افق التسوية في دارفور والمنطقتين

تعثرت الجولة الاخيرة من المحادثات التي اشتضافتها العاصمة الاثيوبية اديس ابابا بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال ، من جهة وحركتي العدل والمساواة بزعامة جبريل ابراهيم وتحرير السودان برئاسة مني اركو مناوي من جهة اخري .
جاءت الجولة بعدما ارتفع سقف التفاؤل بتوقيع قوى نداء السودان على خارطة الطريق الافريقية ، التي تلزم الاطراف الموقعة بالدخول مباشرة من مناقشة وقف العدائيات وتوصيل المساعدات الانسانية الي المتضررين .
رئيس وفد الحركة الشعبية الذي كان يواجه ضغوطا من نافذين في الحركة وابناء المنطقتين واتهامات بترجيح اجندته الخاصة ، وقع في ما يشبه الابتزاز مما دفعه الي التشدد وتوجيه رسائل تتجاوز طاولة المفاوضات ، الامر الذي يفسر الانقلاب في مواقفه بين كل جولة اخري .
الحركة الشعبية التي وقعت خارطة الطريق تحت ضغوط غربية متصلة ، ليس يسيرا عليها المضي قدما لتوقيع اتفاق سلام في الوقت الحالي ، لارتباطاتها مع جنوب السودان المنقسم على نفسه ، وتحالفاتها الداخلية مع بعض قوي اليسار الرافض للحوار الوطني ، لذا ستظل تراوغ وتعمل لكسب عامل الوقت ريثما تزول التعقيدات التي تحيط بها ، وفي النهاية ستجد نفسها في مازق وستعود لطريق السلام مثلما فعلت مع خارطة الطريق .
حركتا جبريل ومناوي تسعيان الي تحقيق مكاسب من رفع سقف مطالبهما في طاولة التفاوض ، لكن الواقع على الارض والظروف التي تعيشها الحركتان والتطورات الاقليمية والدولية ستحملهما  الي السلام حملا .
اما زعيم حزب الامة الصادق المهدي ، فصار في موقف حرج بعدما دخل في تحالف مع حركات مسلحة لديها مواقف واجندة متقاطعة وكل طرف لديه مرام مختلفة من الاستقواء بحليفه ، واذا لم يستطع السير خلف اجندتها ، الامر الي سيدفعه الي مفارقتها واغليب مصلحة حزبه والخيارات التي ظل ينادي بها .
الحكومة تعتقد ان التطورات الاقليمية والدولية ، تهب في اشرعتها وليس هناك ما يدعوها الي تقديم تنازلات تكون خصمها على مكاسبها ، فالتحالف العربي يشكل ستدا سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا ، والمجتمع الدولي مشغول ببؤر التوتر الساخنة في سوريا والعراق وليبيا ، ولا توجد معارضة داخلية متماسكة تسبب لها هاجسا .
بالطبع لا يمكن تجاهل التاثير الدولي والاقليمي على مساري التفاوض ، فالقوي الدولية التي تعتبر نفسها شريكة للاتحاد الافريقي الراعي للمفاوضات تضغط في اتجاه تسوية بين الفرقاء السودانيين يتسق مع اجندتها وسياستها في المنطقة ، وهي سياسة تتوافق في جزء منها على سلام يضمن استقرارا مرحليا ريثما يعاد ترتيب المنطقة ، وعزلها حاليا عن الفوضي الخلاقة في الشرق الاوسط .
الفرز الذي احدثه الصراع بين حركات درافور والحركة الشعبية علي رئاسة الجبهة الثورية سيرفع الحرج عن اي طرف يرغب في تحقيق جزء من مصالحة بمعزل عن غريمه ، كما سيخفف الضغوط عن جبريل ومناوي ويدفعهما للتفكير بطريقة اكثر استقلالا وبراغماتية .
النور احمد النور



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قرقاش يستقبل وزيرة الخارجية السودانية

مشاركة متميزة للوفد الرياضي بكأس الأمم الإفريقية

حزب الوطن:القوات المسلحة والدعم السريع الضامنان للفترةالانتقالية