عفوا .. هؤلاء ليسوا جديرين بالتفاوض
كان من المتوقع ان ينتهي اللقاء
التشاوري حول القضايا الاستراتيجية الذي تم بين الحكومة وقطاع الشمال وبعض قيادات
الحركات المسلحة وبعض من الاحزاب ، كان من المتوقع ان يصل الي ماوصلت اليه الان ،
اذا انفض اللقاء جون التوصل الي نتائج ملموسة يمكن ان تؤدي الي اتفاق ووفاق ، يدعم
عملية الحوار الوطني الجارية الان .
هذا اللقاء الذي عقد بحضور الالية
الافريقية رفيعة المستوي ، منذ الجمعة الماضي ، ضم الحكومة السودانية ، الي جانب
الحركة الشعبية – شمال ، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل ابراهيم حركة تحرير
السودان برئاسة مني اركو مناوي ، فضلا عن حزب الامة بزعامة الصادق المهدي .
هذه المكونات التي شاركت في اللقاء
التشاوري ، تمثل (دائما ) خميرة عكننة لاي تفاوض او تشاور او حوار بغرض الوصول الي
تفاهمات لحل ازمات وقضايا ومشكلات السودان ، فلازالت هذه الكيانات تقف حجر عثرة بل
تحد من اي تقدم نحو السلام وانهاء الحروبات والنزاعات .
فالحركات المسلحة بقيادة جبريل
ابراهيم ( حركة العدل والمساواة ) ومني اركو مناوي (حركة تحرير السودان ) ، وقطاع
الشمال الذي يقوده ياسر عرمان كامين عام له ، على الرغم من حالة الضعف والوهن التي
تحاصرهم ، حينما لحقت بهم الهزائم في عقر دارهم ، الا انهم لايزالون (يكابرون )
ويظهرون (كاقوياء ) ويضعون الكثير من الاشتراطات حينما يجلسون للحوار او التفاوض
مع الحكومة ، فكل المفاوضات التى جرت معهم لا تصل الا الى طريق مسدود .
وكذلك حزب الامة بقيادة الصادق
المهدي ، لايزال يراوغ ( ويلف ويدور ) حول ذات الاشتراطات التي ظل يلوكها حتى ما
عادت لها طعم او رائحة ولا لون ، فقدت فاعليتها وبريقها ان كان لها بريق او فاعلية
، فكل مراقب لعملية الحوار الوطني ، يلحظ ان الصادق المهدي من اوائل الذين لبوا
نداء الحوار ، الا انه لم يستمر طويلا حتى خرج ، وظل يكيل الانتقادات للحوار ولمن
انضم اليه ، ويضع الكثير من الشروط التي تحسب تعجيزية لكى يعود للحوار .
بل ظل يطالب بلقاءات تحضيرية او
تشاورية تعقد خارج السودان ، تمهيدا للانضمام للحوار الوطني ، وتهيئة للاخرين
الرافضين للحوار ، الا ان ذلك يبدو لم يخرج من مماحكاته ومراوغاته ، فما عقد باديس
ابابا يوم الجمعة الماضي ، بدعوة من رئيس الالية الافريقية ثامبو امبيكي ، واستمر
زهاء الاربعة اريام ، هو لقاء تشاوري ، بغرض الوصول الي نقاط اتفاق حول القضايا
المختلف حولها ، هو ذات ما كان يطالب به الا انه رفض التوقيع عليه .
فبعد مداولات ونقاشات ، هدفت هذه
المشاورات للتوصل الي وقف شامل لاطلاق النار ووقف العدائيات تمهيدا لعقد مباحثات
حول القضايا الاستراتيجية ، توصل المشاركون في اللقاء الى مقترحات تقدموا بها الي
الوسيط الافريقي امبيكي ، بعد ان ظلب منهم ذلك ، الهدف منها اعداد وثيقة خارطة
طريق حول حل هذه القضايا والتي يمكن ان تكون هادية ومعينة ومساعدة للحوار الوطني .
وبينما سارع الوفد الحكومي برئاسة
ابراهيم محمود بالتوقيع على الوثيقة ، تراجع واحجم الطرف الاخر الممثل في قيادات
حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان ، وقطاع الشمال والصادق المهدي زعيم حزب
الامة ، بحجة ان الوثيقة انحازت لجانب الحكومة بينما هي مكونة من مقترحات رفعتها
ذات الاطراف الرافضة التوقيع .
حديث هذه الاطراف في ظني لا يقارب
الحقيقة ، فالوثيقة تضمنت بنودا واضحة ، تحمل بين طياتها خارطة تنهي مشاكل السودان
بوقف الحرب والعدائيات والمسائل الاجرائية لعملية الحوار والمسائل الانسانية ، هذه
الخارطة تفتح الباب لانهاء الحرب والاقتتال في المنطقتين ودارفور والترتيبات الامنية ووقف اطلاق النار ،
وهذه ذات المطالب والاشتراطات التي ظلت تنادي بها هذه الاطراف الممثلة في الحركات
المسلحة وقطاع الشمال والصادق المهدي .
ولكنها
ترفضها الان ، بما يؤكد انها لا ترغب في السلام او وفاق كما تدعي ، بل تظل في حالة
مراوغة ومماحكة ، وتطالب بالمزيد من التنازلات ، وهذا الاسلوب لا يجدي ولن يصل
بالسودان الي استقرار وانهاء للحرب .
كما
هو واضح من حديث وفد المعارضة الذي طالب بحوار متكافئ شفاف وشامل ، انه لا يرغب في
الانضمام للحوار الجاري بالداخل ، بل يطالب بحوار خارجي برعاية دولية ، وهذا
بالطبع سيجعل البلاد تغرق في وحل الوصاية الدولية ، فهؤلا ليسوا جديرين بالتفاوض
د.سامية
علي
تعليقات
إرسال تعليق