أخي امين : اياكم وتضيع الفرصة
اقول مواصلا مقال الامس اننا قد احبطنا
بعد ان خابت امالنا في توقيع اتفاق ينهي الحرب ويحقق السلام كنا قد تفاءلنا بدنوه
وكتبنا مبشرين اهلنا فاذا بجبل البشريات يتمخض عن لاشئ ولو فارا مريضا فلا حول ولا
قوة الا بالله .
كنت متفائلا رغم تحذيري في المقال مما
يمكن ان يحدثه الرويبضة عرمان ومما ينطوى عليه من مكر كبار جبل عليه طوال عمره
المترع بالدماء والخراب والتامر فقد كنت اظن ان مسار دارفور علي الاقل سينتج عنه
اتفاق مع كل من جبريل ومناوي سيما بعد ان استيقنت او كدت ، عن رغبة حقيقية في
السلام بدت منهما ومن الامام الصادق المهدي الذي لعب دورا محوريا في اقناع حلفائه
في (نداء السودان ) لتوقيع خارطة الطريق ولكن عرمان افلح كما توقعت في سوق حلفائه
للربط بين مساري دارفور والحركتين بحيث يتم الاتفاق حولهما في وقت واحد .
في مقال الامس نشرنا فضيحة الناطق باسم
قطاع الشمال مبارك اردول ، القريب من عرمان ، وهو يخرج اضغانه عبر تسريب خطير كشف
فيه حقيقة زواج المتعة ( المؤقت ) بين قطاع الشمال وبين حزب الامة وحركتي دارفور (
جبريل ومناوي ) كما كشفنا عما ابرزه التسجيل السري عن العلاقة الاستراتيجية بين
عرمان والمعسكر الشيوعي المتثمل في قوى الاجماع وعبدالواحد والحزب الشيوعي
السوداني والذين قاطعوا الحوار من اول يوم بينما شاركوا في توقيع خارطة الطريق من
خلال حليفهم عرمان الذي يلعب دور ( شوكة الحوت ) حيث وقع على الخارطة لكي يجهض
الحوار والتفاوض في مرحلة لاحقة كما حدث
في اديس ابابا مؤخرا ، الامر الذي دعانا لان نطلب من الامام ومناوي وجبريل الا
يسمحوا لعرمان ، وقد تعرى امامهم وانكشف مكره ، بان يخدعهم ويتلاعب بهم ويحقق
استراتيجيته من خلالهم وذلك بان يحبظا مخططه وحلفاءه الاستراتيجيين ويمضوا باتجاه
فصل مسار دارفور عن مسار المنطقتين الذي يتخذه عرمان حائط صد يحول دون التوصل الي
اتفاق .
اقول مخاطبا معسكر الحكومة ان عليهم ان
تلعبوا ( بولتيكيا صاح ) بان تبذلوا كل مرتخص وغال في سبيل انهاء ازمة دارفور سيما
وان الادارة الامريكية راغبة ، كما اشارت كثير من التقارير الاستخبارية والسياسية
، في طي الملف السوداني لاعتبارات متعلقة بملفي الارهاب وجنوب السودان اللذين تعول
فيهما على دور سوداني يتماهى مع سياستها وتوجهاتها .
ذلك يقتضي ان لا تغرق الحكومة ( في شبر
موية ) وتنشغل بالنوافل دون الفرائض محقققة لعرمان مبتغاه في تاخير التوصل الي
اتفاق في المسارين الي ان ينتهي اجل ادارة اوباما وتبدا ادارة امريكية جديدة لن
يكون السودان الا في مؤخرة اهتماماتها .
اخشي ما اخشاه ان تفوت الحكومة هذه
الفرصة المواتية ( وتتمحرك ) في الانشفال بقضايا ثانوية منصرفة عن هدفها الاستراتيجي
المتمثل في انجاح الحوار .
لا اشك في رغبة كل من جبريل ومناوي في
التوصل الي سلام اما الامام الصادق المهدي فقد كان هو الاحرص علي دفع الطرفين (
الحكومة وحركتا دارفور ) نحو الاتفاق بل ان الرجل ابدي رغبة عبر عنها بقوة في
العودة الي حضن الوطن بعد اغتراب طال امده .
ذلك ما يدعوني الي ان اطلب الي صديقي
امين حسن عمر ان يبدي حرصا اكبر مما رايت في سبيل التوصل الي اتفاق مع حركتي
دارفور فقد تابعت عددا من قروبات الواتساب ، واكاد اجزم ، واعلم ان امين مصدقي ،
ان معظم المتداخلين من شتي الاتجاهات السياسية بمن فيهم عدد من اتباع المؤتمر
الوطني يتفقون ان امين كان متصلبا بل متجهما في مواجهة الطرف الاخر .
لا اري سببا البتة في تصعيب الاتفاق حول
احداثيات مواقع قوات حركتي دارفور وليت الطرف الحكومي يتساهل حول هذه القضية ولا
اري مقارنة بين ان يوقع اتفاق مع حركتي دارفور باسقاط كامل لهذا البند من طرف
الحكومة وبين ان يفشل الطرفان في الاتفاق لمجرد انهما تصلبا في مواقفهما واختلفا
فالفرح بالاتفاق لا يعدله تعويقة بسبب هذه المشكلة ولا عشر من امثالها .
اقول للطرفين : انهوا ملف دارفور مهما
بلغ حجم التنازلات وشتان شتان بين ملف دارفور وملف المنطقتين بكل تعقيداته اليت
ولغ فيها مجلس الامن من خلال قراره القبيح (2046) كما ولغ فيه الرويبضه عرمان
بمشروعه القمي ( السودان الجديد ) المهدد لامن السودان القومي والهادف لاعادة
هيكلة الدولة السودانية .
نعم ، ما لا يدرك كله لا يترك جله وهناك
فرق هائل بين ان ينعقد مؤتمر الحوار في العاشر من اكتوبر القادم وقد تجاوزنا مشكلة
دارفور وحضرت جميع حركاتها المسلحة حتى لو غاب الرويبضة وقطاع الشمال وبين ان
ينعقد المؤتمر بدون ممثلي حركتي مناوي وجبريل .
الطيب مصطفي
تعليقات
إرسال تعليق