ملف الجنوب ... أسئلة لوزارة الخارجية (2-2)
شكرا لكل الذين هاتفوني للتوضيح أو الإضافة أو التعليق
على ما طرحناه بالأمس على هذه المساحة من الاستفسارات لوزارة الخارجية ... بشأن ما
إذا كانت هنالك استرتيجية واضحة للتعامل مع الأوضاع في دولة الجنوب ؟.
علمت من بعض الاتصالات أن هنلك ورقة أعدتها وزارة
الخارجية لتكون نواة لاستراتيجية تتعامل بها بلادنا مع الأزمة الناشبة في جنوب
بتوجيه من الوزير البروفسيور إبراهيم غندور .. هذه الورقة تم تعميمها على الجهات
ذات الصلة بالملف ، لبلورة آراء تعين على التعامل مع الأوضاع بما يحقق المصلحة
الوطنية في كافة المحاور .
لابد من التذكير هنا بأن عامل الزمن مهم جدا وحاسم في
بلورة الاستراتيجية النهائية ، يحمد كذلك للقائمين على الأمر أن هنالك وعيا بما
تستوجبه اللحظة التاريخية من تدابير وإجراءات وقرارات تجاه الأوضاع في دولة الجنوب
.
وحتي تري هذه الاستراتيجية النور فإن مهمتها النتبيه
إلى أن الأوضاع في ودولة جنوب السودان لن تستقر قريبا.. لا توجد إرادة سلام في
أوساط القوى المنتازعة للتواصل إلى سلام ... دورنا ينبغي أن يتجاوز التعامل مع
إفرازات الأزمة السياسية الاقتصادية
والأمنية إلى معالجة جزورها عبر التدخل الأحادي القوى لدى كافة الأطراف بدلا عن
ممارسة جهود لاتذكر عبر المنظومة الإقليمية ... السودان يتأثر بشكل أكبر من كل دول
الجوار ... سنتأثر بالضرورة أكثر من يوغندا وكينيا وإثيوبيا ، فلماذا نمارس نفس
الدور الهامشي الذي تلعبه هذه البلدان في تعاطيها مع أزمة دولة الجنوب ؟.
قناعتي التي تطرقت إليها في الحلقة الأولى من المقال ،
تقول إن القوات الدولية لن تتمكن من وضع حد للاقتتال والفوضى الأمنية في دولة
الجنوب ... لابد أن نرتب استراتيجيتنا للتعامل مع خطر وضع الدولة التي توصف بأنها
فاشلة (تحت الوصاية الدولية ) .
في ذهنية الجنوبين ينتفي تماما الإحساس بالقومية
والوطنية .. القبائل لازالت وستظل تدير اللعبة السياسية بفقه الغبائن و(الثارات) ، حلم الدينكا
بالانفراد بحكم الجنوب سيظل أملا وهدفا يهدد الدولة الوليدة باستدامة الحرب ويبقي
على نيران مشتعلة .
التداخل الدولي في جنوب السودان لن يكون حميدا بأي حال
من الأحوال في منطقة يسهل عبرها إعادة ترتيب الأوضاع وفرض السياسة الدولية القائمة
على مطامع وأجندة لن يكون ضمن أولوياتها أمن واستقرار السودان .
من المؤسف أن يكون ملف الجنوب كذلك شأنا حكوميا محضا ،
لأن الأطراف المعارضة ّات الصلة بالجنوبيين ينبغي أن تمارس دورها الوطني وتمنح
الجنوب نظرة تتجاوز الأطراف الحزبية والأجندة التكتيكية لنحصل على توافق من قبل
الحكومة والمعارضة على أهمية إيجاد حل سوداني لخلافات الجنوبيين توصد الباب أمام
المطامع الدولية.
في قمة أزماته مع السودان ، كان الرئيس الأريتري أسياس أفورقي ينصح قيادات الحركة الشعبية
بالابتعاد عن (جحيم ) تقرير المصير وعدم التفكير في الانفصال عن دولة السودان .
لن تستطيع حكومتنا أن تتعامل مع كل هذه المعطيات
والمؤشرات دون وجود (استراتيجية) واضحة تضع خططا للتعامل مع كافة السيناريوهات
التي ستكون ( مظلمة) للأسف .
من أوجه الاقترحات التي تلقتها عبر الهاتف أمس من أحد
الدبلوماسيين ضرورة أن تتحول :افة الجهات
المعنية بتطبيق اتفاقيات التعاون الثماني والاتفاق الإطاري مع دولة الجنوب إلى
مطبخ أو (مجموعة لإدارة ملف الأزمة) ووضع الاستراتيجية المطلوبة بما يضمن التنسيق
المحكم بين كافة الجهات المعنية تحت إشراف وزارة الخارجية إلى أن يقضي الله أمرا
كان مفعولا ..
محمد عبد القادر
تعليقات
إرسال تعليق