رياك مشار في الخرطوم ... الدوافع الإنسانية فوق السياسية
وزير الإعلام و الناطق الرسمي أصدر أمس بيانا جاء فيه
(( لقد إستقبل السودان ، أخيرا الدكتور رياك مشار ، نظراً لأسباب إنسانية بحته ،
على رأسها حاجته العاجلة للعلاج و الرعاية الطبية ، إذ كان عند وصوله في حالة صحية
تستدعي سرعة التعامل معها ، و قد سبق للأمم المتحدة أن أعلنت عن إستقباله بإحدى
دول الإقليم لذات الدواعي .
إن الحالة الصحية للدكتور رياك مشار مستقرة حالياً ، و
سوف يبقى بالبلاد إلى أن يغادر إلى حيث يشاءلإستكمال علاج.
تجدر الإشارة إلى إلى أنه قد جرى إخطار الأشقاء في
دولة جنوب السودان بذلك .
إن هذا البيان الصادر من الحكومة السودانية و الذي
أكدت فيه إستقبال رياك مشار النائب الأول السابق لحكومة جنوب السودان ،يؤكد أن
الحكومة تعاملت مع الأمر من ناحيته الإنسانية دون أن تنظر إلى أي أهداف سياسية و
الدليل أن الحكومة كانت واضحة و أعلنت هذا الأمر عبر بيانها الذي صدر أمس ، و
بالتأكيد قبله كانت الحكومة قد أخطرت حكومة جنوب السودان بالأمر كما جاء في البيان
، و بهذا تكون حكومة السودان قد تعاملتمع الأمر وفق رؤية صحيحة قد تجنبها كثيراً
من التحليلات السياسية أو الإعلامية في الأمر خاصة بعد التطورات التي حدثت في جنوب
السودان بعد خروج مشار و ما تلاه من وساطات إفريقيه أعادت مشار إلى القصر الرئاسي
في جوبا ، و ما حدث من تطور جديد أدى إلى خروج رياك مشار من جوبا مرة أخرى في ظل
ظروف غامضة إلى أن جاءت الأخبار أن القيادي الجنوبي قد وصل إلى دولة الكنغو
المجاورة في رحلة طويلة و غائبة التفاصيل عن المهتمين بمتابعة الشأن الجنوبي إن
كان من دول الجوار مثل يوغندا و كينيا و غيرها أو من المنظمات الدولية مثل الأمم
المتحدة أو المنظمات الإقليمية مثل الإتحاد الإفريقي أو منظمة الإيقاد التي رعت
الإتفاق الأول و بموجبه عاد مشار إلى ممارسته سلطاته كنائب أول
لرئيس حكومة الجنوب .
و التصرف السليم لحكومة السودان هو إخطار حكومة جنوب السودان بهذا
الموقف ، خاصة وأن بيان الخرطوم أثناء زيارة النائب الجديد لحكومة جنوب السودان
تعبان دينق و الذي خلف مشار في المنصب و كان قبلها حاكما لولاية الوحدة الغنية
بالنفط ، و بهذا الإخطار من الخرطوم إلى جوبا تكون الحكومة السودانية قد أوصدت
أبوابا كثيرة كان يمكن أن تفقتح لو تكتمت الخرطوم على أمر مشار و علاجه في السودان
، و بالتالي أن طرفي الراع في الجنوب قد يقرأ كل واحد منهما هذا الأمر قراءة
مختلفة كل حسب إتجاهاته و إرتباطاته الإقليمية و الدولية .
و القراءة الأولى هي أن حكومة جنوب السودان بقيادة
سلفاكير ميارديت ستصنف حكومة الخرطوم بأنها تقف مع الطرف الآخر و تقدم له الخدمات
من بينها علاج القائد الطرف الثاني ، و بالتالي تبني حكومة جنوب السودان وفق هذا
التطور الذي حدث. و الأمر الثاني أن التحالفات الإقليمية المرتبطة أصلا بالصراع
الجنوبي ستبرز إلى السطح السياسي وفق هذا التطور الذي حدث و أن الأسباب إنسانية كل
هذا كان يمكن لو لم تعلن الخرطوم وصول مشار إليهابإعلان رسمي منالناطق الرسمي
للحكومة ، و أيضاً لو لم يتم لإخطار حكومة الجنوب .
و السودان تعامل مع الصراع الجنوبي بحكمة لأنه يعرف
جيدا أن قضية الصراع دخلت الحيزين الإقليمي و الدولي ، أو هكذا توقع و هو بالفعل
ما حدث ، لهذا كان موقف السودان هو الأقرب لقيادة الوساطة لعدة أسباب منها أنه هو
الدولة الأم و الثاني هو الأقدر على معرفة تفاصيل الصراع ، و العمل على كتابة
الروشتهىالمناسبة لوقف نزيف الصراع ، و السودان يعلم أن تدخله منفرداً، قد يجلب له
بعض القراءات غير الصحيحة من المهتمين بالملف الجنوبي لإن كان دولاً أو منظمات .
و هذا ما أكده نائب رئيس القطاع السياسي بالحزب د. عبد
الملك البرير ، حيث قال أن السودان ليست لديه مصلحة في عدم إستقرار الجنوب ،
موضحاأن الأولوية الآن لإنهاء الصراع و إيقاف الحرب بين الفرقاء الجنوبيين .
و أكد أن موقف السودان واضح و هو مساندة الشعب الجنوبي
في إطار المنظومة الإفريقية تحت إشراف (الإيقاد) و زاد قائلاً مستعدون أن نبذل
قصارى جهدنا من أجل أن تصل الأطراف الجنوبية لسلام عبر ممثلى مجموعة الإيقاد
الأفريقية ، مؤكداً أنهم لايريدون التداخل في الشأن الجنوبي إلا بمواقفة الفرقاء
الجنوبين أنفسهم .
حكومة جنوب السودان تعلم ان للخرطوم دورا في حل القضية
وهذا ما اكدته زيارة تعبان دينق النائب الاول خاصة بعد التطوارت التي دعت الى وجود
قوة دولية في جنوب السودان ، لتضمن الاستقرار وحكومة سلفاكير تحتاج الى تخفيف
الضغط الدولي وتدرك تماماً انالخرطوم يمكن
ان تلعب دورا كبيرا في هذا الاتجاه ، وان وجود مشار في الخرطوم للعلاج قد لا يشكل
هاجسا والسودان فعلا يتعامل من الجنوبين ان كانوا قادةاو مواطنين من منطلق انساني
في المقام الاول دون النظر في توظيف هذا الجانب الانساني سياسيا ، وهذا ما أكدته
السنوات التي اعقبت الاستقلال في العام 2011م ، وهذا بالفعل ما توصلت له حكومة
سلفاكير من خلال تعاملها مع السودان قبل وبعد الانفصال .
تعليقات
إرسال تعليق