الخرطوم وجوبا .. الزيارة الأخيرة
بين يدي زيارة تعبان دينق النائب الاول الجديد لرئيس جمهورية جنوب السودان الصاعد على ركام معارك رفقاء السلاح والتمرد والنضال والانفصال ، والزيارة كالعادة مثل السابقات من حيث الاجندة مناقشة القضايا العالقة الامنية والسياسية وتاكيد متانة العلاقات الثنائية بين البلدين .
المعلق بين السودان وجنوبه والمعكر لصفو
الوداد كثير حتى حجب الرؤية عن رسم معالم الاتجاهات نحو التعايش السلمي بعد ان نال
الجنوب اماني الانفصال ( جمهورية ) ودولة بامتياز الا ان العقل الثوري المتحكم في
دولة جنوب السودان لا ينتج غير الحرب والدمار والقتال .
في كل زيارة جنوبية رفيعة المستوي يكون
فيها الوضع الجنوبي تحت تاثير حرب الرفاق الاعداء التي تضع دولة الجنوب على حافة
الهاوية ، وتعبان النائب الذي اتت به ظروف الصراع الدامي بين سلفاكير ومشار يدخل
القصر الرئاسي مع اقرارمجلس الامن الدولي ان الوضع الامني في جنوب السودان يتطلب
قوة دولية لحماية المدنيين ، وصدر القرار بارسال 4 الاف جندي اممي ، الامر الذي
يجعل الجنوب تحت الوصاية الامنية والسياسية ، ولا عزاء للانفصال والسيادة الجنوبية
.
وعلى هذا الواقع يزور تعبان الخرطوم قبل
حلول جند الامم المتحدة والاتحاد الافريقي لحل الاشكالات الداخلية والفصل بين
المتحاربين ، ولا اعتقد ان الوصاية الدولية على الجنوب يرفضها العقل السياسي في
جنوب السودان خاصة الحركة الشعبية الحاكمة فهي صناعة الوصاية الدولية من مهد
التمرد والحرب وحتي الحد الذي يعده الجنوبيون لواد مشروع دولتهم الان .
امام تعبان دينق كنائب اول للجنوب فرصة
لعكس جدية جنوب السودان في تحقيق الاستقرار بين البلدين واجراءات عملية تبدا من
طرد الحركات المسلحة وفك الارتباط بين دولة جنوب السودان وقطاع الشمال لان هذه
القضية حاجز الصد في حل القضايا العالقة ، وشواهد ايواء الجنوب للحركات المتمردة
التي تهدد السلم والامن في السودان موثقة ومعترف بها على لسان قيادات الجيش الشعبي
ومن خلال المعلومات ولا خيار امام الجنوب غير طرد الحركات لتحسين العلاقات
الثنائية وحل العالق منذ انفصال الجنوب في يوليو 2011 وما لم تتخذ حكومة الجنوب
هذا الاجراء فلن تتقدم العلاقات خطوة واحدة .
وضع الظرف التاريخي للحرب والقتال
والتمرد والانفصال ، العلاقات السودانية الجنوبية في الاطر الامنية والعسكرية ولا
تحتمل منهج الدبلوماسية الناعمة ، ولن تصل لمستوى الدبلوماسية الا اذا اتفق
البلدان على ازالة المهددات الامنية والعسكرية ، وما بين البلدين تاريخ من الحرب .
ورغم ان السودان قدم دولة الجنوب دولة
للجنوبيين مهرا غاليا للسلام وحتى تسكت الحرب ومع هذا يطارد الجنوب السودان باشباح
الحرب في جنوب كردفان والنيل الازرق ومازال على هذا الحال حتي زيارة تعبان دينق
هذه ولن تتخلي الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب عن ممارساتها السالبة تجاه
السودان ولن يستطيع تعبان دينق حاكم ولاية الوحدة التي احتضنت قوات العدل
والمساواة وقطاع الشمال امام بصره وسمعه ورعايته .
الان الوضع السياسي داخل دولتي السودان
تحديات وازمات افرزها واقع الجنوب قبل وبعدالانفصال حيث التمرد والحرب هنا وهنالك
والوضع الاقتصادي كذلك ، ورغم ان حال السودان افضل بمئات السنوات الضوئية الا ان
مشهد الحرب والتمرد في السودان ياتي من الجنوب وتعثر المفاوضات ياتي من الجنوب
وبذرة التمرد والحرب ، وان لم يقتلع الجنوب هذه البذور بيده فلن تنجح زيارة تعبان
دينق وسيظل الجنوب مستنقعا لحرب العصابات .
وليد العوض
تعليقات
إرسال تعليق