آخر بالخارج، منوهاً إلى أن خارطة طريق الحوار ووثيقة أديس أبابا هي المرجعية الأساسية للحوار الوطني، وتابع إذا أراد الممانعون للحوار أن يطلعوا على نتائج ما توصل إليه الحوار، فلا مانع لدينا سنتوجه بمخرجاتنا إليهم. وأضاف أن هناك إشارات إيجابية من قبل الممانعين .
تقديرات متفاوتة
في السياق نفسه، شدد الأمين السياسي لحزب العدالة وعضو الوفد
المفاوض الأستاذ بشارة جمعة في حديثه لـ «الإنتباهة» قائلاً : أمبيكي من خلال زيارته
السابقة أكد على ضرورة حوار شامل يتم التوافق خلاله على خريطة للعمل السياسي،
فضلاً عن التوافق على حل للمشكلات القائمة التي من بينها مشكلة الحرب والوصول الى
سلام دائم في ظل تشديد الحكومة على رفض التدخل الأجنبي في الحوار الوطني وتمسك
المعارضة برعايته دولياً لتبقى النتائج المتوقعة من زيارة أمبيكي الخرطوم متواضعة
وتبعاً لتباين موقفي الحكومة والمعارضة من محاور وأهداف الحوار تتفاوت تقديراتهما
لمدى أهمية دور الوسيط الأفريقي لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء من خلال لقاءات
أجراها في السودان بهدف إنعاش الحوار المتعثر بين القوى السياسية في ظل تسأل
الكثيرون عما إذا كانت هذه اللقاءات حققت أهدافها. مؤكداً بشارة على ضرورة
أن يكون الحوار وطنياً خالصاً في الوقت الذي اعتبر فيه محللون سياسيون أن الموقف
الحكومي يمثل عقبة قد تُفسد الحوار الذي ترى قوى سياسية معارضة ضرورة رعايته دولياً،
معتبرة مبادرة الحوار الوطني كانت شخصية من الرئيس عمر البشير، وقد مضى في مسيرة
الحوار عبر لجنة «7+7» وبمشاركة كافة القوى السياسية .
تباين الرؤى
وزير الدولة برئاسة الجمهورية الرشيد هارون أشار الى أن
الحكومة أبلغت أمبيكي أنها لا تسمح بأية تدخلات أجنبية في شأن الحوار سيما وأن
المشهد السياسي بطرفيه متصدع ولا يسمح لأمبيكي بالتدخل، مشيراً إلى أن الحكومة تعتبر
أن دور الوساطة الإفريقية ظل ومايزال لا يتجاوز مراقبة عملية الحوار، بينما أبدت
الحكومة استعدادها لتقديم كافة التنازلات في سبيل إنجاح عملية الحوار الوطني الذي
ينتظره الجميع، ودفع تباين الرؤى للتساؤل حول الدور الذي قد يلعبه الوسيط الإفريقي
في التقريب بين الأطراف السودانية المختلفة في وقت أصبح فيه وفق رأي الحكومة
مراقباً لا غير، واعتبر محللون مهمة أمبيكي شائكة في ظل مشهد سياسي متباعد وتوقعوا
حدوث تدخل أجنبي في المسألة السودانية لأن أمبيكي في نظرهم أداة تحذير للحكومة
والمعارضة، أستاذ العلوم السياسية بكلية شرق النيل عبداللطيف محمد سعيد، يرى
عبر حديثه للصحيفة أن المشهد السياسي الحالي لا يسمح لأمبيكي بالتدخل، لافتاً إلى
تصدع جسم كل من المعارضة والحكومة على حد سواء .
تقريب وجهات النظر
تجدر الإشارة بأن رفض الحكومة السودانية التدخلات الأجنبية في
الحوار الوطني، ليس العائق الوحيد أمام أمبيكي لأن الحوار نفسه محل خلاف بين القوى
السياسية المعارضة. وتساءل عبداللطيف عن إمكانية خلق الوسيط الإفريقي مدخلاً
لتقريب وجهات النظر بين الحكومة ومعارضيها، لافتاً إلى أن بعض أحزاب المعارضة
ماتزال متمسكة بإسقاط النظام، بينما يعيش الحزب الحاكم تناقضاً يدفع مراكز بداخله
لمهاجمة فكرة الحوار بشكل يومي -على حد قوله .
أما المحلل السياسي عبدالعزيز دفع الله، فيرى عدم وجود تناقض
بين ما تعلنه الحكومة من رفض التدخلات الأجنبية ودور الوسيط الإفريقي في أن منبر الحوار
الداخلي مخصص للقضايا القومية كالدستور والحكم وغيرها وإن مشاركة الاتحاد لإفريقي
والجامعة العربية والمجتمع الدولي متفق عليها لبث المزيد من الاطمئنان لأطراف
المعارضة المشاركة في الحوار، وأضاف إن أمبيكي يبحث منذ فترة عن صيغة توافقية بين
المنبر القومي الذي يسمح بمشاركة الجميع والمنابر الخاصة بالحركات المسلحة في أديس
أبابا والدوحة ويحاول ألا تكشف من خلال لقائه جميع الأطراف وأكد أن الحكومة طلبت
من أمبيكي التوسط لإقناع الحركات المسلحة بالمشاركة في الحوار وأنه طلب في مقابل
ذلك المزيد من الضمانات للرافضين مما يجعل وساطته مقبولة لان أزمة الحوار الوطني
باختلاف نظرة الحكومة والمعارضة حوله وسعى كل منهما لتحقيق أهدافه الخاصة من خلاله
ورأى أن الآلية الوحيدة لأمبيكي الآن هي مواصلة الضغط السياسي على الطرفين عبر
الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، مشيراً إلى أن هذا يمكن أن يحل الأزمة ويحقق
السلام والاستقرار بالبلاد .
زيارات متكررة
المتابع لسلسلة الزيارة المتكررة لثامبو أمبيكي للخرطوم يقرأ
إنها محاولة منه لضخ الروح في جسد المفاوضات في ظل تعنت قطاع الشمال وبقية المعارضين.
وفي سياق آخر أيضاً يقرأ البعض أمر الزيارة أنها عادية وأنه كثير ما يقوم بزيارة للخرطوم إثر تعثر أية مفاوضات طرفها الخرطوم، وهذا ما أكدته الحكومة التي تنفي كل مرة عدم وجود أي اتجاه لتوحيد المنابر التفاوضية مع المتمردين في المنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان) وإقليم دارفور سواء تدخل الوسيط أمبيكي أم لم يتدخل، وأبلغت الخرطوم في وقت سابق الوسيط الإفريقي ثامبو أمبيكي رغبتها وجديتها في إكمال الاتفاق مع الحركة الشعبية قطاع الشمال والترتيبات المتعلقة باستئناف المفاوضات حول منطقتي (النيل الأزرق وجنوب كردفان) مع الحركة الشعبية قطاع الشمال بإثيوبيا خلال الشهر الجاريّ، وعن رغبة الحكومة الجادة الدخول في مفاوضات مع الحركة الشعبية وإكمال الاتفاق الإطاري سيما وأن الحوار الوطني يبقى حاضراً في الخارج باعتبار وجود حوار مع قطاع الشمال وحركات دارفور إضافة الى عدم وجود أي مقترح لتوحيد المنابر التفاوضية لوجود اختلاف بين الملفات في النواحي الدولية والإقليمية .
تعليقات
إرسال تعليق