المفاوضات ... انهيار حقيقي أم مقصود ؟
انهيار المفاوضات التي جرت وانطلقت بين الحكومة وبين
منظومة (نداء السودان) ، كان أمراً غير
متوقع في تقدير الكثيرين ، ومازال كذلك ، وهذه الجولة ستكون الأخيرة لاشك في ذلك وإن تعددت فصولها ،
والانهيار في مثل هذه الحالة لن يكون حقيقياً ، بل ربما كان انهياراً مقصوداً ،
لتتم مواصلته واستئنافه لاحقاِ ، فلا الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) التي جعلت من نفسها (الأخ
الأكبر) لكل الحركات المتمردة بمتمكنة من السيطرة الحقيقية على مقاليد الأمر داخل
تلك المنظومة المعارضة ، ولا السيد "
الصادق المهدي " إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي بكل ثقله السياسي ، بقادر على ان يتعامل
سياسياً مع هذه الحركات المعارضة (
المعارضة) بحيث يكون للمعارضة المسلحة والمدنية صوت واحد يعبر سياسياً عن كل الجسم
الذي تواضعت الحركات المسلحة على أن يعبر عنها ، ولا الحركات الدارفورية المسلحة
بقادرة على فرض رؤيتها ونهجها وسياستها داخل (نداء السودان) بحيث تعلو على مايصرحه
(الأخ الأكبر) الذي هو الحركة الشعبية (شمال) التي تعاني هي ذاتها من صراع مكتوم على
مستوى كابينة القيادة أو غرفة التحكم داخلها ، خاصة وأن قائداً مثل السيد
"ياسر عرمان" يعتبر أنه أعلى كعباً من غير تاريخاً وإرثاً نضالياً
، وارتباطاً بالقائد المؤسس للحركة
الشعبية لتحرير السودان ، وهو ما جعل
العلاقة بينه وبين بقية القيادات علاقة غير سوية أو متوازنة ، وأصبح بعضهم يكيد
لبعضهم كيداَ ، ويتسابقون لإرضاء حكومة " سلفاكير " بل أن بعضهم رهن
نفسة لصالح نظام الحكم القائم في دولة جنوب السودان ، بحيث أصبحت أوضاع الكثيرين منهم مهددة بعد
الموجهات الدامية بين "سلفاكير" ونائبه الأول السابق " رياك
مشار" .
الجبهة الثورية ( المسلحة ) أو (نداء السودان ) الذي
حاول أن يجمع مابين المعارضة المسلحة والسلمية ، لم تكن يوماٍ واحداً على قلب رجل
واحد ، فأطماع القيادة ، ومحاولة فك احتكار المال وفك قبضة " عرمان "
القوية من حسابات البنوك والتغذية المالية من قبل الداعمين ، وحاجة الحركات
المسلحة لسداد رواتب مجنديها ، وسعي بعض القيادات لتعزيز موقفها بمزيد من
الامتيازات ، كل ذلك أصعف من الوضع المالى ، مع انشغال الغرب بقضايا أخطر واكبر
تهدد استقراره وأمنه مثل قضايا اللاجئين وتجارة البشر ، ومحاولة الإرهاب الثابت والمتنقل
، كل ذلك وغيرة من قضايا داخلية في الغرب أو إقليمية أو دولية مثل الحروب
التي اشتعلت في كثير من دول العالم ، كل ذلك جعل اهتمام الدول الغربية بالشأن
السوداني يتراجع عدة درجات ، ولم يعد أمر دعم المعارضة بالمل والسلاح شيئاً مهماً
، إذا ما كان ثأثيراته السلبية على الأوضاع الأمنية في المنطقة في المنطقة
والإقليم .
ومع ذلك تعنت بعض المتفاوضين وتشددوا في المواقف حتى
لا تهتز صورة قيادات تلك الحركات في مخيلة المنسوبين والأتباع ، لكن التفاوض أصبح
أمراً واقعاً ومهماً وضرورياً ، ولانتوقع أن يصل المتفاوضون الى اتفاق سريع ،
لكنهم سيصلون في نهاية الأمر ، ستنعقد جلسات وتنفض ، وتنعقد وتنفض عدة مرات ويطرح
المتفاوضون آراءهم ووجهات نظرهم ، ليجلس الخبراء الدوليون لدراسة كل ماتم طرحه ،
ويحاولون تقريب وجهات النظر ، و(لملمة ) شتات المقترحات ، لتتم صياغة وثيقة سلام
يتم الدفع بها للمفاوضين لتوقيع ، إما تحت مظلة الوسطاء الأفارقة ، أو حتى تحت
مظلة دولية لضمان التنفيذ .. المفاوضات لم تفشل ولم يحدث لها انهيار .. فالذي حدث
مقصود .. والله أعلم .
قبل الختام .. لأهل الخير
الطفل (م. ط.أ) يبلغ من العمر سبع سنوات ضربه المرض
الخبيث فأصيبت سلقه ومفصل الساق اليمين بالورم ، سعى به أهله في كل اتجاه إنقاذاً
لحياته ولم تعد الأم ولا الأب ولا أي من أفراد الأسرة أية قدرة على احتمال بكاء
الطفل المريض وشكواه من الألم الشديد المستمر ، وأخيراً توجه أهل الطفل المريض إلى
مصر ، بعد أن ظهر بصيص أمل في العلاج ، وسعدوا كثيراً لأن إمكانية العلاج متوفرة ،
لكن تكلفة العلاج هي التي لم تتوفر ، وقد تطابقت الفحوصات والنتائج مع ماتم إجراؤه
في السودان وأصبح من الضروري استئصال الممفصل وجزء من الساق واستبدالها بجزئين
صناعيين ، لكن تكلفة العملية فوق طاقة الأسرة ، إذ تبلغ (12) ألف دولار .. لاتملك
منها أسرة الطفل (م) شيئاً ... ولجات الأسرة إلى الله تعالى عن طريق أهل الخير
الذين يريدون إيداع رصيد ينفعهم يوم الحساب .. وطلب مندوب الأسرة أن ننشر مناشدة
منهم لكل أهل الخير للمساهمة في علاج (م) ذي السنوات السبع .. مع مناشدة لديون
الزكاة حتى يسهم ولو بالقليل وهم على ثقة بأن الله لن يتركهم وحدهم .. وهو عز وجل
معهم من خلال أهل الخير .. ولمن أراد المساهمة يمكن الاتصال برقم 0922070501 والله
لايضيع أجر من أحسن عملاً ....
مصطفى أبو العزائم
تعليقات
إرسال تعليق